قيل دائماً انه أمر جميل ان يقع الانسان في الحب، وقيل غالباً ان الحب الاول هو الاساس والاقتران بهذا الحب يشعر المرء بالمثالية في الحياة. لكن هذه لم تكن حال نجوم عديدين قضوا طفولتهم يحلمون بالتلوّن بقميص برشلونة الاسباني، لكنهم في نهاية المطاف ارتدوا القميص الابيض الخاص بغريمه الأزلي ريال مدريد. هي قصة تشبه تماماً حكاية شابٍ قضى ايامه منتظراً موافقة فتاة احلامه على الارتباط به، لكنها تجاهلته فلم يكن لديه حلّ آخر سوى عقد الزواج مع أخرى، عن اقتناع، وليس عن حبٍ جارف يشبه ذاك الحب الأول الذي عصف به منذ ايام المراهقة.
هذه هي حال ثلّة من النجوم الذين انتظروا كثيراً اتصالاً من برشلونة، النادي الذي خطبوا ودّه منذ بزوغ نجمهم، لكنهم اضطروا الى الذهاب للوقوف في وجهه بقميص المنافس المباشر ريال مدريد.
آخر هؤلاء كان الكرواتي لوكا مودريتش الذي كانت كلماته الأولى لدى تقديمه لاعباً في صفوف ريال مدريد، غزلاً، اذ اجتهد في وصف ناديه الجديد بأنه الاعظم في العالم، مضيفاً: «وجودي هنا هو حلم تحوّل الى حقيقة». عبارة سمعناها سابقاً من لاعبين آخرين اصحاب اسماء رنانة دخلوا الجنة المدريدية، لكن هذه العبارة كانت مصطنعة لأن ريال مدريد لم يكن اصلاً الهدف الذي سعوا اليه طويلاً منذ انطلاق مسيرتهم.
ومن تابع مسيرة مودريتش تحديداً يدرك ان «الساحر الكرواتي» حلم دائماً باللعب بألوان «البرسا»، مظهّراً هذا الحلم من خلال صور ملهمه الذي يشبهه كثيراً في الشكل اي «الهولندي الطائر» يوهان كرويف. مودريتش اراد ان يكرر «أسطورة» احد ابرز النجوم الذين مروا على «كامب نو»، فراحت افكاره الى حدّ تخيّل نفسه مرتدياً القميص الرقم 14 الشهير، قبل ان تحطّ به الرحال في المقلب الآخر من الكرة الاسبانية بقميصٍ ابيض يحمل رقماً (19) لم يتخيّله يوماً مطبوعاً على قميصه.
كرويف نفسه اثار احلام مواهب اخرى، وخصوصاً تلك التي تربّت في اياكس امستردام على قصص اهدافه الخرافية مع برشلونة، فتحوّل الفريق الاخير وقميصه الازرق والاحمر حلماً يراودهم. وأحد هؤلاء كان رافايل فان در فارت الذي سطع نجمه مع الفريق الاشهر في هولندا، فأراد ان يسير على درب كرويف، وعند سؤاله اواخر عام 2003 اذا ما كان يخوض موسمه الاخير مع أياكس، كان جوابه بأنه مستعد للرحيل الى نادٍ اكبر، لا بل ذهب الى القول بأنه يشعر بصلةٍ عاطفية بينه وبين ألوان «البلاوغرانا»، مستطرداً بأن جدته تشجّع برشلونة وان النادي الكاتالوني هو الذي يلقى تأييده دائماً لانه يشعر بانجذاب غير طبيعي له.
لكن ماذا حصل بعدها؟ انتقل فان در فارت الى هامبورغ في 2005 ومنه الى ريال مدريد في 2008 حيث قال عامذاك بأنه حقق الحلم الذي انتظره طويلاً!
وعلى خطى فان در فارت سار ويسلي سنايدر الذي حلم بأن يكون قائد وسط برشلونة يوماً ما، لكنه عَبَر الى ريال مدريد حيث لم يحصد على غرار مواطنه سوى الخيبات فحزم حقائبه راحلاً باتجاه إنتر ميلانو الايطالي.
«كاذبٌ» آخر في هذا المجال هو الالماني مسعود أوزيل. فاذا كان البعض نسي أقاويل فان در فارت وسنايدر لأنها تعود الى مطلع الالفية الجديدة، فإن ما قاله الكردي الاصل لا يزال عالقاً في الاذهان لانه يعود الى عامين تقريباً. أوزيل وقتذاك كان مطلباً لأندية كبيرة مثل بايرن ميونيخ في بلاده ومانشستر يونايتد وارسنال الانكليزيين ويوفنتوس الايطالي، لكنه قابل هذه الاهتمامات بتصريحٍ بسيط: «أحلم باللعب مع برشلونة وارتداء قميصه لأنني اشجعه منذ طفولتي ولا اعرف سبب سحري به، لكنني مستعد لهذا الامر»، وقد ورد في موقعه الالكتروني الذي يحوي سيرته الشخصية ان ناديه المفضل هو ذاك الكاتالوني. وهذا التصريح تحوّل طبعاً في الصيف الماضي الى «حققت حلمي باللعب مع ريال مدريد».
أما سبب تبخّر احلام هؤلاء اللاعبين المميزين فهو أنهم لمعوا في عصرٍ لا مكان فيه لأمثالهم في خط وسط برشلونة الذي يضم «عباقرة» بكل ما للكلمة من معنى، اذ رغم علوّ كعبهم، فإن قدراتهم لا تفوق اطلاقاً تلك التي يتمتع بها شافي هرنانديز واندريس إينييستا وسيسك فابريغاس، فكان القبول بالامر الواقع بالتحوّل الى العاصمة والفريق الملكي.
فعلاً مزعجون هؤلاء «الشياطين» الكاتالونيون، فهم يدمرون احلام الطفولة لنجومٍ كثيرين، قبل ان يتحوّلوا الى كوابيس تمحي احلام اليقظة على ارضية الميدان.



جمعوا المجد من طرفيه


كثر هم اللاعبون المميزون الذين جمعوا بين طموحهم واحلامهم للعب مع القطبين برشلونة وريال مدريد، وذلك رغم ان بعضهم اتُهم بالخيانة العظمى لقيامه بنقلةٍ الى الفريق العدو. ومن ابرز النجوم الذين جمعوا المجد من طرفيه ناحية ارتدائهم الوان برشلونة وريال مدريد: ريكاردو زامورا والالماني برند شوستر والروماني جورجي هاجي والدنماركي ميكايل لاودروب (الصورة) والكرواتي روبرت بروزينيكي ولويس إنريكه والبرتغالي لويس فيغو والبرازيلي رونالدو والكاميروني سامويل إيتو والارجنتيني خافيير سافيولا.