انتهت عاصفة انتخابات الاتحاد اللبناني لكرة السلة، بفوز متوقع للائحة المرشح وليد نصار، الذي أصبح رئيساً للاتحاد، بعد وصول جميع أعضاء لائحته الى اللجنة الادارية، اضافة الى المرشح «المستقل» فارس مدوّر، الذي نال أصواتاً من الطرفين. الانتخابات انتهت بفوز تحالف الثنائي جان همام وجهاد سلامة، بمساعدة من الدكتور روبير أبو عبد الله وجورج بركات، على لائحة بيار كاخيا، المدعومة من معظم أندية الدرجة الأولى.
الانتخابات شهدت مشاركة قياسية من قبل الأندية، مع حضور 121 نادياً من أصل 129، تمثل الجمعية العمومية، ما يؤكّد أن المعركة كانت قاسية، واستعدّ لها كل طرف على نحو كامل، مستخدماً جميع الأسلحة من مال وسياسة وضغوط ومغريات. جاء الفارق بين نصار وكاخيا 33 صوتاً (125 لنصار و92 لكاخيا)، فيما حصد الثلاثي نادر بسمة وفارس مدوّر ونزار الرواس أعلى الأصوات، وخصوصاً الرواس، الذي كان «بطل» الانتخابات بـ 191 صوتاً.
وجاءت النتائج على النحو التالي: وليد نصار (125 صوتاً)، ايلي فرحات (130)، غسان فارس (142)، نزار رواس (191)، نادر بسمة (190)، رامي فواز (160)، نزيه بوجي (114)، روجيه عشقوتي (120)، هادي غمراوي (113)، جورج صابونجيان (118)، مارون جبرايل (122)، فادي تابت (118)، فارس المدور (176)، فيكين جيرجيان (122)، وفؤاد صليبا (134).
ونال الخاسرون: بيار كاخيا (92 صوتاً)، ضومط كلاب (83)، ميشال خوري (77)، رامون زغيب (74)، جان مامو (79)، جورج فرنسيس (71)، هاروتين بدروس قونداقجيان (78)، ميشال بيروتي (89)، داني حكيم (84)، محمد أبو بكر (83) وتمام جارودي (81).
ثم عقد الأعضاء الفائزون اجتماعاً لتوزيع المناصب، حيث جاءت النتيجة كالآتي: وليد نصار (رئيساً)، فارس المدور (نائباً أول للرئيس)، نزار رواس (نائباً ثانيا للرئيس)، نادر بسمة (نائباً ثالثاً للرئيس)، فيكين جيرجيان (نائباً رابعاً للرئيس)، المحامي غسان فارس (أميناً عاماً)، ايلي فرحات (أميناً للصندوق)، جورج صابونجيان (محاسباً)، نزيه بوجي (مديراً للمنتخبات الوطنية)، فادي تابت ومارون جبرايل وروجيه عشقوتي وفؤاد صليبا وهادي غمراوي ورامي فواز (أعضاء مستشارين).
وسبقت الجلسة الانتخابية جلسة مناقشة البيانين الاداري والمالي، حيث أُقر البيان الاداري بالاجماع، والبيان المالي بالأكثرية مع تحفّظ تسعة اندية عليه.
الانتخابات جرت يوم السبت في نادي المركزية. سبتٌ نهاره كان حافلاً بالاتصالات والترقب ومراجعة الحسابات، مع مساع لجمع أكبر قدر من الأصوات. المساعدات المالية أو "الهدايا"، كما وصفها الرئيس الجديد وليد نصار، أخذت ترتفع قيمتها لدى الطرفين. بعض الممثلين "قبض" من الجهتين لكن طبعاَ صوت لطرف واحد. الكل كان ينتظر الساعة السادسة مساء موعد الانتخابات.
بعض الإثارة جاءت من نادي الحكمة وسط تسارع المعلومات حول الجهة التي سيصوّت لها ممثل النادي الرئيس نديم حكيم. فحكيم حسم أمره وقرر التصويت لصالح لائحة بيار كاخيا. أمر أثار زملاءه في اللجنة الادارية وتحديداً لبيب شبلي، إيلي مشنتف، جوزف نعمة وسامي برباري. فاللجنة اجتمعت يوم الجمعة وقررت الوقوف على الحياد، لكن حكيم شاور المطران بولس مطر وقرر التصويت لصالح كاخيا.
هنا كان لا بد على الأعضاء اللذين يدورون في فلك الجهة الداعمة للائحة وليد نصار من التحرك. فقدموا استقالتهم بهدف إسقاط اللجنة الادارية ومنع حكيم من التصويت، وجرت محاولة لتسجيل هذه الاستقالات في وزراة الشباب والرياضة.
لكن هذه المحاولة فشلت. البعض عزا السبب الى الوصول بعد الدوام الرسمي. لكن ممثل الوزراة في الانتخابات محمد عويدات أوضح لـ "الأخبار" أن هناك خطأ في طريقة صياغة الاستقالات وتحديداً الجهة الموجهة اليها. إذ أن الكتاب يحمل عنوان "لمن يهمه الأمر" وهو لا يتطابق مع الطريقة الصحيحة لاستلام الكتب من قبل وزارة الشباب والرياضة.
مهما كانت الأسباب، فإن الاستقالات لم تسجّل وبالتالي كانت مشاركة حكيم في الانتخابات شرعية.

مع اقتراب موعد الانتخابات بدأت ترتفع درجة التوتر، محاولات من المعنيين لرسم ابتسامات مطمئنة. لكن العيون تفضح ما بداخلها وتشير الى قلق وتوتر كبير. مندوبو الأندية يصلون تباعاً، للمشاركة في الجلسة الأولى المخصصة لإقرار البيانين المالي والاداري، والثانية لانتخاب لجنة ادارية جديدة.
عدد الحاضرين يوحي بنسبة حضور قياسية، فالأمور لا تتحمل تقاعس أو تقصير.
كاخيا يتنقل بين المندوبين والمرشحين، ومعاونوه يطمئنون الجميع الى أن اليوم سيشهد "زلزالاً" في تاريخ السلة اللبنانية. تطمينات وتوقعات تُظهر لاحقاً بأن المسألة لن تتجاوز "الهزة" بدرجات طفيفة على مقياس صناديق الاقتراع.
مع انطلاق العملية الانتخابية جلس الجميع في القاعة الكبرى في الطابق السفلي الأول. العدد الكبير مع التوتر القائم رفع من درجات الحرارة. وإذا كانت الانتخابات تقام في هذه القاعة، فإنها كانت تدار وتتم متابعة تفاصيلها في الطابق العلوي الأول. هناك كان يجلس قطبا الجميعة العمومية جان همام وجهاد سلامة، حيث تصلهما الأخبار تباعاً، ويديران المعركة ثانية بثانية. همام وسلامة لم يظهرا على الساحة الانتخابية، حرصاً على عدم استغلال حضورهما "غير الشرعي" لاحقاً. فهما ليسا مرشحان ولا مندوبان وممثلا نواد. لكنهما طباخان ماهران اكسبتهما السنين خبرة طويلة.
أندية الدرجة الأولى بدأت بالاقتراع تباعاً. فرز أصواتها اشار الى أن خمسة أندية صوتت لصالح لائحة كاخيا بالكامل، وناديان صوتا لأسماء مشتركة. أحد هذان النادي هو هوبس، ورئيسه جاسم قانصوه الى قرر التشطيب والإضافة، فكانت ورقة كتبها الزميل نمر جبر أمين سر النادي وفيها فؤاد صليبا وفيكين جيرجيان. فقانصوه من ابناء اللعبة ويعلم تماماً مدى أهمية وجود شخص كصليبا في الاتحاد.
أمر استفز المرشح على لائحة كاخيا جورج فرنسيس، الذي أطلق تصريحات طائفية لا تليق بالرياضة ولا بمن هو موجود على لائحته، فهو يرى أنه "الحق علينا نحن المسيحيين اللذين لا نتعلم من الماضي".
كلام يعتبره البعض أنه نتيجة الضغط، لكنه في الوقت عينه يكشف ما يختزنه البعض في الصدور.
تصويت الأولى أشار الى أن لائحة نصار مدعومة من ثلاثة أندية فقط وهي الشانفيل وأنترانيك وبجه.
مع بدء تصويت أندية الدرجة الثانية كان الكل ينتظر النتيجة التي جاءت 9 - 6.
في الثالثة كان كاخيا يتوقع أن يحصل على أصوات 14 الى 16 نادياً لكن النتيجة جاءت 16 – 9، وبالتالي بدأت تتوضح الصورة. نصار في طريقه الى الفوز.
أصوات الرابعة أوصلته تدريجياً حتى حسم الأمر في منتصف التصويت وبدأت انسحابات المرشحين الخاسرين من جهة، وتهاني الفائزين من جهة أخرى.
كاخيا يتقبل الخسارة. يتحدث عن اضاعة الأندية لفرصة ذهبية للتغيير. "وطالما أن هذا هو قرارها فهذا يعني أنها لم تعرف بعد بأنها تسير الى الهاوية".
هل سيبقى في لعبة كرة السلة؟
"لا" يجيب كاخيا. "حاولت ولن أكرر المحاولة وسأدير ظهري الى اللعبة وأتوجه نحو كرة القدم".
ومع اقتراب الفرز من نهايته يظهر جهاد سلامة مع حقيبته بنيّة اللون. تلك التي ترافقه في جميع الاستحقاقات. كم من اتحاد أفرزت تلك الحقيبة؟ يسحب منها ورقة مكتوبة بخط يده وتشير الى توقعاته عشية الانتخابات. كُتب على الورقة: النتيجة ستكون 120 – 84. قريبة جداً من النتيجة النهائية التي ستعلن بعد دقائق 125 – 92.
سلامة يحاول طمأنة أندية الدرجة الأولى في أكثر من تصريح صحفي، كذلك الأمر بالنسبة لنصار الذي مدّ يده للجميع حتى قبل انتهاء الفرز. نصار الذي بدا يخطف الأضواء مع اقتراب اعلانه رئيساً للاتحاد، ووصول أفراد عائلته لتهنئته. هو شخص مجهول بالنسبة لعدد كبير من الإعلاميين والأندية. الزميل جلال بعينو يرسل في اليوم التالي نبذة عنه مع إشارة الى أنه يملك مشروعاً متكاملاً من 84 صحفة. كان من الأفضل اطلاع الرأي العام والإعلام عليها قبل الانتخابات لكسب تأييد أكبر. لكن ما الحاجة لهذا طالما أنه يحظى بدعم القطبين. الكل سيترقب المرحلة المقبلة.
البداية حملت بصيص أمل مع تعيين نزيه بوجي مديراً للمنتخبات الوطنية. خطوة ممتازة من اللجنة الجديدة، فهو إبن اللعبة وأفضل من يقوم بهذا الدور.
انتهت الانتخابات، ببقاء سلامة على موقفه منذ البداية. "لا أرى كاخيا رئيساً للاتحاد".
كاخيا بقي على موقفه حتى النهاية. "سأخوض المعركة ولو وحيداً". هذا ما حصل. أكمل كاخيا حتى النهاية وخسر بشرف. خسر بعد أن خذله كثيرون. أندية خدعته ومقربين صوّروا له الدنيا وردية.
جان همام أضاف معركة جديدة ناجحة الى سجله الحافل. لم يخسر هذه المرة أيضاً. لكن قد يكون قد تشظى من ما رافق الانتخابات. فأندية الدرجة الأولى ليست مستاءة من سلامة فهو كان واضحاً من البداية، لكنها عاتبة على همام الذي لم يفِ بوعوده، وهذا حسب رأي الأندية المعارضة.
عتب سيكون الوقت كفيل بغسله، لكن السؤال الأهم: هل انتهت المعارك؟
جواب ستكشفه الأيام المقبلة، عسى أن يكون من يخوض هذه المعارك، قد اقتنع بأن الجميع يحتاج للراحة والبناء.