بطبيعة الحال، كان مدرب منتخب البرازيل، كارلوس دونغا، ومعه كل البرازيليين، يشعرون بالسعادة عند كل لقطة وتمريرة وهدف للاعب دوغلاس كوستا مع فريقه الجديد بايرن ميونيخ الألماني، الذي انتقل إلى صفوفه في الصيف الماضي آتياً من شاختار دونيتسك الأوكراني ليبرز في "البوندسليغا" على نحو فاق التوقعات، وفاجأ البافاريين أنفسهم حيث أصبح من أهمّ أعمدة الفريق حالياً. كان التفاؤل كبيراً بأن ينسحب هذا التألق في الملاعب الألمانية لهذا اللاعب الموهوب على منتخبه الوطني.
أول من أمس تأكد هذا الأمر ولمسه البرازيليون عندما تألق كوستا مع "السيليساو" في المباراة أمام البيرو في الجولة الرابعة من تصفيات أميركا الجنوبية لمونديال 2018 في روسيا، وقاد بلاده إلى فوز مهم بثلاثية نظيفة، بتسجيله هدفاً وصناعته هدفين، يبدو بطل العالم خمس مرات بأمسّ الحاجة له وذلك بعدما أبقاه دونغا على مقعد البدلاء في المباراة أمام الأرجنتين حتى الدقائق الأخيرة، علماً أنه تسبب حينها بهدف التعادل فور نزوله بكرته التي اصطدمت بالعارضة.
يمثّل كوستا إضافة مهمة لخط هجوم "السيليساو"


لا يمكن لوم دونغا هنا على عدم اشراكه كوستا أساسياً في المباراة أمام الغريم الأزلي، إذ إنه ربما أراد أن لا "يخاطر" به في لقاء من هذا النوع حتى لا تكون مباراته الأهم بعد بروز نجمه في بلاد الألمان ذات محصلة سلبية فيما لو لم يتمكن من الظهور فيها، إذ كما هو معلوم ويُحسب لدونغا فإنه كان قد استدعى لاعبه إلى التشكيلة عام 2014 عندما كان لا يزال في صفوف شاختار دونيتسك واستدعاه لبطولة "كوبا أميركا" حتى قبل أن "يكتشفه" مدرب البافاري الإسباني جوسيب غوارديولا.
على أي الأحوال، فإن وجود كوستا في التشكيلة البرازيلية بات أمراً ضرورياً ومطلوباً ومهماً في بلاد تبحث عن النجوم من عيار بيليه وزيكو وروماريو ورونالدو وريفالدو ورونالدينيو وكاكا، حيث يبدو واضحاً أن هذا اللاعب يحمل جينات هؤلاء ومرشح للسير على خطاهم وخصوصاً أنه لا يزال في الخامسة والعشرين من عمره.
وبالحديث عن النجوم الكبار حالياً في تشكيلة "السيليساو" فإن الأنظار تتجه سريعاً إلى نيمار، فيما أن أوسكار ثبت أنه ليس "ريفالدو الجديد" وليس إلا لاعباً موهوباً أو نجماً عادياً بالـ "مقياس البرازيلي" وهذا ما ينطبق على فيليبي كوتينيو وويليان وفيرمينيو. من هنا، فإن منتخب البرازيل يبدو بأمسّ الحاجة لنجم كبير جديد يخفف العبء الملقى على كتفي نيمار، ويجعله يمثل معه ثنائياً مرعباً على غرار ثنائية رونالدو - ريفالدو، وقبلها بيبيتو - روماريو (مع فارق في المراكز)، يكون مربكاً للخصوم الذين يجدون صعوبة في ايقاف نيمار فيما لو كان "في يومه" بمساندة من زملائه، فكيف بوجود لاعب مهاري وموهوب مثل كوستا إلى جانبه؟
كذلك، فإن وجود كوستا في التشكيلة البرازيلية يعطي حلولاً هجومية إضافية وقوة لهذا الخط من خلال الإختراقات السريعة المميزة لهذا اللاعب وقدرته على التسجيل وإجادته التسديد، فضلاً عن صناعة الأهداف لزملائه وفي مقدمهم نيمار، الذي سيستفيد أيّما استفادة من استمرار كوستا بتطور مستواه.
ليس غريباً أن يرفع البرازيليون الآن القبعة لبايرن، وبالدرجة الأولى لغوارديولا الذي تبدو لمسته واضحة على كوستا من خلال نضج الأخير التكتيكي، وهذا ما من شأنه أن يترك ارتياحاً واطمئناناً لدى هؤلاء الساعين بكل قوة للخروج من صدمة مونديالهم، التي لم تجف دموعهم جراءها بعد.
ما يبدو واضحاً، وعلى خلاف نجم الأرجنتين وبرشلونة الإسباني ليونيل ميسي مثلاً وغيره، أن دوغلاس كوستا متألق، على السواء، بقميص البافاري والبرازيل، وهو النجم الجديد الذي انتظره البرازيليون على أحرّ من الجمر بعد بزوغ نجم نيمار، وإذا به يولد في التوقيت المناسب.