كانت مباراة أرسنال الانكليزي وضيفه ميلان الايطالي الليلة في اياب دور الـ 16 من مسابقة دوري ابطال اوروبا لكرة القدم، على ملعب «الامارات» في لندن، ستكون رائعة ومليئة بالإثارة والندية والمنافسة، لو لم تكن نتيجة الذهاب قد آلت الى فوز كبير لـ «الروسونيري» 4-0. في الواقع، لم يكن أحد ليصدق أن تنتهي مباراة ملعب «سان سيرو» بين الطرفين بهذه النتيجة. حتى أشد المتفائلين من انصار ميلان واشد المتشائمين من انصار ارسنال لم يكن ليتوقع للحظة ما حدث ليلتها.
ما يزيد من حدّة مفاجأة ما آلت اليه نتيجة مباراة الذهاب هو الأداء الرائع الذي يقدمه أرسنال في الدوري الانكليزي بقيادة هدافه المرعب الهولندي روبن فان بيرسي، او «روبن هود»، متصدر ترتيب الهدافين في الـ «برمييرليغ» بـ 25 هدفاً، كل واحد من هذه الأهداف أجمل من الآخر، وخصوصاً هدفه الثاني في المباراة الأخيرة في مرمى ليفربول. غريب أمر أرسنال فعلاً، الذي التهم مرمى توتنهام هوتسبر 5-2 بعدما كان قد أسقط بلاكبيرن روفرز 7-1، إذ مرة تراه مرعباً وقادراً على افتراس أكبر الفرق وعلى رأسها برشلونة الإسباني، ومرة اخرى تراه حملاً وديعاً يتلقى ثمانية أهداف من مانشستر يونايتد ويسقط امام ليفربول نفسه 0-2 على ملعبه.
ولا يخفى الليلة أن مهمة الـ «مدفعجية» تبدو أشبه بالمستحيلة او فلنقل صعبة جداً، باعتبار أن لا مستحيل في كرة القدم، إذ بغضّ النظر عن نتيجة الذهاب، وبالرغم من أن المباراة تقام على ملعبهم، الا أن الـ «غنرز» يواجهون فريقاً ذا عزيمة كبيرة، فريقاً يسطّر الانتصارات الكبيرة في بلاده، ويعتلي صدارة ترتيب الدوري هناك، فريقاً يُعدّ من أكثر المتمرسين الى جانب ريال مدريد وبرشلونة الإسبانيين، وبايرن ميونيخ الألماني ومانشستر يونايتد الانكليزي في دوري ابطال اوروبا.
غير أن المفاجئ أيضاً هو أن مدرب أرسنال، الفرنسي أرسين فينغر، يبدو شديد التفاؤل وهو لم يتوان عن اطلاق التصريحات في الأيام الأخيرة التي يتحدى فيها ميلان، مشيراً مرّةً إلى أن بإمكان فريقه تسجيل 5 أهداف، ومرةً ثانية قال: «بكل تأكيد سنعطي كل شيء نملكه لكي نفوز. نحن نعلم بأن الإحصائيات ضدنا، لكن بإمكانك تحقيق المستحيل عندما تعلم بأنه غير مستحيل. دعونا نتجاهل كل شيء ونذهب لنفعلها»، مضيفاً «نعم ستكون أعظم عودة في تاريخنا، لأننا لم يسبق لنا أن خسرنا 4-0 في دوري الأبطال خارج أرضنا. لقد كانت ظروف استثنائية»، وفي مرة ثالثة قال: «نستطيع تسجيل الأهـداف. في المباراتين الأخيرتين على أرضنا سجلنا 12 هدفاً، يجب علينا أن نوجد توازنـاً بين الهجوم و الدفاع»، وفي مرة رابعة تهكّم بميلان قائلاً: «تستطيعون أن تخبروا ميلان أننا سنلعب على أرضية كرة قدم حقيقية»، وفي مرة خامسة بدا متعالياً على كل من انتقده في الدوري الإنكليزي قائلاً: «أين منتقدونا الآن؟ لقد كانوا يتحدثون عن هبوطنا إلى الدرجة الأولى في بداية الموسم بعد البداية الصعبة، لكننا أثبتنا أننا فريق كبير، فوزنا على ليفربول أسكتهم».
اذاً، فينغر يبدو متفائلاً الى أقصى الحدود وواثقاً بنفسه وقد رفع شعار التحدي الى أعلى مستوى. تحدّ يبدو سيفاً ذا حدين، إذ إن اللعب بطريقة مفتوحة امام فريق كميلان، وخصوصاً إذ ما تأكد ما أفادت به التقارير الصادرة من انكلترا من أنه سيلعب بـ 5 او 6 لاعبين ذوي نزعة هجومية، من شأنه أن يعرّض دفاعه للتهشم من جانب هجوم النادي اللومباردي المنتعش أخيراً بقيادة السويدي زلاتان ابراهيموفيتش، علماً بأن صفوف أرسنال لا تبدو مكتملة، وخصوصاً في منطقة خط الوسط مع انضمام الإسباني ميكيل ارتيتا الى قائمة المصابين التي تضم أيضاً الفرنسي أبو ديابي والويلزي آرون رامسي والروسي اندريه ارشافين وقبلهم جاك ويلشير.
بطبيعة الحال، يبدو الوضع صعباً من كافة الجوانب بالنسبة إلى أرسنال الليلة والأنباء الواردة من لندن لا تشي بالخير بالنسبة إلى «المدفعجية». الكل هناك متشائم قبل المباراة رغم الانتصارات المدوّية في الدوري، وحده رجل يدعى فينغر يبدو غير ذلك. يبدو هذا الفرنسي كمن يغرّد خارج السرب في لندن. سيصيب أم لم يصيب؟ لا يهم. المهم أنه لم يستسلم، انه سيغامر، والأهم أن يقدم كرة ممتعة، على غرار ما يفعل أخيراً في الدوري، بغض النظر عن النتيجة.



إياب دور الـ 16


إضافة الى مباراة أرسنال الإنكليزي وميلان الإيطالي (0-4 ذهاباً) التي تقام الساعة 21.45 بتوقيت بيروت، يلتقي في التوقيت عينه أيضاً بنفيكا البرتغالي وضيفه زينيت سان بطرسبورغ الروسي (2-3)، حيث يبدو الأول مطالباً بالفوز 1-0 على الأقل لبلوغ ربع النهائي، فيما يكفي الأخير التعادل بأي نتيجة. ويلتقي غداً في التوقيت عينه برشلونة الإسباني وضيفه باير ليفركوزن الألماني (3-1)، وابويل نيقوسيا القبرصي مع ضيفه ليون الفرنسي (0-1).