ما بين دقات القلوب والذهول والتنهيدات، عاش متابعو دوري أبطال أوروبا لحظات سحب قرعة دور الـ 16 ظهر أمس. القلوب كانت تدق في المرات التي كان فيها الأمين العام للاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا)، جياني اينفانتينو، والنجم البرتغالي السابق لويس فيغو، يخلطان الكرات في الوعاء، ليظهر بعدها رد الفعل واضحاً، سلباً أو إيجاباً، على وجوه ممثلي الفرق عندما كان الرجلان يفتحان الكرات ويكشفان عن هوية المتنافسين. لم يترك هذان الاثنان وقتاً للمتابعين لالتقاط الأنفاس، إذ بمجرد رسمهما معالم المباراة الأولى حتى كانت الدهشة تحتل الوجوه في القاعة في نيون السويسرية حيث أُجريت القرعة، أو خلف الشاشات: برشلونة الإسباني يواجه مانشستر سيتي الإنكليزي. يا لها من موقعة! هذا كان، لا شك، رد الفعل الأول.
هذه الدهشة ما كانت لتحصل طبعاً لولا ما ظهر عليه الفريق الانكليزي تحديداً هذا الموسم. فسواء في الدوري الانكليزي او في دوري أبطال أوروبا، أظهر «السيتيزينس» وجهاً مختلفاً عن باقي السنوات الماضية، اذ ان ما قدمه حتى الآن أذهل النقاد تماماً، نظراً إلى التجانس الرهيب بين نجومه الكثيرين وقوته الهجومية المذهلة، وآخرها سداسية في مرمى أرسنال المتصدر، في حين أن قلبه خسارته 0-2 على أرض بايرن ميونيخ الألماني بطل أوروبا الى فوز 3-2 في المباراة الأخيرة لدور المجموعات، مقدماً أداء رائعاً رغم اراحته اكثر من نجم في صفوفه، شكّل رسالة شديدة اللهجة لكل أوروبا.
وعندما يكون الخصم في دور الـ 16 فريقاً كبرشلونة، فإن المنافسة ستبلغ أشدها طبعاً، وخصوصاً أن بطل إسبانيا لن يرضى من جهته الا العودة الى منصة التتويج في الـ«تشامبيونز ليغ» بعد الخروج المخزي أمام بايرن ميونيخ في الموسم الماضي (0-7). معضلة هي هذه المباراة حقاً، أو بالأحرى هذا النهائي المبكر، المبكر جداً. لا يمكن، او من المستحيل حتى، توقع هوية الفائز بين الفريقين، حيث من الواضح ان مباراتيهما ستلعبان على الجزئيات. ومن يعلم، قد تكون لنجم سيتي العاجي المتألق، يايا توريه، كلمة الفصل أمام فريقه السابق الذي فرّط بخدماته قبل سنوات؟
ما ينطبق على موقعة برشلونة ومانشستر سيتي ينطبق أيضاً على موقعة بايرن ميونيخ المدافع عن لقبه أمام أرسنال الانكليزي، والسبب كذلك تطور مستوى الـ«مدفعجية» هذا الموسم (بغض النظر عن الخسارة الأخيرة أمام سيتي)، وذلك بعد النقلة النوعية التي سببها قدوم الألماني مسعود اوزيل الى صفوفهم وتفجر موهبه الويلزي آرون رامسي. غير أن الفرنسي أرسين فينغر يدرك جيداً أنه في مواجهة الفريق الذي يوصف حالياً بـ«الأفضل في العالم»، رغم خسارته الأوروبية الأخيرة بدوره أمام سيتي. موقعة ستكون هجومية بامتياز، نظراً إلى أسلوب الفريقين الذي ينحو بهذا الاتجاه، وهذا ما سيضعنا أمام كم كبير من التشويق حتى صافرة نهاية مباراة الاياب، وهذا ما حصل تماماً في الموسم الماضي خلال لقاء الفريقين في الدور عينه (3-1 ذهاباً لبايرن في لندن، و2-0 إياباً لأرسنال في ميونيخ).
تطور مستوى فريق ثالث هذا الموسم سيجعل من مباراته أمام ميلان الايطالي قمة بدورها، والحديث هنا عن اتلتيكو مدريد الاسباني. فالفريق الثاني في العاصمة الاسبانية أثبت هذا الموسم أنه جاهز للتحديين المحلي والقاري بأتم الجاهزية بقيادة نجمه البرازيلي الأصل دييغو كوستا. من هنا، إن النادي اللومباردي صاحب الباع الطويل اوروبياً مطالب بأن يضع تغنّيه بذكريات الماضي الجميل في البطولة جانباً وأن يكون في كامل استعداده وتركيزه لمباراتيه امام أتلتيكو. أما غير ذلك، فستكون نتائجه وخيمة على الـ«روسونيري»، اذ يكفي النظر الى ترتيب أتلتيكو مدريد في الدوري الاسباني ودور المجموعات لدور أبطال أوروبا للتأكد من ذلك.
ماذا عن ريال مدريد الاسباني؟ رد الفعل الأول على نتيجة قرعته بدا مريحاً لعشاقه؛ فطبعاً، أن يقع في مواجهة شالكه الألماني خير من أن يقع في مواجهة أرسنال أو ميلان، لكن كلمات نائب رئيسه، النجم السابق إيميليو بوتراغينيو، مباشرة عقب القرعة، لا شك في أنها بدلت المزاج نوعاً ما بقوله: «في المبدأ إنها (القرعة) سهلة، لكن في مدريد ندرك جيداً أنّ من الصعب اللعب في ألمانيا، لا يمكن أن نقول إنها قرعة من النوع السهل». إذاً، ما يبدو واضحاً من كلام بوتراغينيو ان التوجس من الألمان سيكون في حسبان المدريديين أولاً، وذلك لما لهم من تجارب مرة في السنوات الأخيرة أمام بايرن ميونيخ وبوروسيا دورتموند في البطولة، فضلاً عن ان صفوف الملكي الأزرق تمتلك مفاتيح، وفي مقدمها النجم الصاعد بقوة، جوليان دراكسلر، قادرة على ارباك حسابات المدريديين.
واذا كان ريال مدريد سيتنبه لمفاجأة ألمانية جديدة، فلا شك في أن تنبه تشلسي الانكليزي بقيادة مدربه البرتغالي جوزيه مورينيو سيكون أكبر في مواجهته أمام غلطة سراي التركي. لا داعي لكثير غوص في تحليل صعوبة المباراة، إذ يكفي فقط ذكر أن مورينيو كاد يخرج في ربع النهائي في الموسم الماضي مع ريال مدريد امام فريق نجم الـ«بلوز» السابق، العاجي ديدييه دروغبا، والأهم ان الفريق التركي فجّر كبرى مفاجآت دور المجموعات بإطاحته يوفنتوس الايطالي من المنافسة.
يبقى بين كبار «القارة العجوز» في دور الـ 16 إذاً 3 فرق هي: مانشستر يونايتد الانكليزي وبوروسيا دورتموند الألماني وباريس سان جيرمان الفرنسي. في المبدأ، يمكن القول ان القرعة ابتسمت لهذه الفرق بوضعها في مواجهة فرق أولمبياكوس اليوناني وزينيت سان بطرسبورغ الروسي وباير ليفركوزن الألماني، لكن يجدر بهذه الاولى التنبه لنقطة مهمة، هي عندما تحل ضيفة على الثانية، فالكل يعلم مدى الأجواء الجماهيرية الضاغطة في اليونان، والقاسية مناخياً في روسيا، وطبعاً التنافسية الصعبة في ألمانيا؟
باختصار، يمكن القول إن حسم هوية أي فائز في دور الـ 16 هذا الموسم يبدو مجازفة وأمراً غير سهل على الاطلاق، فنحن امام مواجهات نارية وقوية جداً من جهة، وتحمل «فخاخاً» من جهة أخرى، لكن ما هو محسوم ان المتابعين سيكونون على موعد مع منسوب كبير من التشويق، وأمسيات أوروبية، لا شك، ساحرة.




ملاعب أوروبا | نتيجة قرعة دوري الأبطال و«يوروبا ليغ»

دور الـ 16 لدوري أبطال أوروبا
مانشستر سيتي - برشلونة
أولمبياكوس ــ مانشستر يونايتد
ميلان - اتلتيكو مدريد
باير ليفركوزن - باريس سان جيرمان
غلطة سراي - تشلسي
شالكه - ريال مدريد
زينيت سان بطرسبورغ - بوروسيا دورتموند
ارسنال - بايرن ميونيخ
تقام مباريات الذهاب في 18 و19 و25 و26 شباط، والاياب في 11 و12 و18 و19 اذار المقبل.
دور الـ 32 لـ «يوروبا ليغ»
دنبروبتروفسك - توتنهام
ريال بيتيس - روبن كازان
سوانسي سيتي - نابولي
يوفنتوس - طرابزون سبور
ماريبور - اشبيلية
فيكتوريا بلزن - شاختار
دونيتسك
تشرنومورتس اوديسا - ليون
لاتسيو - لودوغورتس
اسبييرغ - فيورنتينا
اياكس امستردام - سالزبورغ
ماكابي تل ابيب - بازل
بورتو - اينتراخت فرانكفورت
انجي ماخاشكالا - غينك
دينامو كييف - فالنسيا
باوك ساولنيكا - بنفيكا
سلوفان ليبيريتش - الكمار
تقام مباريات الذهاب في 20 شباط المقبل، والاياب في 27 منه.