زلاتان ابراهيموفتيش، قائد المنتخب السويدي، الذي قدم أداءً رائعاً في كأس أوروبا، خرج من الدور الأول خالي الوفاض ودفن بخروجه آماله في الفوز بلقبٍ دولي كبير، لقب لم يحرزه بعد. ومن خلال أداء إبراهيموفيتش في المباريات الثلاث أمام أوكرانيا (1-2)، وإنكلترا (2-3) وفرنسا (2-0) يمكن القول إن البطولة كشفت أن «إيبرا» نضج كثيراً عمّا كان عليه من قبل، وإنه، كما قال، في أفضل مستوى عرفه طيلة مشواره، حيث لعب في مركز المهاجم المتأخر، ليحاول تقديم ما هو أكثر من الأهداف، من صنعها الى تسجيلها، الى المساندة الدفاعية التي تعدّ نقطة ضعفه نسبياً.

ولعب إبراهيموفيتش دور القائد الميداني الذي لا غبار عليه، ولا سيما أنه يتمتع بشخصية قوية بين زملائه، وقد اتسم تعامله معهم بالشدة المطلوبة لدى القائد، حيث شنّ هجوماً حاداً عليهم بسبب «عدم احترافيتهم» التي تسببت بالهزيمة أمام أوكرانيا، وكان غاضباً بشدة من أداء اللاعبين في المباراة وعدم قدرتهم على الخروج بنتيجة إيجابية، ما انعكس إيجاباً على مردودهم في المباراتين الأخيرتين.
وكادت السويد أن تتأهل الى الدور ربع النهائي عن المجموعة الرابعة لولا سوء الحظ الذي لازمها، وخصوصاً في مباراتها ضد انكلترا لأن رجال ابراهيموفيتش ظهروا بمستوى مشرف، غير أن الكرة خذلتهم ليخرجوا بعد الفوز على فرنسا مرفوعي الرأس، وسط تصفيق الجماهير السويدية التي أبدت إعجابها بمنتخبها وبـ«إيبرا» الذي سجل هدفاً ستذكره الأجيال المقبلة وسيظل عالقاً في الأذهان ويعد أجمل هدف في «نسخة 2012» حتى الآن، حيث تلقى السويدي كرة عرضية لم يتوانَ في تسديدها من وضعية هوائية جانبية بكل قوة داخل الشباك الفرنسية، أسكت بها صيحات «الديوك» الذين كانوا يعتقدون بأنهم أمام مهمة سهلة نسبياً، بعدما تأكد خروج السويديين من المنافسة على إحدى بطاقتي التأهل.
وبعدما أقنع المدير الفني للمنتخب إريك هامرين «ايبرا» بالعودة عن اعتزاله الدولي الذي كان قد أعلنه عام 2010، يبدو أنه لا نية لدى الأخير لإيقاف مسيرته الدولية، على الرغم من الخروج المبكر لمنتخبه، وهو يطمح إلى أن يكون قادراً على محاولة تحقيق إنجاز نوعي في المونديال المقبل في البرازيل عام 2014. وقرار هامرين بمنح شارة القيادة لـ«إيبراكادابرا» كان له الجانب الأكبر في إظهار جوانب مختلفة لشخصية النجم الأول من أجل مصلحة المنتخب. ولوحظ اتباع ابراهيموفيتش أسلوباً أكثر تواضعاً في التعامل مع محيط المنتخب، حيث تحوّل من كونه ذاك اللاعب الذي اعتاد الآخرون على اعتباره متصفاً بالفردية والغرور الى قوة ملهمة وموحّدة لمن حوله، مكّنت لاعبين آخرين من التألق.
ابراهيموفيتش أثبت منذ نعومة أظفاره امتلاكه ثقه عالية بالنفس، ظهرت في كتابه الشهير «أنا زلاتان» وأيضاً في تصريحاته الشهيرة، انعكست تماماً على عدد الجوائز والبطولات التي يملكها في خزائنه، حيث فاز ببطولات الدوري مع كل الأندية التي لعب لها، من أياكس أمستردام الهولندي ويوفنتوس وإنتر ميلانو الإيطاليين الى برشلونة الإسباني وميلان الإيطالي، لكن دوري أبطال أوروبا ظل عصياً عليه.
ومع أن «ايبرا» كان مطلوباً من أندية عدة، إلا أن الأداء الذي قدّمه أخيراً لفت الأنظار إليه من جديد، وخصوصاً من مانشستر سيتي الإنكليزي وريال مدريد الإسباني، ما قد يشجعه على الانتقال الى نادٍ أكثر قوة من ميلان سعياً منه للحصول على الكأس ذات الأذنين الطويلتين. وأمر انتقاله قد يبدو مرشحاً بقوة للحصول، وخصوصاً بعد المشاكل التي حصلت بينه وبين الـ«روسونيري» إثر كشفه بأن النادي الإيطالي لا يملك الأموال لعقد صفقات جديدة هذا الصيف وضم لاعبين مهمين.
ويبدو أن البرتغالي جوزيه مورينيو يحضر لمفاجأة من العيار الثقيل في السوق الشتوية المقبلة، وهي انتقال إبراهيموفيتش الى ريال مدريد. هذا ما تناقلته على الأقل الصحافة منذ مدة، وهي التي أكدت أن مورينيو اتصل بالنجم السويدي، وسأله: «هل تريد الانتقال الى ريال مدريد؟ إذا كنت تريد ذلك، فاستعد». جواب إبراهيموفيتش جاء إيجابياً بحسب ما ذكرته المصادر نفسها.
خلال كأس أوروبا الماضية عام 2008، انتُقد ابراهيموفيتش بشدة من قبل الإعلام السويدي بسبب فشله في الارتقاء إلى مستوى المباريات الكبرى والحاسمة وعدم تقديمه أداءاً مقنعاً على الإطلاق. إلا أن العروض التي قدمها في البطولة الحالية لم يلقَ صداها إلا المديح، الذي أقل ما يمكن القول عنه إنه يستحقه.