عند الساعة السادسة مساء أول من أمس، الأربعاء، رن جرس الهاتف المخصص للفاكسات في الاتحاد اللبناني لكرة القدم لتصل رسالة تتعلق بالتعديلات التي أرسلها الاتحاد إلى الفيفا. جاءت الرسالة بعد انتهاء الدوام الرسمي للاتحاد ولم يعلم بها أحد، لكن مع بدء يوم العمل أمس، وصلت الرسالة من مسؤولة المراسلات الى الأمين العام بالوكالة جهاد الشحف وفيها رد من اللجنة القانونية في الفيفا يفيد بأن صيغة التعديلات التي أرسلها لبنان لا تتوافق مع أنظمة الفيفا، شاكرين الاتحاد اللبناني على تجاوبه. ويفيد الكتاب بأن الفيفا جاهز لاستقبال وفد من لبنان في الموعد الذي يحدده اللبنانيون، وفق ما يتناسب مع وقتهم، بحيث يتحمل الاتحاد اللبناني كلفة السفر والإقامة، مقابل تحمّل الفيفا كلفة الطعام والنقليات. ويتضمن رد الفيفا ملاحظات على أمور عدة كمنصب المنسق العام وأمين الصندوق وطريقة التصويت في الانتخابات، بحيث لا يجب أن يكون هناك أفضلية لناد على آخر. فالفيفا يعتبر أن جميع الأندية متساوية في كل جمعية عمومية، ولا يمكن أن يكون لناد في الدرجة الأولى نسبة أصوات أكثر من ناد في الدرجة الرابعة. كما أن الفيفا معترض على طريقة انضمام الأندية الى الجمعية العمومية وأمور أخرى، ما يعني أن هناك سلة كبيرة يجب تعديلها.
هذا الرد من الفيفا رفع حالة الطوارئ الكروية في لبنان الى درجة ما قبل الأحمر استدعت عقد جلسة استثنائية للجنة العليا للاتحاد، إذ بدأت بعض الأطراف وخصوصاً الرئيس هاشم حيدر التحرك لإرسال التعديلات كما يريدها الفيفا حرصاً على عدم توقيف لبنان وتجميد نشاطه، وبالتالي ضياع فرصة التأهل الى الدور النهائي من تصفيات كأس العالم. ويرتكز طرح حيدر على ما تم الاتفاق عليه سابقاً من ناحية إرسال التعديلات كما هي بعد رفض الفيفا للصيغة اللبنانية. وهو أمر لا يرفضه الطرف الآخر، لكن من دون الحاجة الى العجلة وإرسالها سريعاً، إذ يفيد مسؤول اتحادي كبير بأن الكتاب لا يشير الى أن سيف التوقيف مسلط على رقبة لبنان. كما أن لهجة الفيفا إيجابية وتتضمن دعوة الى النقاش، ما يعني أن الأمور لم تنته كلياً وبالتالي لا يمكن الفيفا أن يتخذ عقوبات بحق لبنان قبل الانتهاء من المفاوضات. ففترة 29 شباط كانت لإرسال التعديلات فقط، وليس هناك حديث عن اتخاذ أي إجراء بحق لبنان قبل اجتماع اللجنة التنفيذية في 17 آذار.
لكن كلام المسؤول الاتحادي لا يتوافق مع هواجس حيدر المتخوّف من التجميد وضياع الحلم، وهو بالتالي كان قد وضع وزير الشباب والرياضة، فيصل كرامي، والنائب أكرم شهيب والشيخ بهيج أبو حمزة بهذه الهواجس خلال اجتماع عقد قبل يومين. لكنّ ما قبل وصول الكتاب الى الاتحاد مختلف عما بعده، وبالتالي لا يمكن الوقوف مكتوفي الأيدي وعدم إرسال التعديلات سريعاً.
هذه الخطوة تتطلب موافقة الأطراف المتضررة من الصيغة الجديدة ولا يمكن تمريرها خلال جلسة اتحادية إلا إذا كان هناك نية لكسر الجرة مع الطرف الآخر. وهذا ما حصل أمس، إذ قررت اللجنة العليا مراسلة الفيفا وإبلاغه بالموافقة على شروطه حول التعديلات، وبالتالي الإقرار بالصيغة الأصلية للتعديلات مع ما تعنيه من إقصاء لأطراف معينة.
أبو حمزة غير مقتنع
وفي هذا السياق، يفيد أمين سر مجلس أمناء الصفاء، بهيج أبو حمزة، وهو أحد «اللاعبين» الأساسيين في هذا الملف الكروي، بأنه لا أحد يمكنه أن يهوّل أو يتحدث عن سيناريوهات لا ترتكز على وقائع، بل على تحليلات. فكتاب الفيفا واضح ولا يتضمن أي حديث عن تجميد أو توقيف. «نحن أمّ الصبي في موضوع كرة القدم ولا يمكن أن نقبل بأن يتضرر منتخب لبنان، لكن الحديث عن مؤامرة لا يرتكز على معطيات صحيحة. فالتوقيف الدولي له آليته وخطواته ولا يمكن أن يصدر قرار قبل الاجتماع في 17 آذار، وحينها يمكن أن يتخذ قرار مشابه، لكن ليس في الوقت الراهن. وبرأيي قد يكون أفضل شيء يقوم به الاتحاد هو زيارة سريعة للفيفا ومناقشة الموضوع معه ومساءلته حول مسألة التوقيف ومدى صحتها بدلاً من التكنهات. وحتى يمكن إرسال محامي الاتحاد لمعرفة رأي الفيفا قانونياً».
ويستبعد رئيس مجلس أمناء الصفاء أن يتعمّد الفيفا إلحاق الظلم بلبنان عبر بوابة التعديلات. فلو كان هناك نية بذلك لدى المراجع الدولية، فهناك أكثر من طريقة لإقصاء لبنان عن التصفيات.
ويرفض أبو حمزة تحميله مع الجهة التي يفاوض باسمها مسؤولية أي شيء يحصل مع منتخب لبنان، فالاتحاد حر في ما يتخذه من قرارات وقادر على إرسال التعديلات الى الفيفا كما هي (وهو ما قام به) «لكن حينها تكون المسألة كمن يقول لنا اذهبوا الى البيت. فنحن ممَثلون في الرياضة اللبنانية من خلال كرة القدم، فإذا كان أحد قادراً على تحمّل تغييب فئة ما من اللبنانيين، فليقم حينها بما يراه مناسباً ولتصبح جميع الاحتمالات واردة ولا تبقى هناك أعراف قائمة».
هذه العبارة تبدو كأنها تتناغم مع كلام للمسؤول الاتحادي في ختام حديثه إلى «الأخبار» حين قال «يمكن للتعديلات أن تقرّ وفق أنظمة الفيفا، لكن حينها تكون الجمعية العمومية هي الفيصل بيننا». وعندما تطالبه بتوضيح لكلامه يقول «حينها لا تصبح الكرسي ملكاً لأحد وممكن ترشّح أي شخص لأي منصب».
لكن عضواً اتحادياً آخر يؤكّد أن ما قام به الاتحاد أمر طبيعي، وهو بناء على اتفاق مسبق مع أعضاء داخل الاتحاد وخارجه، وتنازل حينه هاشم حيدر وأرسل التعديلات من دون الاتفاق على التفاصيل بعدما حصل على ضمانات بإرسالها كما هي في حال رفض الفيفا.
ويتساءل العضو الاتحادي «من يتحمل مسؤولية تجميد لبنان، ومن قادر على حمل هذا الوزر؟ وهل كان امامنا خيار آخر غير الموافقة على التعديلات؟».



مشروع معركة كبرى

فتحت الجلسة الاتحادية وقرار الموافقة على تعديلات الفيفا، التي عقدت أمس، برئاسة هاشم حيدر، الباب على مرحلة جديدة ومشروع معركة كبرى قد تشهدها الساحة الكروية. ويشير إصرار حيدر الى وجود غطاء سياسي له سمح بضرب اليد على الطاولة والإصرار على موقفه، رغم معارضة جهاد الشحف ومحمود الربعة، إلى جانب موقف سمعان الدويهي غير المتحمّس للتسرّع