لم يكن ريكاردو كاكا يوماً لاعباً عادياً. هذا ما يمكن الاتفاق عليه، سواء كنت من مشجعي البرازيل أو ريال مدريد الإسباني أو العكس. لكن الأمور لم تكن على ما يرام منذ وصوله الى النادي الملكي في صيف 2009، إذ إن الإصابات التي أبعدته لفترات طويلة جعلت الثقة بقدراته أقل، وقد تكرّس هذا الموضوع مع وصول المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو لقيادة الدفة الفنية لريال مدريد، حيث تحوّل أحد أخطر لاعبي العالم الى مجرد بديلٍ للألماني مسعود أوزيل، ثم الى خيارٍ ثالث مع وصول الكرواتي لوكا مودريتش الى «البيت الأبيض» خلال الصيف.
وهنا قد يقول البعض إن مورينيو ظلم كاكا، لكن الحقيقة أن هذا الأمر يمكن تجزئته الى قسمين. ففي القسم الأول، كان مورينيو محقاً لأن كاكا افتقد ليونته المعهودة وفطريته المفاجئة التي جعلت منه خطراً على أي دفاعٍ في العالم. لكن في القسم الثاني، وبعد إبلاله من الإصابة، لم يحصل كاكا على فرصته لإثبات حضوره من جديد، إذ بدا كأن مورينيو لم يكن لديه الوقت للتجارب، فظهر كأن النجم البرازيلي في طريقه الى مغادرة ريال مدريد الساعي أصلاً للاستغناء عن خدماته والتخلص من راتبه العالي.
لكن المباراة الودية أمام ميوناريوس الكولومبي على كأس «سانتياغو برنابيو» كانت حاسمة بالنسبة الى الصورة الحالية لكاكا، إذ وقّع على «هاتريك» وخرج من الملعب بهدوء، تاركاً فكرة عند مورينيو حول مستواه، فما كان من الأخير إلا أن اعترف بأن «كاكا أعطاني شيئاً للتفكير به».
وطبعاً، لم يستعد كاكا مركزه الأساسي في ريال مدريد، إلا أن مدرب منتخب البرازيل مانو مينيزيس تلقف الأمر واستدعى كاكا للمرة الأولى منذ مونديال 2010. دعوة لم يتوقعها «بيليه الأبيض» نفسه، لكنه من دون شك وجد فيها فرصة لإخراج مكنوناته وتقديم أوراق اعتماده الى المدرب الوطني عشية بحث الأخير عن عنصر خبرة لقيادة مجموعة من الشبان في مونديال 2014 الذي تستضيفه «بلاد السامبا».
كاكا يريد طبعاً حجز مكان منذ الآن في التشكيلة المونديالية وسط ظهور عددٍ لا يستهان به من لاعبي الوسط الموهوبين مع «السيليساو» في الفترة الأخيرة، أمثال راميريش وأوسكار ولوكاس مورا وغانسو وغيرهم. وبالتأكيد بهدفه الجميل وتمريرته الحاسمة أمام العراق
(6-0) ثم بهدفه أمس أمام اليابان
(4-0)، أعطى مينيزيس ما يحتاج إليه، فإذا نظرنا الى الجانب التكتيكي في المنتخب البرازيلي، نجد أنه يحتاج الى لاعب محوري بدور المساند المباشر للهجوم، إذ إن هالك مثلاً يفضّل الانطلاق من الميمنة، ومثله نيمار الذي يشق طريقه الى المنطقة عن الجهة اليسرى في حالات كثيرة. لذا فإن كاكا جاء ليملأ العمق وسط تناغم لافت مع أوسكار الذي يهتم بصناعة الألعاب، تاركاً لكاكا مهمة مساندة الهجوم بشكلٍ مباشر.
وصحيح أن المنتخب البرازيلي يعجّ بالمواهب المميزة، لكنه يحتاج الى لاعبٍ تقني على صورة كاكا، فهو يجيد قراءة المساحات الفارغة والبحث عنها من أجل تهيئة الكرة فيها لزملائه أو التوغل بهدف التسجيل. أضف إنه يعرف بحكم خبرته كيفية تخفيف الضغوط عن المحيطين به في خط الوسط، إذ من أهم ميزاته تهدئة اللعب وتسريعه في الوقت المناسب.
من هنا، لا ضير في القول إن كاكا بدأ باسترداد حقه الأول، أي استعادة مركزه في منتخب البرازيل الذي فاز معه باللقب في مونديال 2002 من دون أن يشارك بقوة في الإنجاز، ثم حصد الخيبة في المونديالين التاليين، في الوقت الذي كان ينتظر منه أن يقود البلاد الى المجد. أما الحق الثاني فهو في العاصمة الإسبانية، حيث سيدوّر مورينيو أفكاره من جديد لأنه لا مجال بعد الآن لتجاهل كاكا.



أوسكار ومثاله الأعلى

ربما أكثر اللاعبين سعادة بعودة كاكا الى المنتخب البرازيلي هو زميله أوسكار، الذي لطالما اعتبر الأول مثالاً أعلى له، وحلم باللعب الى جواره. وهذا الأمر تمّ بفضل المدرب مانو مينيزيس الذي تحدى الجميع وأثبت أن بإمكانه الدفع بالنجمين المخضرم والشاب معاً.