عرفنا (ولا نزال) كريستيانو رونالدو لاعباً مبدعاً، ونجماً مضيئاً. عرفناه مسدداً مُصيباً (للشباك)، وهدافاً كبيراً. عرفناه فناناً حرّيفاً، وساحراً أنيقاً. عرفنا رونالدو ذلك اللاعب الذي لا يعرف الاستسلام ويأبى الخسارة، ويجوهر في شدائد المباريات وأكثرها حماسة وتحديا واثارة (كما في مباراتي الملحق المؤهل الى مونديال 2014 بين البرتغال والسويد على وجه الخصوص). كثيرون منا دُهشوا بموهبة هذا اللاعب ومقدراته التي لا يضاهيه فيها الا قلة قليلة. صحيح ان الكثير من النجوم لمعوا، ولا يزالون، لكن لرونالدو ميزة خاصة وهي قوته وتصميمه وقدرته الفائقة على كسب التحدي (دائماً مباراتا السويد مثال ساطع)، أما من لم يَكُن الحب لموهبة البرتغالي، فهو لا يخفي، ولا يمكن الا أن يقر بقوته. كل هذا جميل، ومدهش، لكنه غير كاف وحده لأن يتغنى عاشق لكرة القدم يوماً بأنه عاش زمن رونالدو، ان هذا الاخير أصبح الأيقونة وحفر عميقاً في الذاكرة على غرار دييغو أرماندو مارادونا وبيليه وزين الدين زيدان ورونالدو (البرازيلي) وبقية السحرة. الأيقونة والخلود في الذاكرة يحتاجان الى اكثر من تلك المواصفات والكفاءات. الأيقونة هي المثال والقدوة، تماماً كما الموهبة والمهارة. الأيقونة هي التواضع في ذروة المقدرة، والإقرار بكفاءة الغير في عز الشهرة. هذه المفردات كلها هي التي تصنع الأيقونة الخالدة.
يوم اول من امس، أثبت لنا رونالدو بالدليل القاطع أنه أبعد ما يكون عن الأيقونة. في ساعات معدودات برهن لنا كريستيانو، وعلى نحو واضح ولا يحتمل الشك، عن مكنونات شخصيته البعيدة عن ماهية الأيقونة.
شاهدنا يوماً رونالدو وهو يسجل هدفاً بتسديدة صاروخية ويشير إلى عضلات فخذه للدلالة على أنه صاحب أقوى التسديدات في العالم. قلنا حسناً، وبررنا: «الدون» يريد ان يكسب نقطة في تحديه «الازلي» مع خصمه ليونيل ميسي. شاهدنا يوماً رونالدو وهو يسجل هدفاً حاسماً ويشير الى نفسه كمن يقول: انا ولا أحد سواي. قلنا حسناً، وبررنا: ربما أخذت المنافسة والحماسة في الملعب «سي آر 7» الى أن يفعل ذلك. قرأنا يوماً ان رونالدو قد حفر شعاره «سي آر 7» على أغلب مقتنيات منزله، وهذا ما رآه كثيرون انعكاساً لشخصيته المتعالية والمتعجرفة. قلنا حسناً، وبررنا: يريد أن يتذوق حلاوة الشهرة، وهذه حياته الشخصية أصلاً، ما لنا به. بررنا هذه وتلك وغيرها من الحالات والمواقف التي تثير الجدل حول شخصيته، لكن كيف لنا ان نبرر جملتين قالهما هذا النجم اول من امس؟
في الأولى: سأل فتى رونالدو خلال حضوره «مؤتمر دبي للرياضة» عن نجمه المفضل، فسكت كريستيانو قبل أن يجيب: نجمي المفضل هو انا، قبل ان يستدرك بالقول بأنه لا يحبذ أن يسمي أحداً حتى لا يظلم آخرين، وبأنه احب في طفولته مواطنيه لويس فيغو وفرناندو كوتو. جواب فظ في شقه الاول، وغير مقنع أبداً في شقه الثاني، وبالتأكيد إذا ما عدنا الى أرشيف رونالدو وتحديداً الى بداية مسيرته، فسنجد الأسماء الحقيقية التي مثلت مثالاً وقدوة له، لكن الشهرة تغير نفوس البعض لا فقط حياتهم، الا الأيقونات فإنها لا تتبدل. الأيقونة يمكن هنا ان نستدل عليها في مثال وحيد، رغم كثرة الامثلة، وذلك لقربه الزمني. فها هو الأيقونة الفرنسي زين الدين زيدان يجيب قبل أيام بأنه سيضع على رأس تشكيلته المثالية الأفضل في التاريخ النجم الأوروغوياني أنزو فرانشيسكولي.
«زيزو» منذ مطلع مسيرته رأى ان هذا النجم هو قدوته، وأنهى مسيرته ولم يبدل رأيه رغم أنه تخطى في مسيرته فرانشيسكولي بأشواط وأشواط.
أما الجملة الثانية الصادمة لرونالدو اول من أمس، فهي: «أعتقد بأنني أستحق الفوز بالكرة الذهبية في كل عام»، وذلك في رده على سؤال من صحيفة «آ بولا» البرتغالية حول الأجدر بحمل الجائزة هذا العام. يا لهذا الجواب من نجم بحجم رونالدو! أيعقل ما قاله كريستيانو في مقابلة صحافية مكتوبة من المفترض أن الوقت متاح امامه للتفكير في الرد على أسئلتها، وهو «في المبدأ» لا يحتاج الى ذلك أصلاً؟!
لكن يوم السبت تحديداً، وللمصادفة، كان نجم آخر وهو الاسباني جوسيب غوارديولا يُسأل في «مؤتمر دبي للرياضة» ذاته إن كان بالامكان تسمية نجاحات برشلونة في عهده بـ «حقبة غوارديولا»، فأجاب مستغرباً وبتواضع شديد: «حقبة غوارديولا؟ يمكن القول إنها حقبة ميسي». هكذا تكون الأيقونة الحقة، اما رونالدو، فهو أبعد ما يكون عنها حتى اللحظة، حتى يصلح عيوبه كلياً في ما بقي له من سنوات في مسيرته.




منديش يجاري رونالدو

لم يتوان وكيل أعمال كريستيانو رونالدو وصديقه المقرّب، مواطنه الشهير جورجي منديش، عن التصريح بأن «الدون» كان «سيسجل 120 هدفاً في الموسم الواحد لو كان يلعب لبرشلونة». هذا التصريح يبدو محاولة من قائله للانتقاص من قدرات ليونيل ميسي تحديداً، لكنه من حيث لم يتنبه فيه كذلك إساءة إلى فريق «سي آر 7» ريال مدريد.