يجتهد الاتحاد العربي لكرة القدم كثيراً ويكثف اجتماعاته ولقاءاته بلا جدوى أو طائل، لتنعكس على حاله حالة «الأمة العربية» كلها من المحيط إلى الخليج، وهي «العرب لا يتوحدون». بطولة كأس العرب التي انطلقت قبل أيام قليلة في السعودية، وعلى الرغم من «رمزية» إقامتها ورفع الحوافز المادية للمشاركين فيها، إلا أنها لم تحظَ بالاهتمام الكافي من الاتحادات المنضوية تحت «عباءة» الاتحاد العربي.
عدم انتظام المسابقات التي يحبّذ الاتحاد العربي إقامتها دليل واضح على عدم أهمية هذا الاتحاد؛ فكأس العرب التاسعة تأتي بعد عشر سنوات من البطولة الثامنة التي أقيمت في الكويت، ولم يلتئم الشمل العربي فيها بسبب مشاركة 11 منتخباً، وهو نصف عدد الدول العربية، أي إن هناك منتخبات آثرت الانسحاب لاقتناعها بأن هذه البطولة «لا تقدّم ولا تؤخر».
الأمر الثاني الذي يُضعف من هذه البطولة هو نوعية المشاركين؛ إذ إن كل المنتخبات المشاركة تدخل البطولة إما بغيابات كثيرة في لاعبيها الأساسيين أو أنها تشارك بالصف الثاني والثالث وحتى الأولمبي، الأمر الذي يفقد البطولة قوتها وفنياتها، وبالتالي تصبح دورة عادية من دون أهمية تنافسية. والأمر الأبرز أيضاً هو التوقيت، إذ تأتي البطولة في ظل انشغال العالم بكأس أوروبا التي تحظى باهتمام كبير في الشارع العربي، علماً بأن كأس العرب تأتي في عزّ الموسم الصيفي وعقب موسم كروي طويل وتقام في مناخ حار وقاس.
هذه المشاكل تنسحب على باقي مسابقات الاتحاد العربي، الذي يرأسه الأمير السعودي نواف بن فيصل، حيث إن هناك عجزاً في إعادة العمل ببطولة الأندية بعد توقفها منذ سنوات، وهنا يمكن طرح جدوى هذا الاتحاد وكيفية تفعيله، ولا سيما أن الاتحاد الدولي لا يعطي المسابقات العربية أهمية، رغم أن «يوافا» يعمل بموجب أحكام نظام الاتحاد الدولي وقوانينه ولوائحه، ويلتزم كل قراراته وتعليماته. لذا، لماذا إقامة كأس العرب في ظل دورية إقامة كأس الخليج وكأس غرب آسيا وكأس شمال أفريقيا وكأس حوض النيل التي يكون العرب 95% من أعضائها، إضافة إلى أمم آسيا وأفريقيا؟
وتتضارب المسابقات التي ينوي الاتحاد العربي تنظيمها مع مواعيد المسابقات الدولية، كما هي الحال لكأس أوروبا وكأس العرب حالياً، ما يجعل البطولات العربية مهددة دائماً بعدم الانتظام.
وكان الاتحاد العربي قبل نحو عقد من الزمن قد تباحث في انضمام الاتحاد العربي إلى «الفيفا» واعتبار مسابقاته جزءاً أو أن يكون اتحاداً قارياً متكاملاً على غرار الكونكاكاف أو الاتحاد الأوقيانوسي، وقد أكد رئيس «الفيفا» السويسري جوزف بلاتر وقتها دعمه للأمير سلطان الذي كان رئيساً للاتحاد العربي، لكن الأمور تجمدت واستمر الانقسام الكروي العربي.
وكانت فكرة الأمير سلطان تقضي بأن يكون الاتحاد العربي جزءاً من الاتحاد الدولي، ويحظى بالدعم نفسه الحاصل عليه كل اتحاد قاري مع تخصيص بطاقات للمشاركة في كأس العالم على سبيل المثال من ضمن حصة كل قارة. لكن كل هذه الأفكار والاقتراحات ذهبت أدراج الرياح.
وحظيت قطر بشرف استضافة كأس العالم 2022، وهي المرة الأولى التي تنظم فيها إحدى الدول العربية البطولة الأهم في كرة القدم. وهنا يبرز كيفي سيستثمر الاتحاد العربي هذا الأمر ليضاعف من قوة وجوده على الساحة العالمية.
والدول العربية، ولا سيما الخليجية، هي الأغنى في العالم، واتحاداتها الكروية لديها إمكانات مادية هائلة، ويمكن أن تنتج اتحاداً «قارياً» فاعلاً، لكن الأمر يحتاج إلى توحيد الرؤية الكروية العربية وإبعادها عن الارتدادات السياسية التي تسيطر على كل المفاصل. وتبقى أحداث مباراة «مصر والجزائر» ماثلة في الأذهان لتُظهر كيف نخرت السياسة في الرياضة العربية.
الربيع العربي لم ينفع العرب سياسياً، فهل من ربيع للكرة العربية؟