القاهرة| للمرة الأولى منذ قيام ثورة 25 يناير المصرية، اختارت نشرات أخبار القنوات الإذاعية والتليفزيونية المصرية العامة والخاصة والصحف بانتماءاتها أحداث مباراة الزمالك والأفريقي التونسي في دوري أبطال أفريقيا لكرة القدم لتكون على رأس نشراتها الإخبارية ومانشيتاتها الرئيسية، بعدما تحول حدث اقتحام جماهير الزمالك لأرض الملعب وإلغاء المباراة إلى قضية سياسية لا رياضية. وكان التساؤل الرئيسي المطروح هو ما تساءله رجل الشارع العادي: هل ما حدث في استاد القاهرة من مهزلة فاضحة مجرد أعمال شغب وبلطجة كروية من جماهير الزمالك؟ أم أنها جزء من حملات الثورة المضادة التي يعانيها المجتمع المصري حالياً بهدف إفشال الثورة
وإفسادها؟!
أي هل الأمر له أسباب رياضية وكروية محضة؟ أم أن الأمر كان عملية مدبرة من فلول النظام السابق لا تقل خطورتها عن موقعة “الجمل” الشهيرة التي وقعت في ميدان التحرير يوم 2 فبراير الماضي، أو عن واقعة إحراق كنيسة قرية صول بأطفيح قرب القاهرة الشهر الماضي، أو عن ظاهرة الاعتصامات الفئوية المبالغ فيها من عمال بعض المؤسسات وموظفيها؟ أو عن واقعة الاعتداء على مرشح الرئاسة المحتمل الدكتور محمد البرادعي في يوم الاستفتاء التاريخي على التعديلات الدستورية يوم 19 مارس الماضي أيضاً؟! وهي كلها وقائع وُصفت بأنها أبرز ملامح الثورة المضادة التي يقودها أفراد من النظام السابق لإفشال ثورة يناير!
نادي الزمالك، من جانبه، يصر على أن ما حدث في استاد القاهرة لم يكن له علاقة بكرة القدم ولا بأحداث المباراة، وطالب في بيان له الاتحاد الأفريقي “الكاف” بضرورة مراعاة ذلك عند توقيع عقوباته على الزمالك. فالمستشار جلال إبراهيم، رئيس النادي الأبيض، وصف ما حدث صراحة بأنه كان مدبراً من جهات وعناصر مدسوسة على جمهور الزمالك، وكان هدفها تقديم رسالة واضحة إلى الشعب المصري والعالم أجمع بأن عودة الاستقرار والنشاط الكروي والرياضي إلى مصر لن تحدث، وخصوصاً بعدما كان الاتحاد المصري لكرة القدم وجهات الأمن قد اتفقا أخيراً على استئناف مباريات الدوري المصري المتوقف منذ الثورة بداية من يوم 15 أبريل
الحالي.
أما إبراهيم حسن مدير الكرة في الزمالك، فقد تنصل من تصريحاته التحريضية السابقة التي أدلى بها عقب مباراة الذهاب بين الفريقين، حيث انتقد فيها اقتحام عدد قليل من مشجعي الأفريقي لأرض الملعب وهدد فيها بأن تفعل جماهير الزمالك المثل في مباراة العودة بالقاهرة، فقال إن ما تردد عنه للنزول إلى أرض الملعب احتجاجاً على الحكم الجزائري محاولات لتصوير الموقف على أنه شغب كروي. وأشار إلى أنه وأخاه حسام احتضنا الحكام لحمايتهما من أي اعتداء.
ونفى مشجعون من قادة جماهير “الألتراس” الزمالكاوية مشاركة أي من أعضاء الألتراس في هذه الأحداث، وقالوا إنهم شاهدوا بأعينهم مجموعات غير معروفة أو “بلطجية” ينتقلون إلى استاد القاهرة منذ الصباح في سيارات “نصف نقل”، وهم يحملون معهم أعلام الزمالك وبعض العصي والأسلحة البيضاء، ما يثير التأكيدات بأن ما حدث هو بلطجة سياسية مرتبطة بأحداث الثورة ولا علاقة لها من قريب أو بعيد بجمهور الزمالك.
أمام هذا، قرر المجلس الأعلى الذي يدير البلاد حالياً تأليف لجنة لتقصي حقائق «البلطجة»، وصولاً إلى عقوبات تصل إلى حد «السجن المؤبد».