اتخذت ادارة نادي العهد قراراً تاريخياً هو الأول من نوعه في الكرة اللبنانية حين أوقفت ثلاثة لاعبين وإدارياً على خلفية تورطهم في قضية التلاعب ببعض نتائج مباريات الفريق في مسابقات كأس الاتحاد الآسيوي في سنوات ماضية، رغم أن بيان العهد لم يقدم الأسباب التي أدت الى اتخاذ هذه القرارات.
وجاء في بيان العهد
«بتاريخ 18 / 12/ 2012 اجتمعت الهيئة الادارية في نادي العهد بحضور كامل اعضائها وقررت ما يلي: – توقيف اللاعبين: محمود العلي، حسن مزهر، محمد حمود حتى اشعار آخر. – توقيف الموظف الاداري في النادي فادي فنيش. – اتخاذ عقوبات ادارية ومسلكية داخلية بحق مجموعة أخرى من اللاعبين. – تحتفظ الهيئة الادارية لنادي العهد بحقها باتخاذ الاجراءات القضائية والقانونية اللازمة تجاه كل من الحق الأذى المادي والمعنوي بالنادي أمام الجهات المختصة».
القصة بدأت مع تصاعد الحديث عن وجود مكاتب مراهنات خارجية استطاعت أن تخترق بعض الفرق اللبنانية، اضافة الى تواطؤ لاعبين في المنتخب اللبناني في مبارياته ضمن تصفيات كأس العالم، ومنتخب دون 22 عاماً في تصفيات كأس آسيا. لكن كل الحديث بقي في خانة كلام دون اثباتات، حتى توسّع اتحاد اللعبة في التحقيقات بمساعدة أطراف أخرى قبل أن يقرر تشكيل لجنة تحقيق (لم تشكّل حتى الآن) للتوسع في تحقيقات التلاعب في مباريات المنتخب.
لكن التلاعب في المنتخب الوطني يعتبر نقطة في بحر التلاعب على صعيد الأندية التي شاركت في كأس الاتحاد الآسيوي، حيث يؤكّد أحد الأشخاص المتابعين لعمل لجنة التحقيق التي شكلها العهد أن جميع الفرق اللبنانية التي شاركت في آسيا تعرضت للاختراق من العهد الى الصفاء الى النجمة والأنصار والمبرة.
لكن نادي العهد كان النادي الوحيد الذي اتخذ القرار الجريء بالسير في الموضوع حتى النهاية مهما كلّف الأمر، انطلاقاً من القيم التي يقوم عليها النادي كما يقول أحد القيمين عليه والذي يعتبر من الشخصيات الرئيسية فيه.
ولا شك أفي ن ما قام به العهد يسجل له على صعيد الجرأة والشجاعة بعيداً عن تغليب مصلحة الفريق على الصعيد الفني أو المادي، في حال كانت الأسباب الموجبة لتلك القرارات مؤكّدة. فبالنظر الى هؤلاء اللاعبين من الناحية المادية والمبالغ التي يمكن أن تحصل عليها خزينة النادي في حال بيعهم، يتبيّن أن النادي قد خسر أكثر من 600 ألف دولار خصوصاً أن أحد اللاعبين وهو محمود العلي كان مرشحاً للاحتراف في الخارج بعد استعادة مستواه نتيجة الاصابة. فالعهد يحصل على 50% من قيمة احتراف أي لاعب لديه كما حصل مع اللاعب حسن معتوق مع عجمان والشعب الإماراتيين.
وفي التفاصيل أن ادارة نادي العهد شكّلت لجنة تحقيق قيل إنها تضم أعضاء من حزب الله، ليتبيّن لاحقاً أنها معلومات غير صحيحة بتاتاً، إذ إن اللجنة مؤلفة من إداريين في نادي العهد ولا يوجد أي عضو من خارجه والأعضاء هم: محمد حيدر، محمد عاصي، تميم سليمان، ناصر زين الدين وعلي زنيط.
وشمل التحقيق جميع لاعبي الفريق في الفترة الماضية حيث اعترف سبعة لاعبين بتورطهم بالتلاعب مشيرين الى تورط اللاعبين الثلاثة الآخرين العلي، مزهر وحمود الذين رفضوا هذه الاتهامات نافين أن يكونوا قد تورطوا في هذه القضية لا من قريب ولا من بعيد. وترتكز معلومات لجنة التحقيقات على اعترافات اللاعبين التي هي موثقة بالصوت والصورة لكل لاعب على حدة. ويجري الحديث عن أرقام كبيرة على صعيد الأموال إذ إن أقل لاعب تقاضى 5 الى 6 آلف دولار عن كل مباراة وبعضهم من اللاعبين الاحتياط، كما ترتفع المبالغ الى 8 آلاف دولار وأكثر. «فإذا كان اللاعبون الاحتياط يتقاضون مثل هذه المبالغ فكيف بالنسبة للاعبين الأساسيين الكبار؟» يقول أحد الاداريين في النادي.
واللافت أن لجنة التحقيق العهداوية حصلت على معلومات تتعلق بلاعبين من فرق الأندية الأخرى، ما يضع تلك الأندية أمام حرج عدم الدخول في تحقيقات كما فعل العهد، والابقاء على سياسة «التطنيش» ووضع الرؤوس في الرمال.
ويؤكد الاداري الكبير في العهد أن النادي سيرسل ما لديه من معلومات الى اتحاد اللعبة محدداً أسماء الأشخاص المتورطين مباشرة أو بطريقة غير مباشرة «بهدف تنظيف الكرة اللبنانية من الوسخ الذي تعاني منه والذي يحد من طموح هذه اللعبة القادرة على التقدم في حال قام كل ناد بما هو مطلوب منه، والعهد قد بدأ الموضوع من عنده».
اتحادياً، قالرئيس الاتحاد هاشم حيدر أن اللجنة العليا للاتحاد ستجتمع الإثنين لدراسة الموضوع قبل اتخاذ أي قرار، خصوصاً أن النصوص القانونية لا تتضمن ما يتعلّق بهذا الموضوع نظراً لكونه يحصل للمرة الأولى، ما يفتح الباب على ضرورة تعديل القوانين وتحديثها في لعبة كرة القدم.
من جهته، استغرب الاداري فادي فنيش، في اتصال مع «الأخبار» القرارات التي اتخذتها ادارة العهد مؤكداً ما قاله للجنة التحقيق من أنه لا يعرف شيئاً عن الموضوع أو هو متورط فيه كما أنه لا يعرف لماذا اتخذوا مثل هذا القرار خصوصاً أنه غير واضح في ما يتعلّق باللاعبين الآخرين، ليختم كلامه «الله يسامحهم».
أما المهاجم محمود العلي فقد وضع ما حصل معه في خانة «الافتراء» من قبل بعض اللاعبين مشيراً إلى أنه أبلغ اللجنة بأنه جاهز لمواجهة هؤلاء اللاعبين والجلوس مع اللجنة وتحليل المباريات التي قيل أنها مركبة ومنها على سبيل المثال مباراة لبنان والإمارات الودية والتي انتهت بنتيجة 6 - 2 لصالح الإمارات، اضافة الى مباريات أخرى في كأس الاتحاد الآسيوي ودورة الصحافيين في سوريا. أشار العلي الى أن اللجنة طالبته بالاعتراف مقابل تخفيف العقوبة عنه «أسوة بباقي اللاعبين الذين كانت أقصى عقوبتهم حسم راتب شهر، لكنني رفضت ذلك وكذلك مزهر وحمود وفنيش لأننا غير مذنبين».



العلي يأسف لهذا التعاطي

أسف لاعب العهد محمود العلي أن «يكافأ» من قبل ناديه بهذه الطريقة رغم كل ما قدمه للنادي. فالعهد فاز بجميع ألقابه مع العلي وزملائه، كما كان له بصمة رئيسية في تأهل منتخب لبنان في تصفيات كأس العالم، وأصيب بالرباط الصليبي في لقاء الإمارات وهو في طريقه لتوقيع عقد احتراف مع فريق قطري مقابل مليون ومئتي ألف دولار.