لا يمكن تفسير مدى التضارب في الأرقام التي أقرّها الاتحاد الأوروبي كعقوبات جراء تصرّفات جماهير بعض المنتخبات في كأس أوروبا، وإذ إن التفاوت في هذه الأرقام يستند أحياناً الى معايير معيّنة كارتكاب جماهير هذا المنتخب أو ذاك المخالفة للمرة الأولى، أو أنها كررتها، فإن حجم العقوبات الموقّعة لا تتطابق أبداً مع حجم المخالفات، ففي أحيان عدة استحق المخالفون عقوبات أكبر من تلك التي أنزلت بآخرين ارتكبوا مخالفة أقل ثقلاً.
ولا شك في أن تعاطي الـ «يويفا» مع «سرطان الملاعب» حالياً أي العنصرية، لم يكن على النحو المطلوب، وهذا ينسحب على أحداث الشغب التي أعقبت بعض المباريات ومنها لقاء روسيا وبولونيا، حيث جرى تغريم الأولى 120 الف يورو وحسم 6 نقاط من رصيدها مع وقف التنفيذ في التصفيات المؤهلة الى نسخة 2016، في حال تكرار ما حصل، لكن عدم جديّة الـ «يويفا» في كثير من القضايا الحاصلة جعل الروس يتشجعون لاستئناف هذه العقوبة، رغم معرفتهم بمدى الجلبة التي أحدثها جمهورهم داخل وخارج الملعب، ما أدى الى اعتقال اكثر من 200 شخص منهم.
وعدم الجديّة هذه ناتجة من عدم الصرامة التي أظهرها الـ «يويفا» في عقوباته ضد مطلقي الإساءات العنصرية بحق اللاعبين السمر، ليزيد بالتالي من الانتقادات الموجّهة ضده بسبب منحه الضوء الأخضر لبلد مثل أوكرانيا، حيث تنتشر العنصرية بوفرة في الملاعب لاستضافة الحدث، وذلك من دون العمل على خلق تسويق تثقيفي للجماهير من أجل محاولة الحدّ من هذه الآفة.
وبعد كل ما فعله الجمهور الكرواتي بحق المهاجم الايطالي ماريو بالوتيللي كانت العقوبة 100 الف يورو، وهي عقوبة ربما توازي سعر الموز، الذي اشتراه كل اولئك المشجعين القادمين الى البطولة القارية بهدف إظهار كراهيتهم لعرق آخر. اضف أن مدرب كرواتيا سلافن بيليتش كان اكثر حزماً في تعليقه على ما حصل، مطالباً بحرمان المشجعين المخالفين دخول الملاعب مدى الحياة.
وما يدهش اكثر هو أن العقوبة التي وقّعت بحق كرواتيا على خلفية ما ارتكبه مشجعوها تساوت مع حادثة المهاجم الدنماركي نيكلاس بندتنر، الذي كشف عن سروال تحتي يحمل اسم احدى شركات المراهنات الايرلندية، لدى تسجيله هدفاً أمام البرتغال. المخزي في هذا الموضوع البسيط هو تصويره كجريمة توازي تلك الآفة التي تضرب مدرجات الملاعب في كأس اوروبا، وتغريم بندتنر بنفس المبلغ اي 100 الف يورو، لا بل أُقرّ وقفه أيضاً مباراة واحدة، وإذ يمكن اعتبار ان اللاعب يستحق العقوبة لأن القوانين واضحة بشأن الكشف عن اعلانات خلال المباريات، فإن ما فعله لا يوازي بالتأكيد ما أقدم عليه الجمهور الكرواتي، او غيره من الجماهير الناقلة للعنصرية والشغب، وهو امر يعيد فتح ملف التضارب في ما تُقدم عليه لجنة العقوبات، التي على سبيل المثال غرّمت بورتو البرتغالي 20 الف يورو فقط بسبب تعرّض جمهوره لبالوتيللي على نحو عنصري، بينما دفع فريق الاخير مانشستر سيتي الانكليزي غرامة قدرها 38 الف يورو لمجرد دخوله الى الملعب متأخراً دقيقة واحدة بعد انتهاء فترة الاستراحة ما بين الشوطين!
الحقيقة أن من يجب أن يعاقب هو رئيس الـ «يويفا» الفرنسي ميشال بلاتيني، الذي لم يظهر حتى الآن سوى اهمال لملف العنصرية المستشري في ملاعب قارته، ويكفي انه هدّد اللاعبين من امثال بالوتيللي بالبطاقات الملوّنة إذا تركوا الملعب اعتراضاً على مهاجمتهم عنصرياً، ليصنّف في صفّ المتطرفين.



بطاقة صفراء للتحكيم

لم تكن كل قرارات الحكام على مستوى مباريات عدة في كأس أوروبا 2012، وقد توّجها عدم احتساب هدف صحيح لأوكرانيا في مرمى إنكلترا بعد عبور الكرة للخط على نحو واضح، ما أعلن وفاة تجربة الدفع بحكمين اضافيين، تكون مهمتهما مراقبة خط المرمى والحرص على تزويد الحكم الرئيسي بالقرار الصحيح. واللافت أن الحكمين في المباراة المذكورة كانا قريبين من الحالة، لكن عابهما التركيز رغم عدم اضطلاعهما بمهمة كبيرة مرفقة بضغط عالٍ، ما سيعيد الآن الحديث عن اعتماد تكنولوجيا مراقبة الخط.