«ما الذي سوف أشتريه لصديقتي في عيد الميلاد؟ لا شيء، لديها زلاتان». هذه الجملة قالها أحد الفرنسيين. جملة تكفي لتعبر عما بات يمثله النجم السويدي زلاتان إبراهيموفيتش للفرنسيين منذ قدومه في الصيف إلى باريس ليلعب مع فريقها الشهير باريس سان جيرمان. في باريس حالياً، لا بل في كل فرنسا، لا حديث سوى عن إبراهيموفيتش، أو زلاتان كما يحلو للفرنسيين تسميته في أحاديثهم وفي صحفهم. يندر أن يمر يوم دون أن يقع القارئ للصحف والمواقع الفرنسية على عدد كبير من التقارير التي تتناول النجم السويدي.
أمس، كان إبراهيموفيتش العنوان مجدداً بعد تسجيله ثلاثة أهداف «هاتريك» في مرمى فالنسيان في الدوري المحلي. صحيفة «فرانس فوتبول» ذهبت إلى أن «إيبرا»، الذي وصل إلى هدفه رقم 17 في الدوري الفرنسي، قادر على تحطيم الرقم القياسي لعدد الأهداف في موسم واحد في «الليغ 1» والذي حققه مهاجم مرسيليا السابق الكرواتي جوسيب سكوبلار عام 1971 (44 هدفاً)، أما باقي الصحف والمواقع فراحت تمجد كالعادة النجم السويدي.
في الواقع، بات زلاتان يتخطى مجرد نجم يحظى بإعجاب الفرنسيين إلى أيقونة لا بل إلى «حالة» يعيشها الفرنسيون اسمها «زلاتان إبراهيموفيتش».
حالة يمكن الاستدلال عليها من خلال العديد من المعطيات في الشارع الفرنسي. هاكم مثلاً ما عاد به أحد الصحافيين السويديين من رحلة قام بها إلى باريس. الرجل رجع إلى استوكهولم مذهولاً بما بات يمثله إبراهيموفيتش للباريسيين، إذ يروي، على سبيل المثال، أن سائق التاكسي الذي أقله من المطار سأله عن جنسيته، فأجاب الصحافي: «سويدي»، فما كان من السائق إلا أن قفز من مكانه صارخاً: «آه، زلاتان زلاتان».
حادثة ثانية حصلت مع الصحافي ذاته عندما توجه إلى ملعب «بارك دي برانس» لمتابعة مواطنه في المباراة أمام تروا حيث كان يرتدي قميص منتخب السويد، فما كان إلا أن تحلق حوله مشجعون لسان جيرمان وراحوا يسألونه إن كان قد تابع مباراة السويد وإنكلترا الودية والتي سجل فيها زلاتان أربعة أهداف، فيما همس له أحدهم: «أحب أن أحظى بواحد من هذا» (في إشارة إلى قميص منتخب السويد).
«حالة زلاتان» في فرنسا تتجلى أيضاً في جانب آخر، وهو الإعلام، إذ بخلاف الصحف والمواقع الرياضية التي تتابع كل شاردة وواردة حول إبراهيموفيتش حتى وصل الأمر ببعض المواقع إلى تخصيص خانات باسم النجم السويدي ترصد أخباره اولاً بأول، فإن زلاتان أصبح من أبرز الوجوه الإعلامية التي تحتل الشاشات الفرنسية صباحاً ومساء. هذا الأمر يتضح من خلال دخول شخصية زلاتان في البرنامج الهزلي «غوينول» للدمى المتحركة على قناة «كانال بلوس» والذي يحظى بشعبية كبيرة في فرنسا حتى أطلق البعض على إبراهيموفيتش لقب «ملك الغوينول». وأكثر، فإن إحصاء في فرنسا ذكر أن اسم زلاتان تردد في وسائل الإعلام الفرنسية 8700 مرة في شهر تشرين الاول فقط!
المثير للدهشة أيضاً، أن ألفاظاً مستمدة من اسم زلاتان باتت تتردد في الشارع الفرنسي ولعل أبرزها مصطلح «zlataner»، حيث لم يستبعد المتخصص بقواعد اللغة الفرنسية، آلان راي، على سبيل الدعابة، أن يدخل هذا المصطلح المعجم الفرنسي.
هذا إذاً غيض من فيض ما يدور في فرنسا حالياً. ولعل السؤال الذي يتبادر إلى أذهان الكثيرين هو: ما السر في تحول إبراهيموفيتش إلى «حالة» في المجتمع الفرنسي رغم مرور الكثير من النجوم العالميين على الدوري الفرنسي كالبرازيلي رونالدينيو والليبيري جورج وياه والألمانيين رودي فولر ويورغن كلينسمان وغيرهم؟
الجواب واضح وهو لا يتوقف عند مقدرات إبراهيموفيتش الفنية العالية فقط والتي تجلت بأبهى حللها في الملاعب الفرنسية، بل يتخطى ذلك إلى شخصية إبراهيموفيتش القوية والكاريزماتية أولاً والأهم من ذلك الجدلية، وهذا ما يعشقه الشارع والإعلام الفرنسيان.
شخصية استطاع «إيبرا» ان يفرضها بقوة في فرنسا، ولعل هذا الامر يتضح من خلال ما ذكره مدافع باستيا، غايل أنغولا، لصحيفة «ليكيب» بعد ان دخل في مشادة مع زلاتان، حيث قال: «بعد الذي حصل، لم يتوقف هاتفي عن الرنين. لقد خلت أنني أخطأت بحق (الرئيس الفرنسي فرانسوا) هولاند. رأيت الرسائل من محطات التلفزة والراديو، هنا أيقنت أنني دخلت في مشادة مع شخص غير عادي».
إذاً، لم يحتج زلاتان إبراهيموفيتش لأكثر من أربعة أشهر حتى يقيم فرنسا ولا يقعدها، أوَليس هو القائل عند وصوله إلى باريس: «بالتأكيد، تعرفون من أنا»؟



«الاستثنائي» و«الأفضل»

لا يتوقف الإعجاب بزلاتان إبراهيموفيتش في فرنسا على مشجعي لعبة كرة القدم، بل إن نجوم الكرة الحاليين والسابقين هناك مفتونون بقدراته. النجم «الأسطوري» زين الدين زيدان وصف في وقت سابق زلاتان بالـ«استثنائي»، أما زميله باتريك فييرا فقد اعتبر السويدي «أنه إحدى أفضل الصفقات التي أبرمت في فرنسا في الأعوام الثلاثين الماضية. إنه يصنع الفارق». كذلك، فإن وجوهاً بارزة في المجتمع الفرنسي، بينها فنانون وممثلون، أعربت عن إعجابها بزلاتان، ومنها الممثل جمال ديبوز.