لا يمكن أن تستمر الأمور على هذه الحال في منتخب لبنان. عبارة يرددها كثيرون داخل الاتحاد وخارجه بعد فترة حرجة عاشها المنتخب منذ ما بعد التأهل الى الدور الحاسم. أعضاء اتحاد لديهم ملاحظات على سلوك المدير الفني ثيو بوكير وتعاطيه مع اللاعبين. بوكير، بدوره، يشعر وكأن «قلبه محبّل» مما يحصل حوله. لاعبون يبدو أنهم فقدوا الحافز، وأعضاء اتحاديون يعتبرون أنهم فقدوا احترامهم لبوكير. رئيس الاتحاد هاشم حيدر مبتعد «على زغل» عن بوكير، تاركاً لرئيس لجنة المنتخبات أحمد قمر الدين مهمة التواصل مع بوكير، وفقاً لقرار اللجنة العليا. قمر الدين رئيساً للجنة غير موجودة، وبالتالي لا يمكن إدارة منتخبات وطنية دون أعضاء لجنة يعاونونه في عمله. وقد تكون الأسباب متعلّقة باحتمال الخلاف داخل اللجنة العليا على الأسماء، وكما كل شيء في لبنان: حين نختلف لا نسمّي.
مشاركة في كأس العرب كشفت تطوّراً في الأداء اللبناني حتى بلاعبي الاحتياط، لكنها في الوقت عينه كشفت عن مجموعة من اللاعبين لا يستحقون أن يكونوا في المنتخب. ويرى مصدر متابع لأمور المنتخب أن على الجهاز الفني ولجنة المنتخبات إجراء تغييرات وفتح الباب أمام لاعبين واعدين يتم تحضيرهم من الآن ليكونوا أساسيين في تصفيات كأس آسيا 2015 التي ستنطلق العام المقبل في تشرين الأول. ويضيف المصدر الكروي إنه إذا كان المعنيون يريدون أن يكونوا واقعيين، فإن حظوظنا بالتأهل الى كأس العالم أصبحت ضعيفة جداً. وعليه، يجب أن يتم الانتقال الى مرحلة الإعداد لتصفيات كأس آسيا 2015 والتأهل الى النهائيات للمرة الأولى في تاريخ لبنان من خلال الملاعب وليس عبر المكاتب كما حصل عام 2000 حين استضاف لبنان البطولة.
المرحلة الجديدة يراها أحد المتابعين الكرويين مثلّثة الأضلاع، تتضمن الاتحاد وبوكير واللاعبين. فأعضاء الاتحاد لا يمكن أن يستمروا بهذا الأسلوب تجاه بوكير، إذ لا تأتي سيرته أمام بعض الأعضاء حتى يستفيضوا في ملاحظاتهم عليه. وبالتالي لا بد من الجلوس معه ووضع خريطة طريق للمرحلة المقبلة على صعيد الأداء وطريقة التعاطي ومنهج العمل الإداري لبوكير. أو في حال كانت هناك رغبة بالتغيير فيجب أن يتم سريعاً، ولكن بعد الإجابة عن ثلاثة أسئلة أساسية:
1_ من هو البديل، وهل هو أفضل من بوكير، وهل الفترة الحالية تحتمل مثل هذه الخطوة؟
2_ هل هناك قدرة مادية لدى الاتحاد للتعاقد مع مدرب رفيع؟ وخصوصاً أن الجميع يعلم أن المبلغ الذي يتقاضاه بوكير قد يكون عبارة عن مصاريف نثرية لمدرب من مستوى عال (دون أن يعني هذا أن يمنّن بوكير الاتحاد بذلك).
3_ هل تصل الملاحظات على بوكير الى حدود تغييره، وخصوصاً بعد العروض التي يقدمها منتخب لبنان؟
ويشير متابع لمنتخب لبنان إلى أن العلاقة بين بوكير وحيدر لا يمكن أن تستمر على هذا المنوال، وليس بإمكان بوكير أن يكون في حالة عداء مع رئيس الاتحاد حتى لو لم يكن هناك تقاطع في العمل معاً. من هنا، يشير المصدر الى وجوب ترميم العلاقة وإعادتها الى سابق عهدها، مع بعض التأكيد على أن علاقة بوكير بالاتحاد تكون من خلال قمر الدين، لا من خلال حيدر. لكن هذا لا يمنع أن تكون هناك علاقة ودية مع رئيس الاتحاد. ويضيف مصدر مطّلع إن بوكير يفسّر الأمور في بعض الأحيان «على ذوقه»، دون أن يكون هناك أساس لها وقد ينساق معه البعض، وخصوصاً أن سوء النيّة حاضر دائماً في العلاقات بين الأطراف.
فإذا أخذنا مسألة مكافآت مباراة أوزبكستان، واستثناء الجهاز الفني منها وتخصيصها للاعبين فقط، نجد أن هناك سوء تفسير للوقائع. فكثر ظنوا أن الاتحاد وتحديداً هاشم حيدر استثنى الجهاز الفني من المكافآت نكاية ببوكير، في حين يكشف أحد العالمين بتفاصيل الموضوع أن القصة ليست كذلك لا من قريب ولا من بعيد.
ففي جلسة الاتحاد التي أقرت فيها المكافآت، كان هناك توجّه من رئيس الاتحاد بصرف مبلغ 7500 دولار للاعبين، انطلاقاً من القرار بدفع 15 ألف دولار في حال الفوز، ونصفه في حال التعادل، كما أن حيدر لم يكن يريد استثناء الجهاز الفني. لكن شح الأموال في صندوق الاتحاد دفع بحيدر الى تخفيض المبلغ الى 5 آلاف للجميع دون استثناء. وهنا تدخّل أمين الصندوق محمود الربعة، مشيراً الى عدم وجود أموال كافية لتغطية المبلغ. وفي حال قررت اللجنة العليا ذلك، فحينها لن يكون بإمكان الاتحاد دفع رواتب موظفيه آخر الشهر. حينها طرح الأمين العام جهاد الشحف وزميل له (لا يحب ذكر اسمه) دفع 5 آلاف كمكافأة لكل لاعب أساسي، ونصف هذا المبلغ للاعبي الاحتياط وتأجيل مكافآت الجهاز الفني لحين تأمين الأموال.
ويأتي هذا المثال كعيّنة عن انعدام الثقة بين الأطراف، وهو أمر يجب معالجته سريعاً، وجمع الأطراف في لقاء ثان، حتى لو أن اللقاء الأول لم يحصل رغم حضور أحدهم الى الموعد.
تبقى هناك مسألة اللاعبين، وضرورة إعادة النظر في وجود بعض منهم في المنتخب، والبدء في استثمار بعض المواهب التي برزت في منتخبات أخرى، وخصوصاً أن عمر اللاعب له حد، وسيجد القيّمون على المنتخبات أنفسهم في لحظة معينة في المستقبل أمام مجموعة من اللاعبين الكبار الذين سيعتزلون اللعب عام 2015 وقبله. ولا يتوقف الموضوع عند هذا الحد، بل يجب الجلوس مع بعض اللاعبين الذين تراجع مستواهم أو غابوا عن المنتخب دون سبب وجيه والاستماع إليهم من جهة، وسؤالهم عن المرحلة الحالية من جهة أخرى.
ما تحقق على صعيد المنتخب اللبناني كبير وكبير جداً، وحرام أن يضيع في زواريب التعنت والشخصانية وعدم احترام الآخرين، فهي فرصة ذهبية بدا لونها يبهت وقد لا تتكرر لاحقاً.



جلسة إتحادية خاصة للمنتخبات

رغم النظرة السلبية التي يحملها معظم أعضاء الاتحاد تجاه المدرب ثيو بوكير، إلا أن هناك تأكيداً منهم بأنهم لا هم ولا رئيس الاتحاد هاشم حيدر يريدون تغيير بوكير. لكنهم يرون ضرورة تخصيص جلسة تناقش أمور المنتخبات عموماً ومعالجة الثغَر التي ظهرت في الفترة الأخيرة، ووضع النقاط على الحروف في ما يتعلّق بتصرفات البعض.