«بالنسبة إلى شخص مثل غالياني، يجب أن يكون هناك بعض الاحترام له، لا أستطيع أن أرى مكاناً للنساء في كرة القدم، لا أود أن أقول ذلك، ولكن هذه هي الحقيقة». هذه الجملة قالها الأسبوع الماضي، النجم الإيطالي السابق، جينارو غاتوزو. وبالرغم من أن غاتوزو اشتهر بشخصيته الحادة والصارمة، فإن هذا القول غير مقبول البتة من نجم ميلان السابق. كان حرياً بغاتوزو أن يدافع بطريقة أخرى أو على الأقل على نحو ألطف عن المدير التنفيذي للنادي اللومباردي، أدريانو غالياني، في معركته مع باربرا، نجلة مالك الـ«روسونيري»، سيلفيو برلوسكوني، الموكلة بالشؤون الاقتصادية والتسويقية في ميلان. غير مسموح على الإطلاق إن كان غاتوزو لا يشارك باربرا رؤيتها أو أنه يطمح إلى مركز في ناديه أو أنه على خلاف مع زوجته في المنزل أن يشن هجوماً قاسياً على الوجود النسائي برمته في كرة القدم.
من قال إنه لا مكان للنساء في كرة القدم؟ من قال إن صورة النساء في عالم هذه اللعبة ترتبط فقط باهتمام وسائل الإعلام العالمية بالإضاءة على صديقة هذا النجم أو ذاك، وما مدى تأثيرها عليه، أو باختيار أجمل صديقة أو زوجة نجم في هذا الدوري الأوروبي أو ذاك، أو أجمل مشجعة لهذا الفريق وذاك المنتخب؟ من قال إن «ضعف» شعبية بطولات كرة القدم لدى السيدات بنظر كثيرين (وهو أمر غير صحيح، بل إن هذه النتيجة تبدو طبيعية لمن يريد أن يضع كرة النساء في مقارنة مع كرة الرجال) يعني حتماً أن المرأة ستفشل في عالم الإدارة في هذه اللعبة إن في المكاتب أو في الملعب (كمدربة).
باربرا برلوسكوني نفسها تبدو مثالاً ساطعاً لقوة المرأة في عالم كرة القدم. فما يبدو واضحاً أن هذه الصبية تتمتع بشخصية قوية وقدرة على التأثير على من هم حولها. فأن تضع باربرا «رأسها برأس» شخص كغالياني الذي يعدّ جزءاً من تاريخ ميلان، وتجبره على التنحي، فهذا ما هو غير قليل أو عابر على الإطلاق. أثبتت هذه الشابة أنها قادرة على السير في دهاليز عالم الإدارة الشائك في هذه اللعبة. قبل حوالى عامين، كانت باربرا تلتقط الصور التذكارية الى جانب غالياني في حديقة مركز النادي عندما أصبحت عضواً في مجلس إدارته، وإذا بها الآن تغدو وحدها في الصورة. برنامجها واضح: إعادة فريق ميلان الى شبابه ونضارته بعدما بدا كـ«كهل» في العامين الأخيرين، وهذا ما لا يتم، برؤيتها، الا بإطاحة الطاقم الإداري القديم وضخ حيوية الشباب وفكره الجديد فيه. باربرا ماضية قدماً لخلافة والدها في ميلان. باتت الآن الأمل الذي يتعلق به الميلانيون لرؤية فريقهم مجدداً في الريادة المحلية والأوروبية.
لكن باربرا ليست الأنثى الوحيدة التي تقدم نموذجاً لوجود المرأة الفاعل في عالم الإدارة في اللعبة. فالروسية مارغاريتا (بوغدونوف) لويس _ دريفوس، تمتلك الآن فريق مرسيليا الفرنسي منذ عام 2009. المرأة التي تتقن خمس لغات والتي تحمل شهادة في الاقتصاد تدير أحد أشهر الفرق في فرنسا وأوروبا منذ وفاة زوجها السويسري روبرت لويس _ دريفوس. ورغم هدوئها وابتعادها عن الإعلام (على عكس باربرا تماماً)، إلا أن مارغاريتا، التي قدمت من روسيا الى سويسرا عام 1989 حيث عملت مساعدة لمدير إحدى شركات الاستيراد والتصدير، تلقى إشادة في فرنسا، ليس أقله لقيادتها فريقاً كان يوماً ملكاً لذاك المثير للجدل في التسعينيات بيرنار تابي.
الجانب المضيء أكثر للمرأة في إدارة كرة القدم، يمكن تلمسه من خلال البوروندية ليديا نسيكارا، التي ترأس اتحاد كرة القدم في بلادها وهي إحدى أعضاء اللجنة التنفيذية في الاتحاد الدولي للعبة ومسؤولة عن تطوير كرة القدم لدى السيدات فيه، ويتوقع لها كثيرون مستقبلاً باهراً في أروقة «الفيفا».
وبين هذه وتلك، هل يعلم غاتوزو أن فريقاً للرجال في الدرجة الخامسة في كرواتيا تقوده مدربة؟ هكذا صممت تيهانا نيمسيتش أن تصل الى ما لم يسبقها أحد إليه، فنالت شهادة في التربية البدنية ومضت قدماً نحو تحدي المدربين الرجال في ميدانهم بتسلّمها تدريب فريق فيكتوريا فوياكوفاتش في شهر تشرين الأول الماضي وهي لما تتجاوز بعد الرابعة والعشرين من عمرها؟ هل يعلم غاتوزو أن النساء قدن تحكيم بعض مباريات الرجال في الدوريات الكبرى؟
قلنا «فيفا» قبلاً. من يعلم، فقد تتسلم يوماً ما نسيكارا أو لويس ــ دريفوس أو باربرا برلوسكوني أو غيرهن رئاسة أعلى سلطة كروية في العالم؟ وعندها لننصت الى ما سيقوله غاتوزو!



روما مِلكهن

يشكل روما الإيطالي نموذجاً للدور الفاعل للمرأة في مجال الإدارة في كرة القدم، فهو أكثر ناد عريق تسلمت رئاسته سيدات. فقد خلفت فلورا زوجها دينو فيولا في هذا المنصب عند وفاته مطلع التسعينيات. لكن الأكثر شهرة منها هي روزيلا التي خلفت والدها فرانكو سينسي عند وفاته من عام 2008 حتى 2011.