عندما أراد الملياردير رومان أبراموفيتش توسيع إمبراطوريته الاستثمارية عبر اقتحام ساحة كرة القدم، لم يذهب الى اختيار نادٍ عادي لامتلاكه والعمل على جعله قطباً في أوروبا، إذ إن «برستيج» الروسي يجب أن يتلاقى مع نادٍ بحجم ثروته، فوقع الخيار على تشلسي الذي ينتمي الى منطقة الميسورين في العاصمة الإنكليزية لندن. وهذا الاختيار كان أولى بوادر ما سعى إليه أبراموفيتش، الذي أعطى أوامر واضحة كان أولها استقدام النجوم من كل حدب وصوب، لكن أهمها كان طلبه تعيين مدربٍ ذي اسم كبير لملاقاة الهدف الأسمى المتمثل بإحراز لقب دوري أبطال أوروبا.
جاء البرتغالي جوزيه مورينيو والبرازيلي لويز فيليبي سكولاري والهولندي غوس هيدينك والإيطاليان كلاوديو رانييري وكارلو أنشيلوتي، لكن أياً منهم لم يعطِ الملياردير الجشع ما يصبو إليه، فلم يجد أي مشكلة في إقالتهم أو استبدالهم، حتى جاءه أحدهم من المجهول ليفاجأه في أيار الماضي بالكأس صاحبة الأذنين الطويلتين. كان مساعد المدرب روبرتو دي ماتيو هو الرجل المنشود للمهمة، وكان موجوداً دائماً في النادي الذي عاش فيه لاعباً، من دون أن ينتبه له أبراموفيتش، لكن شاءت الصدف أن يطير البرتغالي أندريه فياش - بواش من منصبه ليحل الإيطالي بدلاً منه ويحقق المستحيل بإنجازٍ تاريخي للنادي اللندني.
لكن هناك في منطقة تشلسي، بإمكان زائر لندن أن يتحدث مع كثيرين في المقاهي عن الكرة وعن «البلوز» تحديداً، ويبرز في أحاديث الكل كلام مشترك عن عدم اقتناع أبراموفيتش بما دفع إليه في الصيف الماضي عندما اضطر الى تعيين دي ماتيو في منصب المدرب الأول للفريق، وذلك بعدما صدمه لاعب الوسط السابق وجلب كأس دوري الأبطال الى «ستامفورد بريدج» ليبعثر أوراق مالك النادي الذي كان قد بدأ يحكي عن هوسه الدائم، أي المدرب الإسباني جوسيب غوارديولا الذي يريده بأي ثمن مدرباً لتشلسي لسببٍ بسيط أنه يليق باسم «البلوز»، إذ إن نادياً بطلاً يجب أن يكون على رأسه مدرب بطل، وليس هناك أهم من «بيب» لهذه المهمة.
إذاً، هوس أبراموفيتش بغوارديولا دفعه الى إطاحة مدربٍ جديد، ولو أن هذا المدرب تفوّق على الكاتالوني في الموسم الماضي، إذ بدا كأنه ينتظر دي ماتيو «على غلطة» من أجل إقالته، وذلك رغم أن المدرب الشاب بدأ الموسم بطريقةٍ رائعة، فتصدر فريقه الـ«برميير ليغ» وقدّم أداء هجومياً طيبّاً، لا بل إن صفقاته كانت مفيدة، وخصوصاً إذا ما تحدثنا عن البلجيكي إيدين هازار الذي كان المدرب المُقال اللاعب الأبرز في عملية نقله من ليل الفرنسي الى عاصمة الضباب.
أما أعضاء الإدارة أو أصحاب الكلمة المسموعة في النادي فهم لا يمكنهم قول أي شيء أو الوقوف في وجه «التايكون»، إذ تعلموا من تجارب سابقة مقولة شهيرة يرددها التشلسيون وهي: «رومان دائماً على حق». ولو أن بعض هؤلاء أقنعوا أبراموفيتش بتعيين دي ماتيو، لكن الأخير لم يهضم الفكرة تماماً، فهو يحلم بفريقٍ يلعب الـ«تيكي تاكا» على غرار برشلونة الإسباني الذي أبدع باعتماده هذا الأسلوب مع غوارديولا. لذا، فإن دي ماتيو ذهب في عطلة صيفية من دون أن يعرف قرار أبراموفيتش النهائي بخصوصه، في الوقت الذي كان فيه الأخير يضغط بكل جهوده لإقناع غوارديولا بعدم التوقف عن التدريب وقبول مهمة الإشراف على «البلوز».
فعلاً، إنه هوس ولا شيء سواه، إذ إن معلومات أكيدة تشير الى أن أبراموفيتش، خلال مفاوضة ناديه لفياش - بواش، ذهب الى محاولة إقناع غوارديولا بالعمل لديه، لذا فإن البرتغالي لم يصمد كثيراً في «ستامفورد بريدج» فأقيل بعد أشهرٍ على وصوله، والسبب أن أبراموفيتش لم يكن مقتنعاً به على الإطلاق، فأحجم عن التواصل معه بشكلٍ مباشر، رغم أنه دفع 15 مليون يورو لفكّ عقده مع بورتو.
لكن، وبعد كل هذا السرد حول علاقة أبراموفيتش بمدربيه وكيفية تعاطيه معهم، سيكون من الصعب على أي مدرب «محترم» القبول بالمهمة، إذ إن الضغوط كثيرة كرمى لعيون صاحب المال، فإذا كان مورينيو صاحب الشخصية الجبارة لم يستطع تحمّل تعاطي الروسي معه، فإنه سيكون من المستحيل على غوارديولا الموافقة على قبض مبلغٍ كبير من المال مقابل العمل على الامتثال لأوامر صاحبها، إذ المعروف أن «بيب» طلب حرية كاملة في كل المجالات المتعلقة بالتعاقدات والجوانب الفنية لدى تسلمه مهماته في «البرسا»، ففي النهاية الرجل هو تلميذ الهولندي الكبير يوهان كرويف الغني عن التعريف بشخصيته الثائرة على ديكتاتورية إداريي الأندية التي عمل معها.



بانتظار بيب... بينيتيز مدرباً مؤقتاً


إشارة أخرى برزت أمس وتدلّ على ان رومان أبراموفيتش سينتظر قرار جوسيب غوارديولا قبل ان يعيّن مدرباً دائماً لفريقه، وذلك عبر تعيينه الاسباني رافايل بينيتيز مدرباً حتى نهاية الموسم. وافاد تشلسي ان «المالك (ابراموفيتش) ومجلس ادارة النادي قررا تعيين الاسباني رافايل بينيتيز مدرباً مؤقتاً كونه يملك خبرة كبيرة على المستوى العالي في عالم كرة القدم وهو مستعد فوراً وقادر على تحقيق اهدافنا»، مشيراً الى «السجل الرائع» للمدرب السابق لفالنسيا الاسباني وليفربول.