اجتمع اتحاد كرة القدم الخميس الماضي وقرر إرسال التعديلات كما هي بصيغتها الأصلية التي طلبها الفيفا. قرار أراح بعض الجمهور اللبناني مع قطعه الطريق على أي محاولة لتجميد نشاط لبنان دولياً، كما يعتقد البعض، وهو أمر موضع مناقشة من قبل طرف آخر يرى أن ما يحكى هو للتهويل. المهم، أن الاتحاد قرر وأغلق الباب أمام أي مخاطرة، لكنه فتح في الوقت عينه نافذة على كلام بدأ يصدر في الصالونات الكروية والإعلامية عن مرحلة ما بعد 29 شباط، واستعداد البعض لمعركة انتخابية قد تكون مبكرة برأي خبير كروي كان له حضور قوي في السنوات الماضية، وما زال، لكن من خلف الكواليس. فهذه الشخصية الكروية الفاعلة ترى أن تأهل المنتخب إلى الدور النهائي قد يسرّع في فتح معركة ربما بدأ الاستعداد لها في عقل شخصية كروية لن ترضى أن تكون على الهامش.
هذه الرؤية تعززها ما قيل يوم الخميس من شخصيات نافذة عن أن إقرار التعديلات كما هي قد يسقط الأعراف ويفتح الباب أمام أي شخصية رياضية للترشّح إلى الرئاسة مهما كانت طائفته (المنصب حالياً للطائفة الشيعية عرفاً).
وما كان يُهمَس به سراً، ظهر إلى العلن ليبدأ الحديث جدياً عن احتمال مثل هذا، ما جعل البعض يحاول رسم الصورة إذا سار البعض بهذا الطرح.
قيل إن معركة انتخابية بين الرئيس الحالي هاشم حيدر والأمين العام المستقيل رهيف علامة ستكون لمصلحة الأخير، وإن حيدر خاسر في هذه المعركة. في حين أن خوض رئيس نادي التضامن صور سابقاً، شريف وهبي، لها سيعني المحافظة على المركز الرئاسي في وجه علامة.
حين تطرح هذه النظرية على أحد اللاعبين والمقررين الرئيسيين في الرياضة اللبنانية، وتحديداً في معسكر حيدر، يطلب تفريع السؤال إلى شقين: الأول عن مبدأ ترشّح شخصية غير شيعية إلى منصب الرئاسة وحظوظ نجاحها وسيناريو هذا النجاح والمشاركين فيه (مشدداً على المشاركين فيه من أطراف أخرى). الشق الثاني يتعلّق بفكرة حظوظ حيدر الضئيلة واحتمالات خسارته التي هي بنظره بعيدة كل البعد عن الواقع.
يسخر هذا «اللاعب الكروي» حين تبدأ بالشق الأول؛ فهو «يتمنى» أن ينجرّ البعض إلى دعم ترشيح شخصية تكسر الأعراف في الاتحاد اللبناني؛ فهذا يسهّل على فريقه العمل على تطبيق إلغاء الطائفية السياسية التي تنادي بها مرجعيته السياسية، وحينها فلتسقط الأعراف في جميع المواقع الرياضية، وخصوصاً في اللجنة الأولمبية، وليفتح الجميع أذرعهم للعبة الديموقراطية. ومن هو قادر على تحمّل مثل هذا السيناريو فليأت يوم الانتخاب ويقلب الصيغة المتعارف عليها.
أما الشق الثاني، فيسهب هذا «الطباخ الرياضي» حين يؤدي دور السائل، قائلاً: أعطني سبباً واحداً يجعلنا نتخلى عن هاشم حيدر؟ هل هو سارق؟ هل هو مرتشٍ؟ هل تلاعب بنتائج مباريات؟ هل هناك نقاط سوداء في تاريخه الكروي؟ أضف إلى ذلك ما قام به حيدر خلال السنوات الماضية من علاقات خارجية كسب فيها الاحترام. «وإذا أردت مثالاً على ذلك، فانظر ما حصل مع الوفد اللبناني إلى الكويت، أو اسأل رئيس البعثة اللبنانية مازن قبيسي عن التسهيلات التي قدمت وكيفية تعامل الكويتيين مع الوفد. ويمكنك أن تسأل ما يحصل في الإمارات حالياً والتعاون الذي يقدمه رئيس اللجنة المؤقتة التي تدير شؤون الكرة الإماراتية يوسف السركال، حتى تشعر كأن منتخب لبنان سيلعب على أرضه الأربعاء. كل هذا له أسبابه ونتيجة جهد امتد لسنوات»، تختم الشخصية الرياضية قبل أن تضيف: «أتمنى منك أن تسأل اليوم من تحدث قبل أيام عن معركة انتخابية، إن كان لا يزال عند رأيه، وخصوصاً بعد اجتماع حصل قبل يومين بين شخصيتين اتحاديتين نافذتين».
واللافت تناغم الرؤية بين «اللاعب الرياضي» وزميل فاعل له يرى أن موقف حيدر قوي جداً، وسيزداد قوة في حال تأهُّل المنتخب إلى الدور النهائي. فإنجازات المنتخب تمثّل نقطة القوة الأبرز في رصيد حيدر؛ «فهو لم يقصّر، وقام بكل ما يلزم مستمعاً من المحيطين به أو رفاقه ليصل لبنان إلى هذا المستوى، فهل يمكن بعد كل ذلك أن تقول له: الله معك؟ مستحيل. كذلك إن العودة إلى معادلة ابتعاد رهيف علامة يجب أن تؤدي إلى ابتعاد حيدر، فهذا كان سابقاً، أما الآن فهي تقوّي حيدر لدى مرجعيته وتجعلنا متمكسين به أكثر».
كلام من طرف واحد حاول أن يردّ على ما بدا يتردد بشأن المرحلة المقبلة. لكن أي معركة فيها طرفان وأكثر، فما هو رد الطرف الآخر الذي يملك من الدهاء والخبرة ما يسمح له بخوض أكبر معركة؟ الأيام ستكشف ما يخبئه الطرف الآخر، وللحديث صلة بعد 29 شباط.