16 هدفاً في 13 مباراة سجلها منتخب لبنان منذ بداية مشواره في التصفيات المؤهلة الى نهائيات كأس العالم 2014. ومن هذه الأهداف الـ 16، وقّع المهاجمون على 6 منها فقط، إذ سجل محمود العلي مرتين عند الفوز على بنغلادش (4-0)، في الدور الثاني من التصفيات، وأضاف الى الهدفين المذكورين آخرين أمام الكويت (1-0) والإمارات (2-4) في الدور الثالث، حيث سجل كلٌّ من محمد غدار وأكرم مغربي هدفاً في مواجهة الضيف الإماراتي (3-1). أما بقية الأهداف، فقد حملت بصمات لاعبي الوسط، وتحديداً حسن معتوق ورضا عنتر وعباس عطوي، إضافة الى المدافع الهداف علي السعدي الذي وقّع على ثلاثة أهداف أمام كلّ من بنغلادش وكوريا الجنوبية وأوزبكستان.
إذاً، الأرقام تشير الى معضلة واضحة، وهي افتقار المنتخب اللبناني الى الخيارات الهجومية لا بل الى رأس الحربة الحاسم الذي يمكنه صناعة الفارق أو تسجيل الأهداف من أنصاف الفرص. وهذه المشكلة عاشها المنتخب في المباراة الأخيرة أمام فلسطين ضمن بطولة غرب آسيا التي يخوضها المنتخب اللبناني بمهاجمٍ واحدٍ فعلي هو العلي، إذ إن فايز شمسين ليس بلاعب رأس الحربة الصرف، بينما يحتاج محمود كجك، رغم موهبته، الى المزيد من الوقت لكي يرتقي الى مستوى المهاجم الذي يستحق أن يحمل الهجوم اللبناني على كتفيه.
وبطبيعة الحال، لم يتمكن العلي من استعادة مستواه المعروف بعد تلك الإصابة القوية التي لحقت به، في الوقت الذي لم يعمد فيه المدرب الألماني ثيو بوكير الى اختيار بديلٍ له، إذ ابتعد غدار ومغربي من حساباته نهائياً، رغم بروزهما في ماليزيا والهند توالياً، بينما لم يقدّم أيّ من المهاجمين اللبنانيين المحليين شيئاً يلفت النظر في الموسم الحالي.
إذاً، هي مشكلة عامة يرتبط قسمٌ منها باختفاء الهدافين بالفطرة الذين عرفتهم الكرة اللبنانية في عصرها الحديث، من فادي علوش ووائل نزهة ووارطان غازاريان (عندما لعب في مركزٍ متقدّم)، مروراً بهيثم زين، وصولاً الى محمد قصاص، وغدار الذي كان آخر مهاجمٍ صريح يتوّج بلقب هداف الدوري اللبناني موسمي 2006-2007 و2007-2008. أما القسم الثاني فهو يرتبط بالتكتيك المعتمد حالياً في عالم الكرة، والذي يولي عملاً هجومياً كبيراً للاعبي خط الوسط، ما أثّر على القدرة الإنتاجية للمهاجمين.
المدرب التاريخي عدنان الشرقي يوافق هذا الرأي، ويعلّل: «ندرة المهاجمين هي مشكلة عالمية وليست لبنانية فقط، والدليل أن سعر المهاجم في سوق الانتقالات يساوي أضعاف غيره من اللاعبين في المراكز الأخرى». ويضيف الشرقي الذي عاصر أبرز المهاجمين في تاريخ الكرة اللبنانية: «الأكيد أنه ليس هناك مثل جمال الخطيب في كرتنا حالياً، لكن هناك بعض المواهب التي تنتظر فرصتها، إلا أن المدربين يقتلونها من خلال عدم انتظارها حتى بلوغها مرحلة من النضج، إذ عند فشل المهاجم في التسجيل خلال مباريات قليلة يجد نفسه على مقاعد البدلاء مقابل وصول أجنبي ذي مستوى عادي جداً للحلول مكانه».
وهذه النقطة يمكن أخذ عيّنة عنها في مسألة كجك الذي كان أفضل مهاجمي الأنصار في الموسم الماضي، وهو الذي يمكن اعتباره أكثر الواعدين للبروز في مركز رأس الحربة مستقبلاً، لكنه لسببٍ أو لآخر لم يعد يجد نفسه أساسياً في تشكيلة الأنصار، وتحديداً منذ وصول الغاني ويسدوم أغبولسكو. أما الأمر الملموس، فإن وضع المهاجم الأجنبي ليس أفضل من نظيره اللبناني في البطولة المحلية، إذ تستقدم الفرق مهاجمين أجانب بأسعارٍ زهيدة، فلم نعد نرى في ملاعبنا من هم على شاكلة الترينيداديين بيتر بروسبار وإيرول ماكفرلاين والبرازيلي طومي جاكوميللي أو السنغالي ماكيتي ديوب الذي يمكن اعتباره آخر المهاجمين الأجانب المميزين الذين وطأت أقدامهم الأراضي اللبنانية، وقد نافس على لقب هداف العرب بتسجيله 23 هدفاً في موسم 2009-2010.
«عراب» قدوم ديوب الى لبنان المدرب الوطني، إميل رستم، يرى أن المشكلة أبعد من انتقاء لاعبين أجانب، «إذ يفترض خلق توازن بين تخريج مدربين كفوئين عبر دورات فاعلة وجديّة تخرّّج من يستحق النجاح فيها، وذلك من أجل تلقين هؤلاء للمهاجمين التقنيات الصحيحة لتنمية الحسّ التهديفي الذي يولد عادة مع الهدافين».
إذاً، هي مسؤوليّة مشتركة بين الجميع تبدأ من عند الأندية المطالبة بتأسيس صحيح لمهاجميها المحليين وباختيار دقيق لأجانبها، وصولاً الى القيّمين على المنتخب المطالبين باختيار صحيح أيضاً في مركزٍ حساس يحمّل صاحبه مسؤوليات كبيرة. ففي نهاية المطاف، من دون مهاجمين لا أهداف، ومن دون أهداف لا انتصارات.



أسماء واعدة قريباً

مرّ وقت طويل على بروز مهاجمٍ جديد في الملاعب اللبنانية، لكن هذا الأمر قد يتغيّر مع توقّع ظهور بعض الأسماء الجديدة، ومنها لاعب النجمة محمد قدوح، الذي يعوّل عليه كثيراً للمستقبل. وقدوح لفت الأنظار أمس عندما سجل أربعة أهداف للنجمة من أصل خمسة في مرمى الصفاء (5-2)، حاملاً «النبيذي» إلى المربع الذهبي في بطولة لبنان للآمال.