صيف 1988 لم تكن هولندا لتتوج بلقبها القاري الوحيد في كأس أوروبا التي استضافتها ألمانيا لولا وجود ماركو فان باستن في صفوفها. كان فان باستن بمثابة الأيقونة للهولنديين، بالرغم من وجود رود غوليت وفرانك رايكارد ورونالد كومان. يكفي هدفه «الأسطوري» في مرمى الاتحاد السوفياتي في المباراة النهائية للدلالة على هذا الأمر. الآن تعيش الكرة الهولندية عصر أيقونة آخر. لاعب وصل الى مرحلة النضج التام. نضج بدأ يؤتي ثماره مع فريقه أرسنال الإنكليزي... الحديث هنا عن روبن فان بيرسي. من تابع «روبن هود» في هذا الموسم لا بد أنّه توقف عند لاعب ملهم لزملائه. قائد بحق في الميدان. هداف من الطراز النادر. أهداف ثلاثون، بعضها على طريقة فان باستن، جعلت فان بيرسي هدافاً للدوري الإنكليزي الممتاز، وأفضل لاعب فيه.
مذهلاً كان فان بيرسي فعلاً هذا الموسم. ولعل اكثر شخص كان مسروراً بأداء «روبن هود» ومتابعاً لتطور مستواه لحظة بلحظة وخطوة بخطوة هو مدرب «الطواحين» روبرت فان ميرفيك.
لا شك في أن فان ميرفيك، وكما كثير من المتابعين والنقاد، وصل الى قناعة تامة بأن لا مفر من ابداعات فان بيرسي مع هولندا، على غرار ما فعله مع «المدفعجية» اذا ما أراد منتخبه التتويج باللقب الأوروبي. ولعل هذه القناعة تتمثل بالدرجة الأولى في تسليم فان مارفيك بأن مركز قلب الهجوم سيكون محسوماً لفان بيرسي، رغم تألق كلاس يان هونتيلار في صفوف شالكه، وتتويجه هدافاً للدوري الألماني، أضف الى ذلك فإن إصرار فان ميرفيك على الاعتماد على مهاجم واحد لا على الزج بالثنائي هونتيلار ـــــ فان بيرسي يبدو دليلاً ساطعاً على أن المدرب قد بنى خطته كلها على الأخير، على غرار ما فعل الفرنسي أرسين فينغر في لندن.
الأكيد أن تكرار فان بيرسي لتألقه مع أرسنال في صفوف منتخب بلاده يبدو متاحاً وبقوة، إذ إن «روبن هود» سيلقى مداً هجومياً بالتأكيد لم يتح أمامه بتلك الكيفية مع «المدفعجية»، والحديث هنا عن وجود لاعبين على شاكلة أريين روبن وويسلي سنايدر خلف فان بيرسي، الأمر الذي من شأنه أن يكوّن ثلاثياً هجومياً مرعباً، سيكون فيه فان بيرسي صاحب الكلمة الحاسمة والقادرة على إتمام المهمة في شباك الخصوم على أكمل وجه.
لا شك هنا في أن فان بيرسي المطلوب بقوة في العديد من الأندية الأوروبية الكبرى وعلى رأسها برشلونة الإسباني ويوفنتوس الإيطالي يبدو مدركاً أن آمال الهولنديين تبدو معلقة عليه قبل غيره، استناداً الى ما قدمه مع أرسنال من اجل ان يوصل البلاد الى منصات التتويج الغائبة عنها منذ 1988، وتعويض الفشل في نهائي مونديال 2010، أضف الى أن «روبن هود» يدرك أيضاً أن قيادته البلاد الى اللقب الأوروبي قد تكون بوابته للظفر بجائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم، من هنا، فإن فان بيرسي لن يضيّع هذه الفرصة التاريخية من امامه ليتوِّج موسماً كان بحقّ أحد أبرز نجومه، والأهم لكي يصل الى مصاف الأبطال التاريخيين في بلاده على غرار يوهان كرويف وفان باستن.



... وروبن فأل نحس؟

في موازاة تفاؤل معظم الهولنديين بفان بيرسي، فإن البعض يبدي تخوّفه من سوء الحظ الذي يلازم أريين روبن، لاعب بايرن ميونيخ، إذ إن الأخير بات فأل نحس إن على فريقه البافاري، بعدما خسر معه نهائي دوري أبطال أوروبا هذا العام، وفي 2010، أو على منتخب هولندا، الذي خسر معه نهائي مونديال 2010 أمام إسبانيا.