لا يمكن وصف فرحة جماهير أرسنال وهم يرون فريقهم في المركز الثالث في الدوري الإنكليزي الممتاز لكرة القدم، وقد دك مرمى ساوثمبتون في المباراة الأخيرة بسداسية مقابل هدف واحد. الفرحة في لندن تبدو مضاعفة، ليس فقط بسبب هذه النتائج القوية، إذ إن «المدفعجية» كانوا قد ألحقوا الهزيمة بليفربول في معقل الأخير «أنفيلد رود»، بل لأن كل هذا يحصل من دون النجمين، الهولندي روبن فان بيرسي، والكاميروني ألكسندر سونغ، اللذين تخليا عن النادي في أحلك ظروفه ليلتحقا بمانشستر يونايتد وبرشلونة الإسباني على التوالي. ولا يخفى على أحد أن التوقعات قبل انطلاق الموسم خلت بنسبة كبيرة من اسم أرسنال للمنافسة على اللقب، فكان كافياً أن يرحل «فان غول» الكرة الهولندية حتى تهبط أسهم «المدفعجية» هبوطاً كبيراً في بورصة البطولة، لكن لم يلتفت كثيرون للحظة أن ثمة مدرباً محنّكاً يقف خلف «المدفعجية» وهو بات يملك من التجربة ما يسمح له بأن يخرج فريقه من عنق الزجاجة.
نعم، من يتابع مباريات أرسنال حالياً بإمكانه أن يلمس العمل الذي قام به الفرنسي أرسين فينغر، والفلسفة الجديدة التي يعتمدها الرجل مع فريقه، إذ لا يختلف اثنان على أن أرسنال من أكثر الأندية التي تعتمد على اللعب الهجومي والسهل الممتنع، لكن هذا الأمر كان يكلف الفريق الكثير في الخطوط الخلفية. من هنا، فإن فينغر أولى هذا الشق الأخير أهمية كبيرة، وهذا ما يبدو جلياً من خلال تلقي شباك الفريق هدفاً واحداً في 4 مباريات، حيث أن الألماني بير ميرتساكر والبلجيكي توماس فيرمايلن يكوّنان ثنائياً متجانساً ومتناغماً في قلب دفاع الفريق، وقد بدا التطور في اداء الأول واضحاً بعد موسم أول لم يكن فيه على قدر التطلعات.
الأهم من ذلك، أن فلسفة فينغر شهدت تبدلاً هذا الموسم بعد رحيل فان بيرسي، اذ يبدو واضحاً أن الرجل يعتمد على القوة البدنية والمهارة الفنية في آن واحد، وهذا ما يتجلى في ميله نحو المدرستين الألمانية والإسبانية الرائدتين في هذين الشقين حالياً. وجود الألمانيين لوكاس بودولسكي وبير ميرتساكر والإسبانيين ميكيل أرتيتا وسانتي كازورلا في التشكيلة الأساسية لـ «المدفعجية» ليس وحده الدليل على هذا الأمر، إذ إن الفريق الرديف لأرسنال يضم 3 لاعبين إسبان، هم القائد إيغناسي ميكيل وهيكتور بيليرين وجون تورال، والألمانيين توماس إيسفيلد وسيرغي غنابري، ما يعطي فكرة واضحة عن أن فينغر يبدو مقتنعاً اقتناعاً كلياً بهاتين المدرستين، وما الموسم الحالي سوى الانطلاقة في خطهما.
هذه النقلة، إذا صح التعبير، في فكر فينغر أتت نتائجها سريعاً في الميدان، وتحديداً في الخطوط الأمامية لأرسنال، حيث بدا التناغم واضحاً بين «بولدي» وكازورلا، فالأول بدا «كالجزار» في وجه الخصوم، وما هدفه من تسديدة صاروخية أمام ساوثمبتون من ركلة حرة سوى تأكيد على هذا الأمر، كما أعطى «الأمير» إضافة لوسط «الغانرز»، من خلال ارتداده الى اللعب الدفاعي والقتال على كل كرة. أما كازورلا، فقد بدا كالساحر في وسط الميدان، من خلال خفته ومهارته وتوزيعه الكرات، حيث تحكي الأرقام أنه اكثر من صنع فرصاً خطرة لزملائه في الدوري حتى الآن بـ 18 تمريرة.
اذاً، واقع جديد يعيشه أرسنال. واقع وضع مداميكه فينغر، ويبدو واضحاً أن المدرب ذا الـ 62 عاماً هو نفسه من سيشهد على ريادته، هذا على الأقل ما يثبته اقتناع إدارة «المدفعجية» بعمل الفرنسي، ونيتها تجديد عقده لسنوات طويلة مقبلة.



فينغر يطمح إلى اللقب

رفعت النتائج الأخيرة لأرسنال من معنويات مدربه أرسين فينغر، حيث لم يُخف الأخير طموحه إلى التتويج بلقب الدوري الإنكليزي الممتاز، قائلاً: «لدينا فرصة (للحصول على اللقب) لكن يجدر بنا أن نظهر التماسك. لدينا الجودة للنجاح، لكن يجب أن نظهر إلى أي مدى نريد ذلك».