يومٌ بعد آخر يزداد اهتمام الأندية بنشاط نجومها على مواقع التواصل الاجتماعي التي تستقطب الملايين حول العالم، حيث أصبحت هذه المواقع قناة أساسية لمدّ جسور التواصل بين الناشطين في اللعبة من أندية وإداريين ومدربين ولاعبين، وبين القاعدة الشعبية المتحمّسة دائماً لمتابعة أي شيء يخصّ أولئك النجوم الذين يعشقونهم.
من هنا، بدأت أندية كرة القدم المعروفة في أوروبا حملات مختلفة لتشجيع لاعبيها على الاندماج بأكبر قدرٍ ممكن في مواقع التواصل الاجتماعي، وهو الأمر الذي كان مصدر خطرٍ حتى الماضي القريب بالنسبة الى هذه الأندية، التي كانت ترى في هذا النوع من المواقع مساحة لعرض تفاصيل الحياة اليومية لبعض النجوم، والتي قد لا تتلاقى مع رؤيتها أو التي قد تسيء الى صورتها بمكانٍ ما.
إلا أن هذه النظرية سرعان ما تبدّلت ابتداءً من السنة الماضية، وباتت الأندية تسعى الى تعليم لاعبيها كيفية استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، وهي توجّههم في حالاتٍ كثيرة الى ما يفترض أن ينشروه على صفحاتهم، وذلك انطلاقاً من اكتشافها أن هذه المواقع هي إداة تسويقية لا تكلّفها أموالاً، بل إنها تدرّ عليها الأرباح.
وانطلاقاً من هذه المعطيات، لا يبدو مستغرباً أبداً أن تكون صفحة النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي على «فيسبوك» أكثر شعبية من تلك التي تخصّ ناديه برشلونة الإسباني، إذ تحوي 51 مليون متابع مقابل 47 مليون متابع للنادي الكاتالوني. والأمر عينه ينطبق على النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو الذي تضم صفحته 65 مليون متابع، مقابل 44 مليوناً يتواجدون في صفحة ناديه ريال مدريد الإسباني.
النظرة الاقتصادية _ التسويقية لهذا الموضوع تبدو واضحة، إذ تعرف الأندية اليوم أن نجومها هم الذين يجذبون المشجعين حول العالم، وبالتالي فإن نشاط النادي في أسواق بيع المنتجات الخاصة به يتضاعف إذا ما عرف تسويق نفسه بشكلٍ جيد. وقد يأتي البعض ليقول ان اسم نادٍ مثل ريال مدريد لا يحتاج الى الدعاية أو التسويق، وهو أمر صحيح، لكن ليس في حالة المنافسة الضارية الموجودة حالياً بين الأندية على كسب الأسواق حول المعمورة. وانطلاقاً من هذه النقطة، جاء رئيس الريال فلورنتينو بيريز عام 2000 بفكرة تحويل النادي الملكي الى قبلة للنجوم تحت عنوان «الغالاكتيكوس»...
ويبدو لافتاً حالياً أن بروز بعض النجوم بمبادرة فردية على مواقع التواصل الاجتماعي، تجذب إليهم عقوداً أكبر على الصعيد التسويقي. وهذا الأمر يبرز في حالة مهاجم برشلونة نيمار، إذ ترى شركة «نايكي» المتخصصة بصناعة التجهيزات الرياضية، أن نشاط النجم البرازيلي على موقع «إنستاغرام» من خلال نشر صوره يومياً وهو يستخدم أحذية وملابس الشركة الأميركية الشهيرة، إضافة إيجابية لها في مجال التسويق، وخصوصاً أن متابعي نيمار على الموقع المذكور يزداد عددهم باطراد، إذ وصلوا أخيراً الى 3.3 ملايين شخص.
وتعرف الأندية الأوروبية تماماً أن التسويق الفردي من خلال النجوم هو أحدث أدوات التسويق. فعلى سبيل المثال، بدأت جامعات كثيرة تدرّس انعكاس احتراف الياباني هيديتوتشي ناكاتا والكوري الجنوبي بارك جي سونغ في إيطاليا وإنكلترا توالياً، على المبيعات في كلّ ما يرتبط بهذين النجمين اللذين يحظيان بشعبية جارفة في بلديهما.
كذلك، وفي مثالٍ آخر، لا يخفى أن شعبية الدوري الإنكليزي الممتاز في البرتغال ارتفعت أسهمها بشكلٍ كبير عندما كان المدرب جوزيه مورينيو مع تشلسي ورونالدو مع مانشستر يونايتد سابقاً، قبل أن تتحوّل البوصلة باتجاه إسبانيا في الموسم الماضي، إذ إن حضور هذين الاسمين الكبيرين مع ريال مدريد جعل من الأخير النادي الثاني المفضّل عند مشجعي الفرق المحلية الأبرز، أي بورتو وبنفيكا وسبورتينغ لشبونة، فبات بيع حقوق نقل مباريات ريال مدريد أمراً مربحاً في البلاد.
اليوم، تريد الأندية الأوروبية الاستفادة الى أبعد الحدود من قدرات نجومها في التأثير على المجتمع بعيداً عن أرض الملعب، وهي توثّق بذلك ارتباطها بجمهورها، ما يرفع من مبيعاتها في كل المجالات، إضافةً الى جذبها المزيد من المعلنين والرعاة، إن كان على قمصانها أو ملاعبها وحتى على صفحات مواقعها الإلكترونية.
نعم، قد تكون مواقع التواصل الاجتماعي خطرة في بعض الأحيان، وخصوصاً على السرية المحيطة بعمل بعض الأندية المهمة، لكنها باتت الآن بمثابة الساعد الأيمن الذي يدير عجلة الأرباح بشكلٍ أكبر، وما نشاط الكلّ في عالم كرة القدم سوى لحصد الأموال الطائلة.

يمكنكم متابعة شربل كريم عبر تويتر | @charbel_krayem




الاتحادات الوطنية خارج اللعبة

تبدو الاتحادات الوطنية أكثر تحفظاً بخصوص استخدام اللاعبين لمواقع التواصل الاجتماعي عند وجودهم مع منتخباتهم، وهذا ما برز من خلال قرار الاتحاد الإنكليزي بوضعه قوانين لاستخدام لاعبي إنكلترا لموقعي «فايسبوك» و«تويتر»، وخصوصاً بعد مهاجمة أشلي كول الاتحاد الإنكليزي عبر «تويتر» دفاعاً عن قرار ضد زميله جون تيري.