«شو عم تحكي؟». هي أول عبارة تسمعها حين تتصل بشخص وتقول له «رهيف علامة استقال». صدمة يعقبها سكوت، ثم عبارة رددها معظم من تبلغوا الخبر عبر الهاتف «شو الفيفا ما قِبِل»، قاصدين رفض الفيفا للصيغة اللبنانية للتعديلات. تقول له «لا، لم يأتِ الجواب بعد»، تتبادل بعض الكلمات ثم تنهي المخابرة. سيناريو يتكرر في أكثر من اتصال. تحاول بعد ذلك أن تتصل بأطراف آخرين. تصطدم بعبارة «USER BUSY» هذا يعني أن خط الهاتف للشخص الذي تتصل به مشغول. وهذا يعني أيضاً أن هذا الشخص يتناقش بالموضوع مع طرف ثالث. الخبر ينتشر كالنار في الهشيم. هذا واقع الحال عصر أمس مع تلقي كتاب استقالة الأمين العام للاتحاد اللبناني لكرة القدم من منصبه، أو بالأحرى إبلاغ اللجنة العليا «قراري بإعفاء نفسي اعتباراً من تاريخه من كل ما يتصل بإدارة كرة القدم اللبنانية عموماً، وكذلك إعفاء نفسي من عضوية اللجنة العليا للاتحاد في نوع خاص». فهذا مقطع من كتاب مؤلف من خمس صفحات أرسل الى وسائل الإعلام، موقّع وقد يكون للمرة الأخيرة من: رهيف علامة ــــ الأمين العام للاتحاد اللبناني لكرة القدم.
كتاب أحدث زلزالاً في الوسط الكروي. كتاب يجعلك تحتار بمن تتصل ومع من تناقش الموضوع. كتاب يحتاج كل مقطع فيه الى موضوع صحافي كبير. كتاب فتح الباب على مرحلة جديدة تحمل في طياتها جميع أنواع الاحتمالات. كتاب حوّل عدداً كبيراً من العاملين في الوسط الكروي الى كتّاب سيناريو، وهو أمر توقعه الأمين العام (السابق) في كتابه حين قال «لأنني أعلم تماماً وسلفاً ما سيفيض به أصحاب المخيلات الواسعة ...». كتاب خلق بلبلة وفقدان تركيز لدى كثيرين رافقته حالة استنفار صحافي، عززها البريد الإلكتروني المرسل من الزميل عدنان الحاج علي ويتضمن تسع صور لعلامة في محطات مختلفة، وكل صورة لها معناها. من تلك التي يضحك فيها مع رئيس الاتحاد هاشم حيدر وهما يتصافحان، مروراً بأخرى مع أعضاء اللجنة العليا جميعاً في الصورة الرسمية، وصولاً الى واحدة يجلس فيها في مكتبه وخلفه صور لافتتاح كأس آسيا 2000 ولمحمد بن همام وسيب بلاتر، انتهاءً بصورة مع المدرب الحالي للمنتخب اللبناني ثيو بوكير.
تعود بالذاكرة الى أحداث النهار وإذا ما كانت هناك إشارات الى استقالته. كلا، حتى لو صادف أنك كنت في الاتحاد ظهراً وشاهدت مساعده حسين ينقل أغراضاً الى سيارة علامة. فمن الصعب أن تتوقع أو تستنتج أو تعرف أن الأمين العام سيرسل كتاب استقالته بعد ساعتين. هذا هو رهيف علامة يتحرك من دون أن تتوقع ماذا ستكون حركته، يفاجئ الجميع، ابتعاده صاخب وعودته صاخبة، وما بينهما صاخب جداً. هكذا كانت الحال سابقاً ... فهل هكذا سيكون لاحقاً؟