الجيل المتابع لكرة القدم اللبنانية في العصر الحديث يذكر جيداً اسمي علي فقيه واحمد الصقر اللذين كان يحتار المرء في اختيار الافضل بينهما. لكن ومع ابتعادهما عن الساحة الدولية، كان زياد الصمد الاسم الابرز لحراسة عرين منتخب لبنان، اذ يجمع مدربون كثر مروا على المنتخب اللبناني على أن الخيارات كانت كثيرة امامهم لمراكز حراسة المرمى، لكن الصمد كان الاكثر راحة للنفوس، وهو بقي مرشحاً لحمل الرقم 1 حتى يوم قرر الاعتزال، اذ يعتبر مراقبون كثيرون ان للحارس الشمالي دوراً كبيراً في ما وصل اليه لبنان في التصفيات المؤهلة الى نهائيات كأس العالم 2014.
لكن ورغم وجود عباس حسن ولاري مهنا، لا بدّ من التوقف عند مستقبل حراسة المرمى مع انتهاء حقبة باعتزال زياد الصمد، وخصوصاً ان الآراء انقسمت دائماً حول الحارس الاول حالياً في المنتخب الوطني، مع اشارة البعض الى انه يفترض البحث عن موهبة جديدة للقيام بالمهمة او اعطاء الفرصة للمتواجدين الآخرين حالياً، وخصوصاً ان الحراس الذين برزوا منذ منع استقدام الحراس الاجانب ابتداء من موسم 1998-1999 يمكن احصاؤهم على الاصابع.
ولا يخفى انه منذ وصول المدرب الالماني ثيو بوكير للاشراف على المنتخب انخرط ما يقارب العشرة حراس في التمارين، ما يشير الى ان الجهاز الفني للمنتخب في عملية بحثٍ دائم عن خامات يمكنها حمل الشعلة مستقبلاً. والامر اللافت في هذا الاطار كان ظهور المغترب مهدي خليل بمستوى طيّب في الحصة التدريبية الاخيرة، ما يعيدنا الى مقولة يشدّد عليها كثيرون وهي ان الحراس الابرز في لبنان هم اولئك القادمون من الخارج حيث نشأوا على أسسٍ صحيحة، وتحديداً عباس حسن في السويد ولاري مهنا الذي سجّل بداياته مع نادي العاصمة الفرنسية باريس سان جيرمان.
ولا ينفي مدرب الحراس في المنتخب الالماني كريستيان شفايشلر هذه النقطة، اذ يقول: «يتميّز الحراس الذين عرفوا بداياتهم في اوروبا بنزعة مختلفة وتفاعل مغاير خلال التمارين ما يسرّع من عملية تطوّرهم». ويضيف: «لكن لا يمكن اسقاط مسألة ان هناك حراساً واعدين على الصعيد المحلي، لكن علينا ان نعرف كيفية تطوير قدراتهم، وهذا الامر يتوقّف عند المدربين في الاندية المفترض ان يتطوروا ايضاً على المستوى التقني».
ويوضح شفايشلر مسألة استدعاء حراس ثم استبعادهم بأن البحث الدائم هو عن حراسٍ قادرين على التطوّر «فالعمل الذي استقدمنا من اجله الاتحاد اللبناني لكرة القدم هو نقل المعرفة الالمانية في تدريب الحراس الى اللاعبين والمدربين على حدٍّ سواء». اما المشكلة برأيه فهي «اعتماد الطرق القديمة في تدريب الحراس، وللتخلص من هذه المعضلة يفترض ان يكون هناك عمل مشترك بيننا وبين الاندية والمدربين لكي يتمكنوا من تنظيم التمارين بالشكل المناسب لحاجات الحراس».
وفي هذا الاطار، يشير لاري مهنا الى مدى انعكاس العمل مع شفايشلر على استعادته لمستواه المعروف، اذ يقول: «كريستيان يحفز رغبتنا في خوض الحصص التدريبية من خلال التنويع، وهذا الامر هو سمة المدرسة الاوروبية، ما يعيدني الى بداياتي في فرنسا حيث ان فرق قطاع الناشئين تملك مدربين للحراس ايضاً».
ومن هذه النقطة يمكن التصويب على مسألة مهمة وهي عدم اهتمام الاندية اللبنانية بالبحث عن مواهب لحراسة المرمى، اذ ان التركيز ينصب غالباً على المدافعين ولاعبي الوسط والمهاجمين، لذا من النادر مصادفة حارس مرمى على مستوى دولي بل ان الموجودين يمكن ان يكونوا على قدرٍ معيّن من التميّز على الساحة المحلية دونها الدولية.
ويؤيد مدرب الحراس الوطني جهاد محجوب هذه المقولة، وهو الذي عايش منذ عام 1991 كل الحراس مع المنتخب، اذ يقول: «المشكلة هي في ضعف الدوري وقلة اهتمام الاندية باستقدام مدربين للحراس، ما يخلق ثغرة على هذا الصعيد مع الوقت». ويتابع: «هناك حراس جيدون، لكن لا يمكنني القول انهم موهوبون ويمكن العمل على تطويرهم باستثناء نزيه أسعد مثلاً ولاري مهنا الذي استعاد ثقته، لذا علينا البحث عن حراس يمكنهم التعامل مع المباريات الدولية على غرار تلك المحلية، وهذا ما ميّز زياد الصمد دائماً، وقبله علي فقيه واحمد الصقر». أما الحل فيختصره محجوب بالدفع بالحراس اليافعين الى الساحة الدولية ولو على مستوى بطولات الشباب من اجل تذليل رهبة المباريات الكبيرة امامهم، متمنياً لو تسنح له الفرصة لانشاء اكاديمية خاصة بحراس المرمى، ما يشكّل مفترقاً حاسماً في هذا المركز.



شفايشلر ينظّم دورات المدربين

ينشط كريستيان شفايشلر في التحضير لدورة اخرى خاصة بمدربي حراس المرمى في الربيع المقبل، وذلك بعدما بدا الاقبال على الدورة الاولى التي اجريت في آب الماضي كبيراً بحيث وصل عدد المشاركين فيها الى 29 مدرباً. ويركّز شفايشلر في عمله مع المدربين على المناهج المتقدّمة والمفاهيم لتوجيه العلاقة بين هؤلاء المدربين وحراسهم.