خلال حفل تكريم الإعلام الرياضي الذي أقيم يوم الإثنين 26 كانون الأول الماضي ذكر المدير العام لوزارة الشباب والرياضة زيد خيامي خلال حديثه عن البطولة العربية التي اقيمت في قطر وشارك لبنان فيها، أن الملاكمة اللبنانية غابت عن البطولة بسبب اعتذار اتحادها اللبناني عن عدم المشاركة بسبب عدم جهوزية اللاعبين. هذا الأمر بدا مفاجئاً بعض الشيء، خصوصاً اذا ما عدنا بالذاكرة الى عام 2009 وتألّق لبنان في الملاكمة في الألعاب الفرنكوفونية التي نظمها وكان له فضية مع الملاكم وائل شاهين الذي خسر الذهبية بقرار الحكام بعد تعادله مع خصمه الفرنسي في النهائي.
أضف الى ذلك فضية لوائل شاهين وبرونزيتين لفراس البتلوني وأحمد عثمان في الألعاب العربية العسكرية في تشرين الأول عام 2010، بعد مشاركة في شهر آب في دورة النضال السورية واحراز عثمان ونجد سلوم لفضيتين وشادي طوبيا لبرونزية، كما احرز عباس طحان برونزية دورة المحبة السورية، وجميع اللاعبين المذكورين هم من الجيش اللبناني الذي يتدرب لاعبوه خمسة أيام في الأسبوع بمعدل ثلاث ساعات يومياً اضافة الى تمارين خاصة عصراً. إذاً هناك ملاكمون جاهزون وقادرون على المنافسة فلماذا كان الاعتذار الاتحادي عن المشاركة في البطولة العربية؟ علماً أن خمس دول فقط شاركت في البطولة مع غياب الجزائر وتونس والمغرب المعروفين بتميّزهم في هذه اللعبة، ما يعني ان فرص لبنان كانت جيدة لإحراز ميداليات في الملاكمة. والغريب أن اتحاد الملاكمة أرسل خبراً الى الوسائل الاعلامية مطلع كانون الأول يتحدث فيها عن وصول المدرب التركي سيفا نار للإشراف على منتخب لبنان للمشاركة في بطولة «بنازير بوتو» الدولية التي ستقام في مدينة إسلام أباد الباكستانية من 22 وحتى 30 كانون الأول وشكّل بعثته المشاركة في البطولة من اللاعبين عباس طحان (وزن 60 كلغ)، أحمد العثمان (وزن 64 كلغ) ونجد سلوم (75 كلغ). فيتساءل متابع للعبة رفض الكشف عن اسمه كيف يمكن للاتحاد أن يستعد لبطولة دولية ويتعاقد مع مدرب اجنبي وتبدأ تمارين المنتخب يومياً لسبعة أيام ولا يكون قادراً على المشاركة في البطولة العربية؟ والحديث عن الأيام السبعة يأتي لكونها الفترة التي قضاها المدرب التركي نار في لبنان قبل أن يختفي فجأة ويغادر لبنان، حيث حضر اللاعبون صبيحة أحد الأيام لمتابعة التمارين كالمعتاد، ليفاجأوا بعدم وجود المدرب وإلغاء المشاركة. واللافت، يضيف الملاكم السابق «أن المدرب تحول من مشرف على تمارين المنتخب الى مشارك في دورة تدريبية للنادي الشعبي في صيدا علماً أنه لم يكن يملك الوقت لذلك، كون التمارين كانت تقام يومياً من التاسعة حتى الحادية عشرة قبل الظهر ومن الخامسة وحتى الثامنة مساءً. والغريب أن اتحاد الملاكمة لم يوضح أسباب سفر نار ولم يذكر أن الدورة الباكستانية قد ألغيت بل اكتفى بتحويل زيارة نار الى إشراف على الدورة التدريبية للنادي الشعبي».
ويبدو أن سياسة الاعتذار عن عدم المشاركة في البطولات أصبحت عرفاً لدى الاتحاد، اذ نراه يغيب عن تصفيات آسيا المؤهلة الى أولمبياد لندن 2012 ولم يشارك في أي بطولة من التي أقامها الاتحاد الآسيوي لهذا الغرض، علماً أن الفرصة ما زالت متاحة، اذ سيقيم الآسيوي تصفية نهائية في شهر آذار تسمح لحامل الذهبية والفضية بالتأهل الى الأولمبياد، علماً أن التصفيات الماضية كانت تؤهل الثلاثة الأوائل عن كل تصفية الى لندن.
وتشعر كأن هناك مقاطعة غير معلنة من الاتحاد اللبناني للمسابقات الآسيوية، ففي عام 2010 غاب لبنان أيضاً عن دورة الألعاب الآسيوية التي أقيمت في غوانغزو الصينية بعدما اختار ثلاثة لاعبين من الجيش للمشاركة وهم وائل شاهين ونجد سلوم وعباس طحان، فاعتذر طحان وشاهين ثم سُحب سلوم لعدم جهوزيته، علماً أن الاتحاد كان قادراً على تسمية أحمد عثمان أو فراس البتلوني اللذين كانا حاضرين للمشاركة.
وكلما تعمقت أكثر في عمل الاتحاد تصطدم بمجموعة من الأمور التي تثير التساؤلات، منها ما يتعلق بالتحكيم إذ شهدت الأسابيع الماضية مجموعة استقالات، منها لرئيس لجنة الحكام عبد الله عسراوي الذي توجه برسالة الى اتحاد اللعبة هذا مضمونها:
«من خلال عملي ضمن رئاسة لجنة الحكام في الاتحاد اللبناني للملاكمة وجدت انقساماً حاداً بين الأمين العام للاتحاد محمد الخليلي وأغلب الحكام المخضرمين لكونه قد تم استبعادهم منذ فترة بصورة تعسفية حيث كانوا من خيرة الشباب الرياضيين المندفعين والطموحين في سبيل تطور ونجاح هذه اللعبة.
وقد اتخذت هذا القرار لكوني على قناعة بأن المغالطات الكثيرة التي يرتكبها الاتحاد وامينه العام لا جدوى من تصحيحها أو الرجوع عنها وهي التالية:
- عمل الاتحاد خلال عهده على عدم تطوير الحكام بسبب انعدام الدورات التأهيلية واقفال باب اي مشاركة لتخريج حكام دوليين.
- عدم قدرة جميع اللجان على القيام بمهامها إلا بعد موافقة الأمين العام الذي بدوره لا يوافق على شيء.
- عدم تنظيم روزنامة سنوية للاتحاد كباقي الاتحادات.
- تدمير اي شخص (حكم-مدرب-لاعب) إذا رفض أمراً فيه مخالفة لقانون الاتحاد.
- معاقبة الحكام «تعسفا» لتنفيذهم القانون ومراجعة الأمين العام على أي خطأ أو مخالفة يتخذها ويعمل على التنكيل به امام كل الرياضيين.
- عدم دعوة الحكام الى أي حفلة تكريم وآخرها بتاريخ 26-12-2011 وبالتالي عدم احترامهم ومعاملتهم كأجراء لدى الأمين العام.
- وهذا القليل مما في جعبتي أنا وزملائي.
لذلك أتقدم باستقالتي هذه من رئاسة لجنة الحكام في الاتحاد اللبناني للملاكمة وأغادركم مرفوع الرأس ومتمنياً عليكم اعفائي من أي مهمة أو صفة في اللجان التابعة لاتحادكم».
ولا يتوقف الانتقاد لعمل الاتحاد والاستقالة على عسراوي فقط، فهناك ايضاً مراسلة من الحكم ناديا عليان التي استقالت أيضاً من لجنة الحكام ووجهت رسالة قاسية الى اتحاد اللعبة، تلت واحدة أرسلها رئيس لجنة الحكام السابق فادي الحاج في 21 أيار 2011 استقال فيها من منصبه منتقداً عمل الاتحاد أيضاً والانقسام الحاد الذي يعانيه. ولفت في رسالة الحاج تطرقه الى مناقشات حصلت في اجتماع للاتحاد تضمنت «أسئلة كثيرة واستفهامات لم أجد تبريراً لها لا من قبل الرئيس محمود حطاب ولا من قبل الأمين العام محمد الخليلي، ومن أهمها تسمية لاعبين للمشاركة في بطولات عربية ودولية غير مصنفين محلياً أو مشاركة لاعب حائز على ميدالية فضية أو برونزية في بطولات خارجيّة في حين تجاهل اللاعب الذي احرز الميدالية الذهبية».
وكلما رجعت الى الوراء تجد أن الملاحظات والاعتراضات تكبر أكثر فأكثر ككرة الثلج، لكن أبرزها ما حصل في دورة الألعاب الفرنكوفونية عام 2009 والذي ما زال يؤثر في نفس العديد من محبي اللعبة والعاملين فيها، حين تم سحب اللاعبين حيدر منصور (وزن 82 كلغ) ودوفال سعادة (وزن 91 كلغ) لعدم جهوزيتهما في حين أن مجرد مشاركتهما كانت ستمنح لبنان برونزيتين اذا لم نقل أكثر من ذلك.
رئيس الاتحاد محمود حطاب يرد على التساؤلات والانتقادات التي تتناول اتحاده وغيابه عن البطولة العربية والتصفيات الآسيوية وخصوصاً مسألة المدرب التركي نار. فحطاب أوضح أن موضوع نار جاء كنوع من التجربة والتعارف عليه، وجرى تقديم عرض له لتدريب المنتخب ومن المفترض أن يتم الاتفاق معه في القريب العاجل. أما بالنسبة لدورة باكستان فلم يشارك لبنان فيها نظراً للتأخر في تسليم جوازات اللاعبين وضيق الوقت للحصول على تأشيرات دخول.
وحول الغياب عن البطولة العربية، أشار حطاب الى أن السبب هو في ضعف الامكانات المادية وعدم الحصول على الأموال من الوزارة الا قبل نهاية العام بقليل، اضافة الى أن «اللجنة الأولمبية فرضت على الاتحاد توقيع تعهّد بإحراز ميداليات وهو ما لم نكن متأكدين منه. ونحن كنا نعوّل على لاعبي الجيش للمشاركة في البطولة العربية، لكن لم نكن واثقين من قدرتهم على إحراز ميداليات والتعهد بذلك للجنة الأولمبية، ما فرض علينا الاعتذار عن عدم المشاركة». وتساءل حطاب «هل اللجنة الأولمبية ساءلت الاتحادات التي لم تحرز ميداليات أم أن «المرجلة» تكون قبل البطولات وبعدها تغيب المحاسبة».
ويحصر حطاب مشكلة الاتحاد وعدم المشاركة الخارجية بسبب عدم القدرة على التعاقد مع مدرب أجنبي، علماً أن عدداً من الأطراف وعد اتحاد الملاكمة بتأمين مدرب أجنبي كاللجنة الأولمبية اللبنانية وعضو اللجنة الأولمبية الدولية طوني خوري لكن لم ينفذ شيء من تلك الوعود. وحول موضوع نقل تمارين المنتخب الى قاعة عربصاليم بدلاً من المدينة الرياضية، خصوصاً أن كلاماً قيل عن عدم دفع الاتحاد كلفة الإيجار لفترة سنتين ما دفع إدارة المدينة الى مراسلة الاتحاد حول الموضوع، يوضّح حطاب «يتم دعمنا بإيجار مخفّض ثم نحمّل تكاليف الكهرباء بملايين الليرات، فكيف نستطيع أن نكمل هكذا؟ وهو ما دفعنا الى نقل التمارين الى قاعة عربصاليم نظراً للكلفة الأقل علينا».



المحاسبة


يكشف رئيس الاتحاد اللبناني للملاكمة محمود حطاب (الصورة) عن خطة جديدة وضعها الاتحاد لتفعيل عمله إن كان على صعيد الحكام أو المدربين، خصوصاً أن لبنان لا يملك أي حكم دولي في هذه اللعبة حالياً وهو أمر يتحمل مسؤوليته الاتحاد. كما ان سياسة الاتحاد ستفعّل عمل المشاركات الخارجية ليقول «حاسبونا من الآن فصاعداً وحتى الدورة العربية عام 2015. فالخطة تلحظ صقل عشرين لاعباً بحيث يكون للبنان لاعبان في كل وزن للمشاركة في البطولة العربية 2015».
لكن هل هذا يعني ان مقولة «عفا الله عما مضى» هي القائمة حالياً؟
يجيب حطاب «لا ليس في هذا الاطار، لكن المشكلات المادية هي التي تعيقنا، ونحن كاتحاد مسؤولون عن لاعبينا. ولا يمكننا المشاركة في بطولات وتصفيات طالما أن اللاعبين غير جاهزين. فهذا يضع الاتحاد أمام المساءلة بعد تحقيق النتائج السيئة».