قرار تأجل لثلاثة أعوام اتخذه أمس الأمين العام للاتحاد اللبناني لكرة القدم رهيف علامة إذ «أعفى نفسه من كل ما يتصل بإدارة كرة القدم اللبنانية بشكلٍ عام، وكذلك من عضوية اللجنة العليا للاتحاد في نوعٍ خاص» وذلك في بيان فاجأ به الرأي العام الرياضي أمس. أسئلة عدة طرحت فور شيوع خبر «الاستقالة» عن وضع الاتحاد بعد هذه الخطوة من علامة، كما كان السؤال الأبرز: هل هذا التوقيت صائب لاتخاذ هذا القرار في خضم «فضائح» داخل اللعبة عبر التلاعب في نتائج المباريات والنقمة على الجهاز التحكيمي ذي الأخطاء الجمّة. كما كان السؤال الابرز هل لهذا الاعفاء من المناصب علاقة بالتعديلات التي طالب بها «الفيفا»، حيث استطرد أحد المتابعين بالقول إن استقالة علامة تأتي بعدما أيقن ان الاتحاد الدولي لن يوافق على استحداث منصب المنسّق العام، علماً ان أي ردّ لم يأتِ من «الفيفا» بعد على التعديلات المقترحة التي ارسلها الاتحاد المحلي اليه والمتضمّنة تحفّظ عضو اللجنة العليا جورج شاهين. وأشار علامة في بيانه الى ان ضميره في راحة ولا أعظم لأن قذارات العمل العام لم تلطخ يديه يوماً ولم يبخل طيلة عمره الرياضي الممتد لأكثر من 55 سنة بأغلى وأعز ما امتلك ولم يسع لعداء احد بل إن عداءه الوحيد كان مع نفسه.
وأضاف علامة: «لقد تأخرت كثيراً في إشهار موقف وقرار اتخذته فعلياً منتصف شهر شباط في العام 2009» معتبراً ان عودته عام 2005 لم تكن سوى رد لاعتباره الذي تعرض لظلم هائل في العام 2001 من جانب تحالف الصدفة الذي جمع بين الأضداد بحسب البيان. مضيفاً: «لكنني ارتكبتُ خطأً كبيراً عقب انقضاء فترة الولاية الإدارية للاتحاد الممتدة من 2005 إلى 2009، حين قبلت الترشح لولاية إدارية ثانية صيف 2009. وها أنا اليوم أعترف ولو متأخراً جداً بأنني رضخت لضغوط بعض كرام الناس، فوافقت على تجديد ترشيحي لولاية إدارية ثانية وما كان عليّ إطلاقاً أن أفعل ذلك. إنه الخطأ القاتل»، مردفاً «قبولي تجديد ترشيحي ثانية في العام 2009 كان خطأً هائلاً لا يوازيه أي فعل خاطئ قد أكون قمت به، ولو سهواً، طوال مسيرتي مع كرة القدم. أما الأسباب، فهي ما لستُ في وارد عرضها، لكثرتها من جهة، ولحرصي على رغبتي القاطعة في عدم نكء الجراح ولحرصي أيضاً على عدم الإساءة إلى أحد، كائناً مَن كان».
وعدّد علامة في معرض بيانه كل الانجازات التي تحققت بإدارته للاتحاد من استقرار اللعبة الشعبية الاولى في لبنان وتنظيم مسابقاتها في أصعب الظروف وتشكيل المنتخبات لكل الفئات العمرية والتي تشارك بزخم في البطولات العربية والقارية والدولية بعدما توافرت لها جميعاً اجهزة تدريب كفوءة، كما صار للاتحاد حضوره وهيبته ودوره المؤثر داخلياً وخارجياً «حتى بات شريكاً مؤثراً في صنع القرار قارياً ودولياً بعدما كان شاهد زور أو ضيفاً في أفضل الحالات». كذلك اشار البيان الى صعود لبنان الى أفضل تصنيف عالمي للاتحاد الدولي الى المرتبة 85 عام 1998 بعد جهدٍ وجدّ وعمل دؤوب، كما تحدث عن استضافة لبنان لكأس الأمم الآسيوية عام 2000 والى الارباح التي حققتها اللعبة والتي غذّت صناديق اللعبة وأنديتها وامتلاك الاتحاد لمقر خاص وغيرها...
وقال أيضاً: «ولأنني أعلم تماماً، وسلفاً، ما سوف يفيض به أصحاب المخيّلات الواسعة، فإنني حظرت على نفسي تماماً وبشكل قاطع كل ما من شأنه أن يعتبر تصريحاً أو تلميحاً مسيئاً إلى أحد، خصوصاً إلى زملائي السادة رئيس وأعضاء اللجنة العليا للاتحاد، مكتفياً بإبلاغ اللجنة العليا للاتحاد قراري بإعفاء نفسي اعتباراً من تاريخه... ومثلما نشأت حالماً برؤية الوطن الغالي ملتحقاً بكبار كرة القدم في كل الساحات العربية والقارية والدولية، سوف أبقى محفّزاً كل مخلص لمتابعة مسيرة العطاء الوطني لأجل عزة لبنان وزرع السعادة في قلوب بنيه، انطلاقاً من إيمان راسخ بأن لبنان ليس وطناً نعيش فيه، بل وطن يعيش فينا».
وفي ردود الفعل على هذا الأمر حاولت «الأخبار» أخذ رأي علامة الذي اعتذر عن الاجابة عن أي سؤال بلباقة طالباً الاكتفاء بالبيان.
ورأى رئيس الاتحاد السيد هاشم حيدر أن القرار مفاجئ، وأنه سيلتقي علامة لمحاولة ثنيه عن هذا القرار مع السعي لأن لا يكون قراراً نهائياً، وأشار الى أنه كان في جو الاستقالة التي قدمها علامة.
ولم يخالف نائب الرئيس ريمون سمعان رأي حيدر، مشيراً الى أن الأمر الطبيعي الآن هو المحاولة مع علامة لكي يعود عن قراره، وكشف عن اجراء مشاورات بين الأعضاء للتباحث بهذا الأمر.
أما الأمين العام بالوكالة جهاد الشحف فأشار الى ان الأمانة العامة للاتحاد ستبقى باسم رهيف علامة الى آخر ولاية هذا الاتحاد، مشيراً الى أن اللجنة العليا لن تقبل بهذا الأمر، واعتبر أن الأمر لا يتصل بأمر التعديلات لأن الشخص الوحيد في اللجنة الذي لم يتعاطَ بهذه القضية هو علامة، وان علامة له فضل كبير على اللعبة وعلى المنتخب الحالي بالذات لأنه هو أول من رشح الألماني ثيو بوكير لتولي تدريبه.
ورفض جورج شاهين، أحد أبرز الأعضاء المناوئين لعلامة في المدة الأخيرة، التعليق على البيان معتبراً قرار علامة «مؤثر» كثيراً، مشدداً على أن كل شخص يتصرف بحسب قناعاته وان الحديث عن الخطوات المقبلة لم يحن أوانه بعد.
وجزم أحد المقربين من علامة رفض ذكر اسمه ان علامة كان يحضّر لهذا «الانسحاب الهادئ» منذ مدة، حيث آثر الغياب عن الجلسات الاسبوعية وعدم التدخل بأي شأن وشرع بتوضيب أغراضه منذ حوالى الشهر أيضاً على الرغم من حضوره يومياً الى الاتحاد الا انه لم يكن يتعاطى مع أحد. واعتبر الشخص نفسه أن البيان الذي أصدره علامة والذي أوجز فيه مسيرته منذ 1985 واستفاضته بالحديث عن كل المراحل مع مراجعة تاريخية لهو بيان استقالة لا عودة عنها، وأضاف ان الاستقالة صدم فيها المقربين منه كما فاجأ فيها أخصامه. وتكهّن الشخص عينه أن اسباب الاستقالة قد تكون الى حدٍّ كبير أن علامة عرف ردّ «الفيفا» على قضية التعديلات ورفض صيغة المنسق العام.
وأكد حليف علامة في الاتحاد محمود الربعة ان الاستقالة علم بها الاعلام قبل المقرّبين اليه، لكنه أضاف انه سيكون رافضاً للاستقالة «لأن اعفاء علامة نفسه هو خسارة للكرة اللبنانية» وان العمل سيكون لحثه على العودة عن هذا القرار.
تكهنات كثيرة رافقت هذه الخطوة من علامة وتحليلات أكثر، إلا أن الأمر الثابت آنياً أن علامة يبتعد عن الكرة اللبنانية في الوقت الراهن، لكن الانتخابات بعد عامين هل سيخوضها أم يبقى مبتعداً؟