القاهرة | بسبب لافتة رفعتها جماهير النادي الأهلي المصري، تصف مدينة بورسعيد بأنها «مفيهاش رجالة» تحولت المباراة التي جمعت الأهلي مع النادي المصري البورسعيدي، إلى مأساة راح ضحيتها ما يقارب 73 قتيلاً، ومئات المصابين، وصل منهم 180 مصاباً إلى المستشفيات، بينما تلقى مصابون آخرون العلاج في موقع الحادث، وتعرض عدد من لاعبي الفريق الأهلي للاعتداء من جماهير المصري الغاضبة، بينما أعلن المجلس العسكري الحاكم للبلاد أنه أرسل طائرتين عسكريتين لإعادة لاعبي الأهلي وجماهيره إلى القاهرة، كما أمر رئيسه المشير محمد حسين طنطاوي بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق.
هشام شيحة، الوكيل الأول لوزارة الصحة للطب الوقائي أكد أن أغلب الإصابات جروح قطعية وارتجاج في المخ، نتيجة الإصابة بآلات حادة وحجارة، لكن لم يجرِ التأكد حتى الآن من أسباب الوفاة.
الأحداث بدأت بعد انتهاء المباراة بفوز النادي المصري بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد للنادي الأهلي، مع رفع لافتة وسط جماهير الأهلي «بلد البالة مفيهاش رجالة»، وهي تعني أن بلد بيع الملابس لا رجال فيه، وهو ما عدّته جماهير المصري إهانة شخصية لها، وقررت الرد عليه. والغريب هو موقف الأمن الذي كان داخل الاستاد، حيث بدا متخاذلاً ولم يعمل على الفصل بين جماهير الفريقين، بل سمح للجمهور بالدخول إلى المبارة حاملاً أسلحة بيضاء، إضافة إلى غياب مدير أمن المحافظة ومحافظ بورسعيد عن المباراة لأول مرة في تاريخ الناديين.
وصرّح عماد البناني، رئيس المجلس القومي للرياضة، أنه يحاول من خلال غرفة العمليات التي أقامها داخل المجلس، تحقيق خروج فريق الأهلي وجماهيره من بورسعيد، وبعدها سيجري تحقيقاً واسعاً يعاقب فيه من سبب هذه الأزمة و«أساء لمصر كلها وقتل خيرة شبابنا».
بدوره طالب الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية، بفتح تحقيق فوري ومعاقبة أي مسؤول يثبت تورطه في هذه «المجزرة والكارثة»، وأكد في بيان له حرمة أي عمل أو تصرف يؤدي إلى إراقة الدماء أو إثارة الفتنة، مشيراً إلى أن حرمة هذه الأمور حرمة شرعية وقانونية وعرفية، وطالب «الجميع بالابتعاد عن أي صدام أو أي عنف وحفظ حرمات الناس والوطن، وخصوصاً في هذه الظروف الاستثنائية التي تمر بها مصر».
وقال البيان إن «حرمة الدماء أشد عند الله من حرمة بيته الحرام»، ولفت إلى أن الشرع حمّل الدولة والمجتمع مسؤولية حماية الأفراد، بطريقة تضمن لهم حياة آمنة.
من جانبه، دعا الدكتور سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب، إلى اجتماع طارئ لبحث الأحداث التي وقعت عقب المبارة، على أن يحضر وزير الداخلية الجلسة ومناقشته في ملابسات الحادث، قاطعاً الإجازة التي كانت من المفترض أن تبدأ اليوم الخميس حتى الاثنين المقبل.
وأعلنت جماعة الإخوان المسلمين موقفها من الأحداث، وقالت على لسان الدكتور محمود غزلان، المتحدث الرسمي باسم الجماعة، إنها أحداث غير «تلقائية»، وإن «هناك أيادي خفية وراء هذه الأحداث». وأضاف غزلان في تصريحات صحافية، أن رابطة مشجعي «الألتراس» يتحملون جزءاً من المسؤولية، بسبب إصرارهم على القيام بأعمال شغب في أثناء المباريات وعقبها، واتهم ضباط الشرطة بالتقصير والإهمال في توفير الأمن خلال المباراة، وقال: «أشعر بأن ضباط الشرطة يعاقبون الشعب على الثورة وإطاحة النظام السابق».
واتهم زياد العليمي، عضو مجلس الشعب، قوات الأمن بالمسؤولية كاملة عن الأحداث، لافتاً إلى أن ما حدث هو ضمن مخطط وضعته وزارة الداخلية للتأكيد أنه لا بد من استمرار تطبيق قانون الطوارئ الذي صدر قرار من رئيس المجلس العسكري منذ أيام بإلغائه، بينما كان الوزير في مجلس الشعب أول من أمس الثلاثاء يحاول إقناع النواب بضرورة استمراره لفرض الأمن في البلاد، وهو ما اعترض عليه النواب، مطالبين بتنفيذ القانون الطبيعي على كل من يقوم بعمل إجرامي. واتهم العليمي الداخلية بتنفيذ هذه المجزرة أو على الأقل السماح بها حتى تنفذ قانون الطوارئ، ويكون لها مبرر قوي في ذلك.
أما حركة شباب 6 أبريل، فقالت في تعليقها على الأحداث إن وزير الداخلية هو المسؤول عن توفير الأمن خلال المباريات، وبالتالي هو المسؤول عن أعمال الشغب وسقوط الضحايا، ووزارة الداخلية تريد تحويل البلد إلى فوضى، ويجب محاسبة وعقاب كل من سبب الفوضى وسقوط قتلى في بورسعيد، مؤكداً أن «هناك من يريد إشعال الأحداث في مصر».
من جانبه، قال الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية: «المجزرة في استاد بورسعيد ليست مجرد تقصير أمني، لكنها جريمة كاملة». أما حمدين صباحي، المرشح للرئاسة كذلك، فرأى أن ما حدث عقاب لشباب «الألتراس» بعد دورهم في التظاهرات ضد حكم العسكر في الفترة الأخيرة.
وأعلن عدد من الأندية انسحابها من الدوري المصري اعتراضاً على ما حدث في المباراة، بينما لم يحدد الاتحاد المصري لكرة القدم موقفه من استكمال الدوري أو إلغائه، وقرر فقط تعليق مباريات الدوري إلى أجل غير مسمى، واكتفى سمير زاهر، رئيس الاتحاد بطلب تأليف لجنة لتقصي الحقائق حول الأحداث التي شهدتها المباراة.
من جهته، عقد مجلس إدارة النادي الأهلي اجتماعاً طارئاً، برئاسة حسن حمدي في مقر النادي لمناقشة آخر تطورات الأحداث، وأصدر مجلس الإدارة بياناً أعلن فيه الحداد ثلاثة أيام على أرواح القتلى وتعليق أنشطة النادي، وتقديم بلاغ للنائب العام بخصوص الأحداث. إلى ذلك، حاصر عدد من أسر الجماهير مقر النادي للاطمئان إلى أبنائهم، وهتفوا ضد حسن حمدي وحمّلوه المسؤولية عن الاعتداءات التي تعرضت لها الجماهير، وطالبوا بإقالة الحكومة؛ لأن هذا هو أكبر عدد قتلى في يوم واحد منذ الثورة، بالإضافة إلى أنه أكبر عدد قتلى في مباراة كرة قدم في العالم.



استقالات في بورسعيد

عقب الكارثة، أعلن كامل أبو علي، رئيس النادي المصري، استقالته من منصبه، مشيراً إلى أن ما حدث كان مدبراً بنحو كامل من شخصيات ترغب في هدم الدولة. كذلك، تقدم إبراهيم حسن، مدير الكرة في النادي، وشقيقه المدير الفني حسام، باستقالتيهما. وتجمع نحو 300 مشجع «أهلاوي» وطالبوا باستقالة رئيس النادي، وظل المتجمهرون يرددون «يسقط يسقط مجلس حسن حمدي».