لا يمكن المرور على احتفال كرواتيا بمناسبة مئوية تأسيس اتحاد كرة القدم فيها (1912) مرور الكرام، اذ في الوقت الذي تُرسم فيه صورة سيئة عن الكرة الكرواتية بسبب شغب الجماهير في كل مرة يلعب فيها المنتخب الوطني او الاندية الكرواتية، وهو الامر الذي يزيد الضغوط على البلاد، فإن ثمة صورة مشرقة للكرة الكرواتية، يبدو من الضروري فتح قوسين حولها.
ولعل كرة القدم في كرواتيا مرت بمرحلتين مختلفتين: الأولى عندما كانت جزءاً من يوغوسلافيا، والثانية بعد استقلالها عن الأخيرة عام 1991.
في المرحلة الأولى ارتبطت الكرة الكرواتية في أذهاننا وقراءاتنا من خلال فريقَي دينامو زغرب وهايدوك سبليت، حيث اعتبرا من اهم أربعة فرق في يوغسلافيا الى جانب بارتيزان بلغراد والنجم الاحمر، وقد استطاعا معاً تحقيق لقب الدوري اليوغسلافي 11 مرة وكأس يوغوسلافيا 16 مرة، وكان «الدربي» بينهما فريداً من نوعه نظراً للأجواء الحماسية التي يثيرها جمهورا الفريقين «باد بلو بويز» و«تورسيدا».
الا أن نقطة التحوّل في الكرة الكرواتية كانت في تسعينيات القرن الماضي، وتحديداً بعدما أصبحت كرواتيا عضواً في الاتحاد الدولي لكرة القدم عام 1992، اثر نيلها الاستقلال، حيث أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أنها كانت تمثل عصب كرة القدم اليوغوسلافية أو «المدرسة اليوغوسلافية» التي اشتهرت منذ الستينيات حتى الثمانينيات في القرن الماضي، وذلك ببروزها على الساحة العالمية مقارنة بمنتخبات صربيا والبوسنة والهرسك ومونتينيغرو وسلوفينيا ومقدونيا التي كانت تابعة ليوغوسلافيا.
هذا الأمر بدا واضحاً منذ كأس أوروبا عام 1996، حيث وصلت كرواتيا إلى ربع النهائي، ومن ثم تجلى تفوّقها في مونديال 1998 في فرنسا عندما وصلت الى الدور نصف النهائي، حيث خرجت بصعوبة بالغة أمام البلد المضيف 1-2 بهدفي ليليان تورام بعدما حققت كبرى مفاجآت المونديال بإقصائها ألمانيا في ربع النهائي بعد فوزها عليها 3-0.
وللتدليل على تفوّق الكرة الكرواتية منذ استقلالها يجب التذكير بأنها لم تغب عن نهائيات كأس أوروبا وكأس العالم سوى في مناسبتين كانتا عام 2000 في المسابقة الأولى، وعام 2010 في المسابقة الثانية.
في كل تلك الفترة، قدّمت إلينا الكرة الكرواتية الكثير من النجوم الذين فرضوا أسماءهم بقوة على الكرة الأوروبية وأنديتها الكبرى، والحديث هنا عن لاعبين أمثال زفونيمير بوبان نجم ميلان الايطالي السابق، وألان بوكسيتش نجم مرسيليا الفرنسي، ولاتسيو الايطالي السابق، ودافور سوكر نجم ريال مدريد الاسباني السابق، وروبرت يارني الذي دافع عن الوان يوفنتوس الايطالي وريال مدريد.
في الواقع، يحسب للكرة الكرواتية انها حافظت على مستواها منذ تسعينيات القرن الماضي، حيث مزجت بين القوة البدنية، المتمثلة في المدرسة اليوغوسلافية، وكرة اوروبا الشرقية، والمهارة الفنية.
هذا الأمر يمكن ملاحظته في الجيل الحالي، من خلال لاعبين امثال لوكا مودريتش وإيفان راكيتيتش ودانيال برانييتش وماريو ماندزوكيتش، حيث استطاعت كرواتيا أن تقدّم كرة جميلة في كأس أوروبا الأخيرة في بولونيا وأوكرانيا، اذ كانت قريبة من إقصاء بطلة العالم اسبانيا من دور المجموعات في مجموعتهما الحديدية إلى جانب ايطاليا، وقد انسحب اداؤها المميز على تصفيات مونديال 2014، حيث تتصدر مجموعتها بالتساوي مع بلجيكا متقدّمة على الجارتين صربيا ومقدونيا بفارق شاسع.
الآن تعيش كرواتيا مرحلة جديدة مع وصول شخص مثل سوكر على رأس الاتحاد المحلي، إضافة الى النجم السابق ايغور ستيماتش على رأس المنتخب الوطني. مرحلة، من يعلم، قد تجعل كرواتيا تتخلى عن صفة «الحصان الأسود» في البطولات إلى ما هو أبعد من ذلك.



بلاتيني للتصدّي لشغب الكروات

رغم إشادته بكرة القدم الكرواتية، فإن رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، الفرنسي ميشال بلاتيني، عكّر فرحة الكرواتيين خلال حضوره احتفالات مئوية الاتحاد الكرواتي عندما تطرق إلى موضوع الشغب في ملاعب كرواتيا، داعياً السلطات في البلاد إلى التصدي أكثر له.