ابتداءً من اليوم وحتى الأول من تموز المقبل، ستختصر بولونيا وأوكرانيا العالم الكروي في ملاعبها، فالكل سيكون مهتماً بما سيحصل هناك على مدار ثلاثة اسابيع تقريباً. كيف لا وجميع نجوم المستديرة سيكونون حاضرين لإطلاق المهرجان، الذي تجنّد له العديد من الأوروبيين حيث يضحي كثيرون منهم عادةً بإجازته السنوية من أجل تمضية أيامٍ مواكباً منتخب بلاده من مدينة الى اخرى، فهي بطولة تعني الكثير بالنسبة الى ابناء كل بلدٍ اوروبي، اذ انها بطولة تعطي المنتخب الفائز بها صولجان الحكم على القارة بأكملها لمدة اربع سنوات طويلة. ولقب «سيّد القارة» ليس بالأمر البسيط بالنسبة الى ايّ من الاوروبيين الذين كانوا في سباقٍ دائمٍ على الزعامة في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والرياضية، وخصوصاً تلك البلدان الكبيرة التي فرضت اسمها بين المتفوّقين في كلٍّ من هذه المجالات، امثال المانيا وايطاليا واسبانيا وانكلترا ...
في قارة آسيا لن تكون الحال مختلفة، رغم عدم ارتباط الآسيويين بشكلٍ او بآخر بهذه البطولة عبر منتخباتهم. لكن العشق للكرة الاوروبية سيجعل سكان شرق آسيا مثلاً يمضون الليل وهم يقاومون النعاس من اجل متابعة المباريات التي ستقام في وقتٍ متأخر بالنسبة اليهم. لذا فان ارباب العمل في اليابان والصين وتايلاند وماليزيا وغيرها، يمكنهم ان يتوقعوا اجازات مرضية كثيرة او عيوناً تعبة من جراء السهر الطويل، وصولاً الى انتاجية اقل.
الكلّ سيصاب بالهوس، والحديث الوحيد في الأسابيع المقبلة سيكون عن الملاحم الكروية التي سيخطّها رجال المنتخبات المشاركة في البطولة. لكن المحظوظ الأكبر سيكون حامل الجنسية البولونية او الأوكرانية الذي ستستضيف بلاده المباريات، حيث سيكون على مقربة من الأجواء كلّها كون الحياة اليومية للبولونيين والأوكرانيين ستتحول نكهتها كروية مئة في المئة. وهؤلاء دفنوا الكثير من احقاد الماضي الغابر تجاه بعض «الأعداء القديمين»، وذلك بغية تأكيد أحقيتهم في استضافة الحدث بعدما علت انتقادات كثيرة بشأن منح دولتين من شرق القارة هذا الامتياز على حساب بلدانٍ أعرق كروياً من الناحيتين التنظيمية والفنية.
البولونيون نسوا حقدهم التاريخي على الألمان الذين اجتاحوا بلادهم في الاول من ايلول عام 1939 في ما عرف ببداية الحرب العالمية الثانية، فنقلت المحطات المحلية لحظة وصول المنتخب الألماني مباشرة على الهواء وتجمهر المشجعون في مطار غدانسك لاستقبال افراده، وتبخّرت 600 بطاقة في 13 دقيقة وهي مخصّصة لحضور تمارين «المانشافت»، ما اجبر المنظمين على تخصيص 1000 بطاقة اضافية لتحفيف غضب المعترضين على ما حصل، وتحديداً اولئك الذين قَدِموا لمشاهدة المهاجمين ميروسلاف كلوزه ولوكاس بودولسكي ذوي الأصول البولونية.
تشجيع البولونيين والاوكرانيين لكلّ الوفود القادمة بات يرتقي الى مستوى المنتخبات الموجودة في البطولة والتوقعات حول ارتفاع معدل الاثارة فيها الى اعلى درجاته. وببساطة تدلّ المجموعات الاربع على حجم قوة المباريات، اذ ان عشرة من افضل المنتخبات في العالم قد تجد نفسها خارج المنافسة عند الحاجز الأول. اضف، أن التحليل الفني للمنتخبات يدلّ على ان الطابع الهجومي الجذاب لن يغيب عن ادائها، فهي جاهزة لإمتاع المتابعين بنوعية لعبٍ استثنائية.
إسبانيا حاملة اللقب مثلاً تتحضر لتقديم عرضٍ آخر لـ «تيكي – تاكا» التي بدأت تصبح فلسفة كروية يريد كل مدربي العالم من لاعبيهم تطبيقها على ارض الملعب، وهي ترتكز على التمرير ثم التمرير فالتمرير. أما وصيفتها المانيا، فإنها مرشحة لمنافستها وقطع الخطوة الأخيرة بشكلٍ ناجح هذه المرة بعد نضوج جيلها المميّز الذي قدّم افضل كرة في بطولة 2008 ومونديال 2010 من دون الوصول الى احد اللقبين.
ومن بعدهما تأتي تلك المنتخبات التي تملك النوعية دونها النتائج الايجابية في نهاية المطاف، امثال هولندا وفرنسا. المنتخب البرتقالي كان غالباً اجمل ما يمكن مشاهدته في البطولات الكبيرة بأسلوبه الشامل الذي قد ينفع هذه المرة بعدما اضاف المدرب بيرت فان مارفيك صلابة الى ابداعات أريين روبن وويسلي سنايدر وروبن فان بيرسي.
اما «الحصان الاسود» فقد يكون فرنسا التي اصبحت فجأة احد المرشحين بعد خيبة الامل الكبيرة في مونديال 2010. المدرب لوران بلان ابقى «الديوك» من دون خسارة في 21 مباراة متتالية بفضل خلطة من المواهب الرفيعة المستوى امثال كريم بنزيما وفرانك ريبيري مع اخرى يافعة وواعدة كعادل رامي ويان مفيلا.
بدوره، ورغم الموقف السيئ الذي تعيشه الكرة الايطالية حالياً بعد تصاعد رائحة فضيحة تلاعب جديدة، فإن التشاؤم يفترض ان يكون بعيداً من معسكر المنتخب الايطالي الذي يضم لاعبين شغوفين لتحقيق لقبٍ اوروبي ثانٍ طال انتظاره منذ عام 1968، وهو الوضع عينه الذي يمكن قوله على الانكليز الذين يعودون الى كأس اوروبا وهم يعيشون مرحلة تحوّل حملت عدداً من اللاعبين الشبان الى التشكيلة مع المدرب الوافد حديثاً روي هودجسون.
الكلّ في بولونيا وأوكرانيا، البعض بكامل حضوره، والبعض الآخر بأعينه المتابعة لكلّ شيء بنهم، والكل يرصد رؤية عرضٍ ممتع يتخطى تلك الاثارة التي طبعت نسختي 2004 و2008 اللتين سيذكرهما التاريخ دائماً بأحداثهما الدراماتيكية ولحظاتهما الخرافية.
انها كأس أوروبا مجدداً، فليبدأ المهرجان.



بولونيا x اليونان وروسيا x تشيكيا افتتاحاً




يقصّ الليلة منتخبا بولونيا الشريك في الضيافة واليونان شريط بطولة كأس أوروبا 2012 (الساعة 19.00) ضمن المجموعة الأولى، حيث تسعى بولونيا الى دخول التاريخ وتحقيق فوزها الاول في ثاني مشاركة لها في النهائيات.
ويدرك مدرب بولونيا، فرانشيسك سمودا، جيداً حجم المسؤولية التي تنتظر لاعبيه لتحقيق طموحاتهم وجماهيرهم التي ترغب في تكرار انجازات زبيغنيو بونييك ورفاقه، وهو قال: «بالطبع، هناك ضغط. ويجب أن يكون هناك ضغط. الضغط مسألة حتمية سواء كانت البطولة على ارضنا أو في بلد آخر». وأضاف: «كل مشجع لديه مطالب لدى منتخب بلاده. أنا متأكد من أننا سننجح في التعامل مع هذه المطالب».
وتعتمد بولونيا على صلابة خط دفاعها بقيادة حارس مرمى ارسنال الانكليزي فويسييتش شيشني، كون شباكها لم تهتز طيلة 461 دقيقة وهو رقم قياسي وطني.
كذلك تعقد آمال البولونيين على هداف بوروسيا دورتموند الالماني روبرت ليفاندوفسكي الملقب بـ«ليفانغولسكي» ثالث لائحة هدافي «البوندسليغا» هذا الموسم برصيد 22 هدفاً الى جانب زميليه لاعب خط الوسط وقائد المنتخب كوبا بلاتشيكوفسكي والمدافع لوكاش بيشتشيك.
وسيكون غياب المنافسة الرسمية العائق الوحيد امام بولونيا التي لم تلعب اي مباراة رسمية منذ 14 تشرين الاول 2009 في تصفيات كأس العالم.
في المقابل، لن يكون المنتخب اليوناني سهلاً، وخصوصاً انه يدخل النهائيات من دون خسارة في مبارياته العشر الاخيرة، حيث كانت آخر هزيمة له امام الارجنتين 0-2 في نهائيات كأس العالم الاخيرة في جنوب افريقيا.
وفي المباراة الثانية، ضمن المجموعة عينها، يلتقي المنتخبان الروسي والتشيكي (الساعة 21.45).
ويصب التاريخ في مصلحة الروس الذين فازوا 6 مرات في 13 مباراة امام التشيك، مقابل خسارتين و5 تعادلات.
والتقى المنتخبان مرة واحدة في العرس القاري وانتهت المباراة بالتعادل 3-3 عام 1996 في انكلترا.
ويدخل المنتخب الروسي مباراة الليلة بمعنويات عالية، فهو لم يخسر في مبارياته الـ 14 الأخيرة حيث حقق 7 انتصارات، آخرها على ايطاليا بثلاثية نظيفة الجمعة الماضي، و7 تعادلات، كما أن شباكه لم تستقبل سوى هدفين في المباريات الـ 11 الأخيرة.
في المقابل، تسعى تشيكيا الى الخروج بأقل الأضرار أمام روسيا لتحقيق انطلاقة جيدة ترفع معنويات لاعبيها في باقي المشوار.