انتهت على خير، وخرج اللبنانيون من ملعب المدينة الرياضية وهم يهنّئون أنفسهم من جهة ويتحسرون من جهة أخرى. فرحون بالصورة المشرقة التي أرسلت الى العالم من قلب بيروت من مكان قريب جداً جداً، كان قبل أسبوعين بالضبط ساحة معركة. أما الحسرة فكانت بسبب الخسارة غير المستحقة أمام الضيوف القطريين. فعلاً لبنان بلد العجايب.
فمن عاش أحداث الأسبوع الماضي بالنسبة إلى المباراة وما رافقها من قرارات واجتماعات وتحذيرات وتكهنات، لا يصدّق أن كل هذا الكلام كان عن مباراة أمس. المباراة التي بدا كأنها تقام في إحدى الدول الإسكندنافية أو بلدان شرق آسيا الراقية، حيث لا يحصل «ضربة كف»، لينضم لبنان الى هذه الدول بعدما كانت التوقعات تشير الى أنها ستكون المباراة الكارثة جماهيرياً. بعض الإشكالات البسيطة حصلت بعد دخول هدف قطر، لكن بقيت «فشة الخلق ببعضنا».

جاء اللقاء ليثبت أن معادلة بسيطة قادرة على تخطي أي مشاكل: قوى أمنيّة + توعية + انضباط. جاء اللقاء ليثبت أن الدولة قادرة على ضبط «أكبر ماتش» بشرط أن يكون هناك الإرادة، كما أثبتت المباراة أن جمهور كرة القدم في لبنان ليس جمهور «أزعر أو فلتان»، بل هي قلّة قليلة شوهت سمعت أكثرية صامتة قالت كلمتها أمس. لافتات عدة رُفعت في الملعب مرحبة بقطر وبالضيوف القطريين.
الأجواء منذ الصباح كانت تشير الى أن الدولة جادة ولن تتساهل مع أي محاولة للخروج عن النص. فالإجراءات الأمنية خارج الملعب كانت مكثفة، ومع بدء توافد الجمهور كان التفتيش سيد الموقف. كل سيارة تدخل الى الملعب يتم تفتيشها بدقة، وكل شخص يدخل يفتشه رجال الأمن من «فوق لتحت». وللسيدات حصتهن من الإجراءات، لكن طبعاً عبر سيدة تقوم بتفتيشهن. حضورهن مطلوب، إذ أعطى نكهة أخرى للمباراة، فالجنس الناعم يحلّي المباراة.
أول ما تحصل عليه عند دخولك من بوابة الملعب ورقة موقّعة من «لاعبو منتخب لبنان» كتب عليها «بتحبونا ... شجعونا بحماس وحضارة، شجعونا بحضارة مثل ما عودتونا. ما بفيدنا نشتم حدا، والشتيمة مش من شيمنا. ما تستعملوا الليزر ... ما تكبوا شي على الملعب. إذا ما التزمتوا، بيحرمونا من اللعب على أرضنا وبيحرمونا منكم». خطوة ناجحة من الرابطة الوطنية لجمهور منتخب لبنان بدا كأنها ساهمت في توعية الجمهور. أضف إلى ذلك التنظيم والانتشار الأمني من كل الأنواع «جيش، درك، مكافحة الشغب وطبعاً المخابرات». كل هذا فرض على الجمهور الانضباط، لكن الى درجة أنه نسي أن يشجع منتخبه. فكان في معظم الفترات كأنه مخدّر يجلس صامتاً كلوحة جامدة. صحيح المطلوب الانضباط، لكن ليس الى هذه الدرجة.
جماهيرياً، كانت المباراة ناجحة، أمنياً كانت ناجحة أيضاً، وكذلك الأمر تنظيمياً. فالدخول الى الملعب كانا سهلاً، والخروج أيضاً، والترتيبات في منصة الشرف كانت جيدة، وكذلك الأمر على ارض الملعب مع جهد كبير بذله معظم أعضاء الاتحاد، وتحديداً الأمين العام جهاد الشحف (مع جهازه اللاسلكي) ومازن قبيسي وأحمد قمر الدين وسمعان الدويهي وموسى مكي، رغم الغضب الإعلامي لطريقة التعامل معهم.



عدم احترام الإعلام

لم يكن رئيس لجنة الملاعب موسى مكي والمنظمون للمباراة موفقين في اختيار الأماكن التي جلس فيها الإعلاميون نظراً إلى بعد المسافة واختلاط الجمهور بهم، ما أعاق عملهم، إذ أمضوا معظم الوقت إما في السؤال عن هوية اللاعبين أو الطلب من الجمهور الجلوس كي يستطيعوا رؤية المجريات. وهذا ما يتطلب إعادة النظر في لقاء أوزبكستان يوم الجمعة.