«آمن وسترى مجد الله». عبارة زيّنت القميص الأبيض الذي فضّله الهداف الكولومبي راداميل فالكاو على قميص فريقه اتلتيكو مدريد الاسباني خلال تتويج الاخير بلقب «يوروبا ليغ» أول من أمس، ليدخل بها بالتالي نادي اولئك النجوم الذين ينسجون علاقة خاصة بالدين من خلال ملاعب كرة القدم. ففي هذه الأيام، يبدو نادراً ان تمرّ مباراة ما من دون رؤية تواصل بين اللاعبين والسماء، فهؤلاء يسجلون الاهداف ثم يتجهون بأنظارهم الى الاعلى رافعين اصابعهم شكراً للّه، الذي أنعم عليهم وساعدهم على تحقيق مبتغاهم.
هذه الحركة لم ينفك المهاجم العاجي ديدييه دروغبا يكرّرها خلال مباراة فريقه تشلسي الانكليزي وبرشلونة الاسباني في ذهاب الدور نصف النهائي لمسابقة دوري ابطال اوروبا، إذ فعلها «الفيل» لدى تسجيله هدف الفوز ثم في كل فرصة خلقها، ما اعاد الى الذاكرة النجم البرازيلي روماريو، الذي دأب على رسم «اشارة الصليب» عندما كان يدخل الى الملعب، وفي حالتي إهداره فرصة او تسجيله هدفاً.
وبطبيعة الحال، لطالما نسج البرازيليون علاقة مع الإله السماوي من خلال كرة القدم، فأظهروا شعائرهم الدينية الى العلن من خلال عبارات كتبوها على قمصانهم وأظهروها الى الكاميرات، قبل ان يقرّ الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا» منع هذه الخطوة بجميع جوانبها، بعدما كثرت الشعارات الدينية والتجارية وحتى السياسية في مشهد احتفال اللاعبين بأهدافهم. كذلك، لا يمكن اغفال ان افراد منتخب البرازيل ظهروا في مناسبات عدة راسمين دائرة لإحياء الصلاة قبل او خلال ظروف حسّاسة من المباريات (عند تمديد الوقت او عند الاحتكام الى ركلات الجزاء...).
ومن العبارة الشهيرة التي طبعها النجم البرازيلي كاكا دائماً على قميصه التحتي «أنا مُلكٌ ليسوع»، الى ذاك الذي ارتداه دائماً مواطنه لوسيو وحمل عبارة «الله هو قوتي»، يظهر مدى ارتباط الكرة البرازيلية بالديانة التي يعتنقها اللاعبون، لا بل ذهب بعضهم الى محاولة زرع قناعاته في نفوس زملائه الأقل ايماناً منه، على اعتبار انه كلما زاد عدد اللاعبين المؤمنين، زادت فرصة الفريق بالفوز في المباريات!
وهنا يمكن الحديث عن قصة مدافع شالكه السابق مارسيلو بوردون المتعصّب للكنيسة الانجيلية، حيث حاول نشر تعاليمها بين زملائه، مشدداً دائماً في احاديثه على ان الروح القدس كان دائماً حاضراً لمساعدته في حياته. ودعوات بوردون تخطت مسألة اظهار قميص يدعو الى الايمان بالله، وبمحبته على غرار ما فعل مواطنوه، إذ برّر دعوته مدير شالكه اندرياس مولر الى دائرة لمناقشة الانجيل بأن «الله اراد مني الذهاب الى المانيا لأنشر كلمته». الا ان توجهات بوردون لم تلقَ اصداء عند الكل، اذ دخل في مواجهة مع الحارس فرانك روست، الذي قال ان البرازيلي حرّض اللاعبين الآخرين عليه بسبب رفضه الصلاة معه، مبدياً غضبه من ادعاءات بوردون، الذي اخبر القيّمين على الفريق أن روست اصابه بالإرباك لانه ممسوس من الشيطان!
واذا كانت علاقة بوردون شخصية مع الله انطلاقاً من تعاليم كنيسته بحسب ما ردّد دائماً، فان نجوم الكرة نسجوا علاقة خاصة من باب طلب المساعدة في تأدية واجباتهم، لكنها خطوات قد تثير انتقادات بعض الروحيين، الذين يرون ان هناك حروباً وامراضاً ومجاعات ومصائب مختلفة يفترض ان تحظى برعاية إلهية اكثر من مجرد لعبة، وخصوصاً ان الناس العاديين لا يمكن ان يحلموا بجزء بسيط مما أنعم الله على هؤلاء النجوم من موهبة وثروات، وبالتالي هم اذا ارادوا السير وفق التعاليم الدينية، فانه يفترض بهم تقديم المعونات الى المحتاجين والمساهمة في تثبيت الايمان في النفوس، عوضاً عن سير بعضهم في طريق الرذيلة بحسب ما تبيّن في حالات كثيرة.
كذلك لا بدّ من الاشارة إلى أن هناك تناقضاً بين توجّه لاعبي كرة القدم نحو الإله السماوي طلباً للمساعدة، وتصرفاتهم في حياتهم الرياضية، حيث تعارض بعض أفعالهم على ارضية الميدان، لا بعيداً منه، كل التعاليم الدينية، إذ ان تناول المنشطات هو غشّ لانه ينعكس ايجاباً على اداء اللاعب، ويسرق حق منافسه في الفوز. اضف أن خداع الحكام عبر التمثيل للحصول على ضربات الجزاء او التسبّب بطرد منافس هو من فئة الكذب المحرّم ايضاً...
فعلاً هي ظاهرة لافتة لم تشاهد في رياضات اخرى بهذا الشكل الواضح، لكن هناك اجماع عند الباحثين في هذا الشأن على أن قناعة غريبة ولدت عند اولئك النجوم، بأنه مهما عَظُم شأنهم فهم يبقون أناساً عاديين، وقوتهم الفائقة التي يظهرونها على ارض الملعب ليست وليدة التمارين القاسية التي يخضعون لها، بل نتاج قوة عجائبية.



آنسان هللويا فريق المؤمنين

بإمكان اكثر اللاعبين إيماناً والتزاماً أن يلعبوا في فريق واحد، اذ أسّس مبشّرون مسيحيون في كوريا الجنوبية فريق آنسان هللويا، ليسيروا على خطى أندية اوروبية عدة أُسّست لأسباب دينية، مثل سلتيك (بروتستانت) ورينجرز (كاثوليك)، واياكس امستردام (يهود). واللافت أن قميص الفريق يحمل صليباً كبيراً، ويشبه أزياء فرسان الهيكل التاريخيين.