لم يكن الأسبوع الماضي عادياً على الاطلاق بالنسبة إلى الويلزي غاريث بايل في العاصمة الاسبانية مدريد: أربعة اهداف في مباراتين، واحد من ركلة حرة رائعة أمام غلطة سراي التركي في دوري أبطال أوروبا، وثلاثة في مرمى بلد الوليد في الدوري الاسباني، وهو «الهاتريك» الأولى له بقميص ريال مدريد، وكل هذا تحت انظار النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو الجالس في المدرجات لإصابته.
ليس بقليل ما فعله الويلزي في الأيام الأخيرة. فأن ينجح بايل نجاحاً منقطع النظير في المهمة الثقيلة الملقاة على عاتقه بتعويض «الدون»، فهذا ليس بعابر على الاطلاق، أقله بالنسبة إلى ما يمثله «سي آر 7» في العاصمة الاسبانية.
الأهم من ذلك ان الويلزي تمكن من تخطي الضغوط والرد على المشككين بمستواه منذ قدومه الى مدريد، هو الخارج من لندن منبوذاً بعد قراره الرحيل عن توتنهام مقابل مبلغ قياسي في تاريخ كرة القدم. أما الدخول الى «دهاليز» العاصمة الاسبانية فلم يكن بتلك السهولة على الاطلاق. فمن جهة، حطّ بايل في الفريق الذي يضم رونالدو، القياسي قبله، وخصوصاً لتشابه اسلوب الاثنين. ومن جهة ثانية، فإنه قادم للحلول مكان اللاعب الذي دخل الى قلوب المدريديين وبكوا رحيله كثيراً، الألماني مسعود اوزيل، وما بينهما قلائل وتعقيدات لا تنتهي في البيت الملكي.
كان لزاماً على الويلزي ان يتقن المشي بين «الألغام» و«الفخاخ» الكثيرة في مدريد. جاءت الاصابة لتزيد الامور تعقيداً على بايل. بدا أن غاريث عبء على الملكي. الانتقادات راحت تتهاطل كالمطر عن جدوى هذا التعاقد مقابل التفريط بأوزيل الذي كان، للمفارقة، يلمع في الاثناء في لندن مع أرسنال وهذا ما زاد من ألم السهام في قلوب المدريديين. «إنها لعنة بايل» هكذا صدر «الحكم» سريعاً على الويلزي وزاد المدريديون قناعة بهذه النتيجة بعد الاداء المخيب في «المحك» الاول لبايل امام الغريم برشلونة. ما حاجتنا به ولدينا لاعب كرونالدو وحصلنا على موهبة كإيسكو؟ ثمة من لم يتوان عن التساؤل حينها.
لكن بايل ادرك بعدها «خيوط اللعبة» في فريق كريال مدريد: ان تستسلم للانتقادات والشكوك، فهذا يعني انك ستسقط حتماً. ان تبدو كـ«الحمل الوديع» في العاصمة الاسبانية، مراهناً على الـ 100 مليون يورو التي قدمت بها من لندن، فهذا لا يجدي نفعاً. هكذا لم يعر بايل اهتماماً لكل ما يقال وما يثار. وضع كل الانتقادات خلف ظهره وكأن شيئاً لم يكن، ومضى الى حلمه المدريدي.
جاءت الفرصة على طبق من ذهب: رونالدو سيغيب في مباراتين وهي من المرات النادرة التي تحصل في مدريد، ولكأن القدر شاء ان يتدخل. نجح الويلزي امام غلطة سراي وبلد الوليد. لوهلة، نسي المدريديون رونالدو، وصفقوا طويلاً للويلزي. بين ليلة وضحاها تحول بايل الى بطل في مدريد.
لكن ما بين التألق المنقطع النظير لبايل وغياب رونالدو، ثمة «فخ» كبير. فخ ليس بعابر. فالويلزي بات له مكان كبير في قلوب المدريديين، امر لن يروق طبعاً البرتغالي المستأثر على الحب كله. الأمر لا يتوقف على التوقعات، فعلى أغلفة الصحف كان «اللغم» الكبير الذي وجب على بايل أن يقطعه سالماً غانماً: الاسبانية منها ولشدة فرحتها ومن حيث لا تدري أخذتها العاطفة الى أن تضع بايل ورونالدو وجهاً لوجه، وما غلاف «ماركا» الذي حمل عنوان «القائد» وتصدرته صورة بايل سوى مثال ساطع، فقبل أيام كانت صحيفة «آ بولا» البرتغالية تحمل العنوان ذاته مع صورة رونالدو. بدا الأمر كأنه «واحدة بواحدة». اما الصحف الانكليزية فتقصدت الايقاع بين النجمين بوضوح، وما عنوان «ذا دايلي مايل»: «من يحتاج لرونالدو (بوجود بايل)؟»، سوى مثال ساطع.
هنا، في هذا الامتحان الكبير الذي لم يتنبه له كثيرون، الا بايل، أثبت الأخير مدى حنكته. هكذا، خرج الويلزي سريعاً بتصريح لافت بعد ثلاثيته الأخيرة قائلاً بما مختصره: «مستوى رونالدو فوق الجميع. إنه أفضل لاعب في العالم».
أن يقول بايل هذا الكلام ليس فيه انتقاص من قدراته على الاطلاق، هو القادر، بمؤهلاته، على الوقوف نداً بوجه رونالدو فعلاً لا قولاً، لكن فيه الكثير من تواضع هذا النجم واحترام لتاريخ رونالدو، هو الذي لم يخف مراراً تأثره به، وكذلك فيه حرص على البيت الملكي بما يعنيه للويلزي، وهذا ما يؤكده ما كُشف اول من امس عن رفض بايل عرضاً بـ 120 مليون يورو للانتقال الى مانشستر يونايتد مفضلاً عليه النادي الملكي.
ما يبدو واضحاً أن بايل يثبت مرة جديدة صدقه في مد يده لرونالدو، موصلاً اليه الرسالة بأن هدفه ليس منافسته، بل الأهم لديه هو ريال مدريد. عسى أن يلتقط البرتغالي الإشارة.



إشادة لافتة من زيدان

وجّه «أسطورة» ريال مدريد، الفرنسي زين الدين زيدان، إشادة لافتة لغاريث بايل. وقال «زيزو» لصحيفة «ذا دايلي مايل»: «بايل لديه الوقت ليكون أفضل مني. إنه لاعب متكامل بإمكانه تسجيل الأهداف ومساعدة الفريق، كذلك فإنه رائع من الناحية البدنية»، وأضاف: «أتوقع أن يكون بايل لاعباً مهماً في تاريخ ريال مدريد».