«ندين بشدة الهجوم الإسرائيلي على غزة، الذي هو وصمة عار أخرى على ضمير العالم، ونعرب عن التضامن مع شعب غزة، الذي يعيش تحت الحصار والحرمان من الكرامة الإنسانية الأساسية والحرية». «من غير المقبول ان يُقتل الأطفال وهم يلعبون كرة القدم. إن استضافة إسرائيل بطولة كأس أوروبا تحت 21 عاماً في هذه الظروف، سينظر إليها على أنها مكافأة للإجراءات التي تتعارض مع القيم الرياضية».
«نحن على علم ان إسرائيل قصفت ملعباً لكرة القدم، وتسبّبت بمقتل أربعة أبرياء يلعبون كرة القدم. ولا يمكن ان نقبل استضافة هذه الدولة بطولة أوروبا. ونحن سنقف دائماً إلى جانب أهل غزة المحاصرين والمحرومين من أدنى درجات الحرية».
هذا نص العريضة التي نشرها النجم المالياني فريديريك كانوتيه في صفحته الرسمية على شبكة «الإنترنت». هذه هي العريضة ــــ المفخرة التي بادر هذا النجم الكبير إلى توجيهها الى الاتحاد الاوروبي لكرة القدم، اعتراضاً على تنظيم اسرائيل بطولة اوروبا دون 21 عاماً في شهر تموز المقبل، التي ذيلت بتوقيع 62 لاعباً وافقوا على مضمونها، وأبرزهم العاجي ديدييه دروغبا والبلجيكي إيدين هازار والفرنسيان جيريمي مينيز وأبو ديابي، والسنغالي ديمبا با. وأكثر من ذلك، فقد رفع اللاعبون الموقّعون على العريضة لافتة كتب عليها «لا لإسرائيل» وارتدوا قمصاناً كتب عليها «فلسطين».
في الواقع، هذه ليست المرة الأولى التي يأخذ فيها كانوتيه تحديداً مثل هذا الموقف الإنساني العادل قبل كل شيء. في عام 2009، فاجأ النجم المالياني العالم عندما كشف بعد تسجيله هدفاً لفريقه السابق اشبيلية في الدوري الاسباني عن قميص كتب عليه كلمة فلسطين بعدة لغات. أراد وقتها كانوتيه أن يوصل الرسالة الى العالم بأسره حول مظلومية الشعب الفلسطيني.
ويمكن القول إن هذه الحركة من كانوتيه وقتها كان لها مرددوها الإيجابي على مستوى نجوم الكرة في العالم بالنسبة إلى القضية الفلسطينية، هذا الأمر بدا واضحاً منذ عام 2009 حتى العدوان الاسرائيلي الأخير على غزة.
فقبل عامين، لم يتوانَ البرازيلي مارسيلو، نجم دفاع ريال مدريد الاسباني، عن توجيه تحية لنضال الشعب الفلسطيني في صفحته على موقع «فايسبوك». وبعدها بفترة ظهر «الأسطورة» الأرجنتيني دييغو أرماندو مارادونا، وخلال تدريبه لنادي الوصل الاماراتي، مرتدياً كوفية فلسطينية أهداه اياها أحد معجبيه العرب، رافعاً شارة النصر ومردداً: «تحيا فلسطين تحيا فلسطين».
نجم تاريخي آخر لم يقف مكتوف اليدين عندما كان اللاعب الفلسطيني محمود السرسك يضرب عن الطعام في سجون الاحتلال الاسرائيلي لحوالى 90 يوماً. هكذا، لم يتوان الفرنسي إيريك كانتونا عن شن حملة عنيفة على الاتحاد الأوروبي، الذي يرأسه مواطنه ميشال بلاتيني تضامناً مع السرسك واعتراضاً على منح الكيان الصهيوني حق استضافة البطولة الاوروبية، قائلاً: «لقد حان الوقت لوضع حد لإفلات هذا الكيان من العقاب بسبب العنصرية التي يمارسها وانتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي والاعتداءات اليومية».
أما خلال العدوان الأخير على غزة قبل أيام، فقد بدا لافتاً ما تردد في أحد المواقع الإلكترونية ويدعى «ديجيتال جورنال» عن أن النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، لاعب ريال مدريد، قد تبرع بمبلغ 1,5 مليون يورو لأطفال غزة. وتزامناً كان زميله النجم الألماني مسعود أوزيل يعلن عن تعاطفه مع سكان غزة، موجهاً التحية إلى الطفل الفلسطيني حميد أبو دقة الذي استشهد في العدوان الاسرائيلي وهو يلعب الكرة مرتدياً قميص أوزيل.
ردود الفعل لم تتوقف عند هذا الحد، اذ ورد في بعض المواقع الرياضية أن النجم التشيلياني أرتورو فيدال، لاعب يوفنتوس الايطالي، الذي تضم بلاده عدداً ضخماً من الجالية الفلسطينية وفريق كرة قدم في الدرجة الاولى يدعى «باليستينو»، أعلن دعمه للقضية الفلسطينية، كاتباً في صفحته في «فايسبوك»: «لا لإسرائيل، لا للصهيونية، فلسطين حرة، نريد ديموقراطية في كل العالم، هذه الفكرة هي التي أشارك بها كل زملائي».
هذه المواقف الفردية من اللاعبين رافقتها مواقف جماعية من جماهير لأندية أوروبية كبيرة، وأبرزها سلتيك الاسكوتلندي ولاتسيو وروما وليفورنو الايطالية.
كل هذا المشهد يحيلنا على حقيقة باتت تترسخ أكثر فأكثر أن عالم كرة القدم ليس كما يجري تصويره غالباً بأنه مجرد كرة تتقاذفها الأقدام ونجوم يتباهون بشهرتهم وملايينهم، بل إن عالم الكرة عنصر مهم وفعال لنقل قضايا انسانية محقة، وفي مقدمها القضية الفلسطينية. ما ينبغي فعلاً قوله لهؤلاء النجوم العالميين كلمة: شكراً.



استياء إسرائيلي من العريضة

ثارت ثائرة الإسرائيليين بعد العريضة التي نشرها المالياني فريديريك كانوتيه، والموقعة من 62 لاعب كرة قدم عالمياً، تنديداً باستضافة اسرائيل بطولة أوروبا تحت 21 عاماً. وكان الاستياء واضحاً في صحيفة «هآرتس»، التي رأت «أن السياسة والرياضة تقابلتا في هذه العريضة، وكانت الضحية هذه المرة إسرائيل».