«Calma ٬ Calma»، كلمة ردّدها نجم ريال مدريد البرتغالي كريستيانو رونالدو متوجّهاً الى جمهور برشلونة، حيث طالبهم بالهدوء، فلا داعي إلى الحماسة بعد الآن، إذ إنه بهدفه الثاني أنهى كل شيء. نعم، لقد أنهى رونالدو سلسلة طويلة من الهزائم لفريقه أمام الغريم التقليدي في الدوري، وأنهى عقدة رهبة «كامب نو» منذ «لا مانيتا» الشهيرة، أي تلك الخماسية النظيفة التي صدمت الريال في تشرين الثاني 2010. كذلك، أنهى رونالدو عامين من الحزن في مدريد، حيث عجز الفريق الملكي ومدربه البرتغالي جوزيه مورينيو عن التفوّق على «البرسا» في الدوري المحلي.
ومن دون شك، أنهى رونالدو السباق الى اللقب، الذي سيعود الى مدريد بفعل تقدّم «لوس بلانكوس» بسبع نقاط قبل أربع مراحل على النهاية.
أخيراً وجد ريال مدريد الحلّ أمام برشلونة، فاستغنى عن اللعب بفوضوية كما دأبت عليه غالبية مواجهاتهما الأخيرة، حيث تلهى لاعبو الفريق الأبيض بالخشونة، آملين أن يكون الحظ الى جانبهم، ليخطفوا تعادلاً او فوزاً نادراً على غرار المباراة النهائية لمسابقة كأس اسبانيا، التي اقيمت قبل سنة ويوم واحد على الانتصار الذي تحقق في أمسية السبت.
ما عجز ريال مدريد عن فعله في مباراة الذهاب، حيث سقط على ملعب «سانتياغو برنابيو»، أصابه في كاتالونيا، إذ تخلى عن نزعته الدفاعية وأظهر منذ اللحظات الأولى أنّ بمقدوره التعامل مع برشلونة من مبدأ «العين بالعين والسن بالسن»، متجاهلاً مسألة أهمية الاستحواذ على الكرة التي اشتهر بها الكاتالونيون (نسبة استحواذهم في الشوط الأول وصلت الى 78%)، فركّز على الفعالية، مؤكداً تطويره أسلوباً خاصاً في مواجهة «البرسا»، وارتفاع مستوى الكيميائية بين لاعبيه، وهي الميزة التي صنعت الفارق لبرشلونة في الموسم الماضي، لكون غالبية لاعبيه عايشوا بعضهم بعضاً منذ فترة طويلة، مقابل تأسيس ريال فريقاً جديداً مع مورينيو.
حفاظ ريال مدريد على هدوئه، وابتعاده عن العصبية، كانا نقطة مفصلية، إذ إن البرتغالي بيبي وسيرجيو راموس بقيا على أرض الملعب، أي لم يرَ أيّ منهما البطاقة الحمراء، بل كان تركيزهما على تنظيم الحائط الدفاعي في وجه الأرجنتيني ليونيل ميسي ورفاقه.
وفي موازاة إيجاد مورينيو الترياق اللازم لهزم الكاتالونيين، فإن خيارات جوسيب غوارديولا ساعدت ريال مدريد أيضاً. وبعد كل ما قيل عن ان الكابتن السابق لا يقهر في وجه العدو الأزلي، ظهر أن بيب مجرد انسان كالآخرين، أي إنه قد يخطئ احياناً ويقع في حسابات غير محسوبة. وجاءت خيارات غوارديولا كأنها جزء من تصريحاته، التي قال فيها اخيراً إن فريقه لن يتمكن من الاحتفاظ بلقب الدوري، إذ إن الثغر كانت واضحة في تشكيلته، وقد بدا كأن الخسارة امام تشلسي الانكليزي في دوري الابطال شوّشت أفكاره، فأجرى تبديلات مستغربة مقابل تجديد مورينيو الثقة بنفس التشكيلة التي خسرت امام بايرن ميونيخ الالماني، مبقياً حتى مواطنه فابيو كوينتراو، الذي ظهر بمستوى متواضع ضد الفريق البافاري، لكنه هذه المرة أطفأ شعلة البرازيلي داني ألفيش، وحرمه تهديد منطقة الحارس إيكر كاسياس.
اضطراب غوارديولا جعله يبقي على جيرارد بيكيه خارج التشكيلة الأساسية، اضافة الى لاعب الوسط سيسك فابريغاس، الذي دفع ثمن عدم إنهائه الفرص التي سنحت له امام تشلسي، وهو الذي كان سيجعل من خط الوسط خلاّقاً اكثر رغم المجهود اللافت لبديله تياغو الكانتارا. كذلك، يُسأل بيب عن سبب عدم استعانته ببدرو رودريغيز بدلاً من الشاب كريستيان تييو، الذي رغم موهبته الكبيرة فهو ليس جاهزاً بعد للعب اساسياً في مباراة بهذا العنوان. وتضاف الى هذه النقطة مسألة إبقائه فابريغاس خارج الملعب حتى الدقائق العشر الاخيرة، واستبداله «العقل المفكّر» شافي بالتشيلياني ألكسيس سانشيز، الذي لو لعب اساسياً لربما كان الوضع مختلفاً، وخصوصاً ان برشلونة لعب من دون رأس حربة صرف، وهو الذي يفتقر الى هذا الامر منذ اصابة دافيد فيا.
وبين الخروج الخاطئ للحارس فيكتور فالديس في الهدفين ونوم كارليس بويول لحظة وصول الالماني سامي خضيرة لتسجيل الهدف الاول، استفاقت برشلونة صباح الأحد على صدمة مؤلمة لن يمحوها سوى التعويض امام تشلسي في المسابقة القارية، إذ إنه من غير المنطقي أن يقدّم فريق أداءً خارقاً على غرار ما فعل برشلونة هذا الموسم ثم يخرج خالي الوفاض، وهذا الأمر ينطبق على ريال، الذي يستحق لقب البطل لانه ببساطة كان الاكثر ثباتاً طوال مشواره في «الليغا».



استسلام غوارديولا

توجّه جوسيب غوارديولا بالتهنئة الى ريال مدريد، مشيراً إلى أن الأخير فاز باللقب المحلي بفعل تفوّقه على فريقه في «إل كلاسيكو». وقال غوارديولا: «قدّمنا مباراة جيدة، لكن ذلك لم يكن كافياً»، مدافعاً عن عدم إشراكه جيرارد بيكيه وسيسك فابريغاس كأساسيين بقوله: «لقد اخترت الفريق الذي اعتقدت بأنه الأفضل للفوز، وعلى كل حال الخاسر يكون دائماً على خطأ».