بعد برشلونة الإسباني ومانشستر سيتي، ها هو مانشستر يونايتد يحصل أيضاً على قضمة من أرسنال ليزيد من هزالة جسم الفريق اللندني، ويفقد ترسانة «المدفعجية» سلاحاً فتاكاً آخر، إذ إن سيناريو المواسم الأخيرة يحضر مجدداً هذا الصيف، فبعد الفرنسيين سمير نصري وغايل كليشي والإسباني فرانشيسك فابريغاس، غادر روبن فان بيرسي «ستاد الإمارات» حازماً حقيبته باتجاه «العدو» مانشستر يونايتد.
سبب رحيل فان بيرسي لا يمكن فصله أبداً عن السببين المشتركين اللذين دفعا غيره من النجوم الذين سبقوه الى ترك أرسنال. السبب الأول يتمحور حول عدم تعزيز الفريق لصفوفه بلاعبين من الصف الأول بهدف المنافسة بشكلٍ جديّ محلياً وأوروبياً.
أما السبب الثاني فيختصر بسعي هؤلاء النجوم نحو ربحٍ مادي أكبر، بحيث إنهم يحصلون على أجرٍ مضاعف عند انتقالهم الى وجهة جديدة.
إذاً، الضربة عينها يتلقاها أرسنال، إذ إن شارة القيادة يرميها كابتن آخر باتجاه المدرب الفرنسي أرسين فينغر، تاركاً إياه أمام مسألة حسابية جديدة تبدو أكثر تعقيداً.
وهذا ما بدت عليه الحال في الصيف الماضي عندما قرر فابريغاس العودة الى ناديه الأم برشلونة، لكن مسألة فان بيرسي وتأثيرها السلبي الكبير أقسى بكثير على الـ«غانرز»، فالخسائر لا يمكن حصرها فقط في أن أرسنال خسر قائده ونجمه وهدافه الأول، بل إنه منح ورقة مهمة لغريمٍ تصارع وإياه لسنوات طويلة على لقب الدوري الإنكليزي الممتاز، وذلك في ظل حربٍ باردة اسكوتلندية - فرنسية بين المدربين «السير» أليكس فيرغيسون من جهة، وفينغر من جهة أخرى لاستقطاب أهم نجوم العالم الى فريقيهما، من دون أن يسمحا في أن يعبر أي من مفاتيحهما الأساسية الى الجهة المعاكسة.
لكن فان بيرسي فعلها ملصقاً بنفسه صفة «الخائن الأكبر»، فتحوّل في ليلة وضحاها من «ملاك» عند جماهير أرسنال الى «شيطان» ملعون لموافقته على ارتداء قميص «الشياطين الحمر»، إذ كان مقبولاً عند اللندنيين انضمامه الى نصري وكليشي في سيتي أو تحوّله الى برشلونة أو يوفنتوس الإيطالي، لكن لا الى الفريق الذي أذلهم منذ سنة تحديداً عندما ألحق بهم (بوجود فان بيرسي الذي أهدر ركلة جزاء) خسارة لا تنسى بنتيجة 2-8.
ومن دون شك أن مانشستر يونايتد أبرم الصفقة الأهم ربما منذ وصول واين روني الى «أولد ترافورد»، إذ يمكن أن يخلق الأخير مع «فان غول» الكرة الهولندية ثنائياً رهيباً، وخصوصاً في حال لعب «الولد الذهبي» خلف فان بيرسي مانحاً له حرية التحرك في خط المقدمة، على غرار ما كان عليه الأمر مع أرسنال.
وإذا تطرقنا الى الأرقام تصبح الرهبة أكبر من السلاح الفتاك الذي يمتلكه مانشستر يونايتد حالياً، إذ إن فان بيرسي سجل 37 هدفاً في الموسم الماضي منها 30 في الـ«برميير ليغ»، وإذا جمعنا أهدافه مع تلك التي حصدها روني، يكون المجموع 72 هدفاً، وهو رقم إذا ما أصابه يونايتد في الموسم الجديد سيكون من شبه المستحيل عدم عودة كأس البطولة الى خزائنه.
هذه الكأس يبدو أنها أصبحت هوساً عند فيرغيسون لأنها ذهبت الى الجار مانشستر سيتي، ولهذا السبب نجد أن «السير» بدّل للمرة الأولى من استراتيجيته، إذ ذهب الى التعاقد مع لاعبٍ في الـ 29 من العمر بمبلغٍ كبير (قد يتجاوز الـ 73 مليون جنيه استرليني عند إضافة أجر فان بيرسي عليه)، هادفاً الى استعادة اللقب المحلي مهما كان الثمن. لذا يمكن القول إن فيرغيسون لم يعد يفكر في المستقبل على غرار ما كان عليه الأمر سابقاً عندما تعاقد مع المهاجم المكسيكي خافيير هرنانديز مثلاً، وذلك ربما لأن «السير» شعر بأن الوقت بدأ يداهمه في الملاعب قبل اعتزاله نهائياً، وهو يريد بالتالي أن يحصد أكبر غلّة من الألقاب في أقصر فترة ممكنة.
ويضاف الى هذا الأمر أن استقدام فان بيرسي جاء بمثابة «فشة خلق» لفيرغيسون إثر خسارته السباق الى خدمات البلجيكي إدين هازار والبرازيلي لوكاس مورا في وقتٍ سابق. إلا أن «فشة الخلق» الأكبر قد تطال رأس فينغر في الفترة المقبلة، وهو المصرّ على عدم تعويض نجمه الهولندي بحيث إنه سيعتمد على الألماني لوكاس بودولسكي لسد الفراغ الكبير في رهانٍ مجهول النتائج، وخصوصاً أن المرحلة ستشكل تجربة أولى لـ«بولدي» في دوري صعب احتاج فيه فان بيرسي نفسه إلى سنوات حتى بلغ النضوج في الموسمين الأخيرين تحديداً.



أقوى من هجوم 1999


رأى «السير» أليكس فيرغيسون أنه بقدوم روبن فان بيرسي الى فريقه، فإنه بات باستطاعته القول إنه يملك هجوماً يمكن مقارنته بذاك الذي تسلّح به عام 1999 وتمكن من خلاله من غنم لقب دوري أبطال أوروبا بطريقة خرافية في مواجهة بايرن ميونيخ الألماني في نهائي «كامب نو». ويأتي كلام فيرغيسون انطلاقاً من وجود واين روني الى جانب فان بيرسي في خط المقدمة، وهما سيحظيان بمساندة المكسيكي خافيير هرنانديز وداني ويلبيك، اضافة الى الياباني شينجي كاغاوا «اذا عدنا الى 1999 كان لدينا أندي كول ودوايت يورك وتيدي شيرينغهام وأولي غونار سولسكيار أي أفضل أربعة مهاجمين في أوروبا، وها نحن نعود مع الموجودين حالياً لنرسم صورة عن الحقبة عينها، لكنها منقّحة بوجود كاغاوا أيضاً».