أكثر المباريات إثارة في كأس أوروبا حتى الآن احتاجت فيها إيطاليا الى 120 دقيقة لتكسر التعادل السلبي مع إنكلترا وتبلغ دور الأربعة بفوزها 4-2 بركلات الترجيح. الدقائق الـ 45 الأولى مرّت بسرعة، فهي ربما كانت الأفضل في البطولة حتى الآن، وخصوصاً أن المنتخبين أرادا إبراز عضلاتهما منذ لحظات البداية التي شهدت تسديدة بعيدة ورائعة لدانييلي دي روسي، ارتدت من القائم الأيمن، ردّ عليها غلين جونسون بكرة من على باب المرمى، أبعدها جانلويجي بوفون بأعجوبة.
عموماً، كان الإيطاليون الأكثر استحواذاً وجرأة في الهجوم، مستفيدين من كثافة وجودهم في الوسط لفرض سيطرة ميدانية، بينما لعب الإنكليز بطريقة مدروسة حيث انتظروا قدوم الطليان الى منطقتهم لانتزاع الكرة والانطلاق بهجمات مرتدة. إلا أنه رغم ذلك، كان بإمكان إيطاليا هزّ الشباك لو سرّعت من وتيرة اللعب قليلاً أو لو لعبت على الأجنحة بدلاً من التركيز فقط على مسألة محاولة إيصال الكرة الى أنطونيو كاسانو وماريو بالوتيللي. أضف أن أندريا بيرلو وريكاردو مونتوليفو ورفاقهما في الوسط لم يحسنوا اللعب بين الخطوط وفي ظهر الدفاع الانكليزي المتقدّم بعض الشيء، باستثناء كرة طويلة من الأول الى بالوتيللي الذي تباطأ في التعامل معها لينقض عليها جون تيري.




الوجه الهجومي الجديد لإيطاليا ظهر في الشوط الثاني، حيث انعكست الآية القديمة، إذ استغنى الانكليز عن نزعتهم الهجومية التي سرقها منهم «الآزوري»، فكانت كرات الإيطاليين تسقط هنا وهناك، ونجا هارت من هدفين أهدرهما دي روسي وكاسانو في لحظتين افتقدا فيهما التركيز بالشكل المطلوب.
في الدقائق الأخيرة من هذا الشوط، بدت انكلترا ميتة هجومياً وكأنها تتمنى جرّ الطليان الى ركلات الترجيح، بعدما دأب هؤلاء في مناسبات عدة على فعلها مع خصومٍ أقوى منهم، فلم يكن مستغرباً أن يتم اللجوء الى تمديد الوقت.



الوضع لم يتغيّر أبداً، هجوم إيطالي مقابل دفاع إنكليزي، والحارس جو هارت في مواجهة دائمة مع زميله في مانشستر سيتي بالوتيللي، ليعطي منتخبه ما أراده، أي ركلات الترجيح التي وضعته في مواجهة أخرى، لكنه خرج منها دامعاً.
وفي ركلات الترجيح، سجل لإيطاليا بالوتيللي وبيرلو ونوتشيرينو وديامانتي، وأهدر مونتوليفو، بينما سجل لإنكلترا جيرارد وروني، وأهدر يونغ وكول.

إسبانيا - فرنسا 2-0

نصف النهائي الثاني سيشهد «دربي» شبه الجزيرة الإيبيرية بين إسبانيا والبرتغال، وذلك بعدما فرض المنطق نفسه بعبور حامل اللقب على حساب منتخب فرنسا 2-0، في مباراة قدّم فيها الإسبان كل شيء ومنافسوهم لا شيء.
وبقدر الحديث عن الانتصار الإسباني الذي يمكن التوقّف عند نقاطٍ عدة فيه، هناك كلام لا ينتهي عن فرنسا التي كان يُنتظر منها أكثر بكثير في مواجهة أبطال العالم، ولو أن الفارق في المستوى بين المنتخبين ظهر شاسعاً في نهاية الدقائق التسعين.



البداية من عند إسبانيا، حيث وجّه المدرب فيسنتي دل بوسكي رسالة مهمة الى كلّ من انتقده في بداية البطولة عندما خاض المباراة أمام إيطاليا من دون مهاجمٍ صريح. مدرب ريال مدريد السابق أعاد الكرّة، فدفع بسيسك فابريغاس على حساب فرناندو توريس، مشيراً الى أنه غير آبهٍ بكل ما قيل عن فشل هذه الخطة، التي نجحت هذه المرة لتعطي تبريراً لما قاله مؤيدو دل بوسكي بأنه لا يمكن الحُكم على أي منتخبٍ في مباراته الأولى، وإن ثقل الإسبان في لاعبي وسطهم الذين لا يمكن الاستغناء عن أيّ منهم. والفكرة الأخيرة كانت محط تداول عشية المباراة، حيث حكي عن بقاء توريس أساسياً على حساب شابي ألونسو من أجل إفساح المجال أمام فابريغاس لبدء اللقاء.
ألونسو وضع حدّاً لهذا الكلام، فخرج من ظل نجوم وسط برشلونة الذين كانوا دائماً بيضة القبان في التشكيلة، فسجل هدفاً أول برأسه في الدقيقة 19 وآخر من ركلة جزاء في الدقيقة 91 ليحتفل بمئويته الدولية بأفضل طريقة ممكنة.
أما فرنسا فهناك الحكاية الغريبة، إذ يُسأل المدرب لوران بلان أولاً عن سبب وضعه ماتيو ديبوشي في مركزٍ لم يشغله منذ بداية مسيرته، أضف إلى وضعه فلوران مالودا في مركز لاعب الارتكاز، فكان واجبه الدفاعي محدوداً، حتى إنه كان بعيداً جداً لحظة تسجيل ألونسو هدفه الأول، في الوقت الذي كان عليه مراقبته.
الحقيقة أن المدرب السابق ريمون دومينيك وتبديلاته المثيرة للجدل حضرت في خيارات بلان الذي أراد فرض شخصيته ومحاسبة بعض اللاعبين على تقاعسهم في المباراة السابقة أمام السويد، لكن هؤلاء ردّوا عليه على أرضية الميدان، فبدا سمير نصري غير راغبٍ في التأثير على مجريات اللقاء ليصبح هذا اللاعب الموهوب مشكلة للفرنسيين داخل الملعب وخارجه. والواقع أن المشكلات أبعد من نصري، إذ الى خروج كريم بنزيما من البطولة من دون تسجيل أي هدف، تم إبعاد ألو ديارا بشكلٍ مستغرب، بينما يحكي خروج يان مفيلا رافضاً مصافحة عن قصة مشاكل كثيرة هي أسوأ من نتيجة «الديوك» في البطولة القارية.
(الأخبار)