من قال إن ماريو بالوتيللي لا يبتسم؟ أول من أمس، وفيما كان العالم الكروي مشغولاً بمباريات دوري أبطال أوروبا، كان «سوبر ماريو» مشغولاً بطهو أكلة «الباستا» الإيطالية الشهيرة، على ما نقلته إحدى المحطات المحلية، والابتسامة لا تفارق محياه. جميل ماريو. هذا اللاعب الذي أُلصقت به صفة «الولد المشاغب» كان يستمع بعناية إلى شرح الطاهي بجانبه. بدا بالوتيللي في غاية اللطف. قيل الكثير عن ماريو، وكتب الكثير عن هذا اللاعب، وأثير الكثير من الجدل حول شخصيته، لكن قطعاً لم يحاول كثيرون أن ينظروا الى القسم الكثير الممتلئ في كوبه، وإلى النضج الذي بدأ يطرأ على شخصيته.
ماذا عن بالوتيللي الذي دعا جماهير فريقه السابق مانشستر سيتي الانكليزي الى مساندة زميله وقتها الأرجنتيني كارلوس تيفيز الذي كان يتعرض لحملة انتقادات كبيرة؟ ماذا عن بالوتيللي الذي احتضن والدته بحنو تناقلته عدسات المصورين حول العالم بعد الفوز على ألمانيا في نصف نهائي كأس أوروبا الأخيرة وأهداها الفوز؟ ماذا عن بالوتيللي الذي ذرف الدموع للخسارة أمام إسبانيا بعدها في النهائي؟ ماذا عن بالوتيللي الذي لم يتوان في إحدى المرات، على ما تذكر صحيفة «توتو سبورت»، عن الترجل من سيارته لمساعدة امرأة مسنّة حتى تقطع الشارع؟ كل هذا يخالف الصورة التي تُلصق بماريو على أنه شخص قاس ولا يحسن التصرف، هو الذي عانى ما عاناه مراراً من هتافات عنصرية في الملاعب وانتقادات لاذعة خارجها.
على كل الأحوال، دعنا من هذه الأمثلة، ولنمعن جيداً في الصورة الآن في ما يعاب على «سوبر ماريو»: هل بالوتيللي ميلان حالياً هو ذاته بالوتيللي انتر ميلانو أو بالوتيللي مانشستر سيتي؟ حتماً لا. شتان ما بين هذه الفترات وحجم الأخطاء والهفوات خلالها. أين نحن من ماريو الذي اشتبك مع مدربه في سيتي، مواطنه روبرتو مانشيني، أمام عدسات المصورين في حصة تدريبية، وماريو الآن الذي يمازح زملاءه في التدريبات كما تناقلت المواقع لقطات طريفة له في الحصة التدريبية لميلان قبل مدة قصيرة. أين نحن من بالوتيللي الذي لم يكن يبالي لضربه لاعباً أو تهجمه على حكم، وبالوتيللي الآن الذي لم يتوان عن الاعتذار بعد واقعة إيقافه جراء تهجمه على حكم المباراة أمام نابولي. أين نحن من ماريو الذي كانت تستفزه مجرد كلمة واحدة من خصم، وماريو الآن الذي لا تؤثر فيه الضغوط، وآخرها على سبيل المثال، على نحو مفاجئ قبل أيام، من نجم ميلان السابق زفونيمير بوبان الذي وصفه بـ«حامل الحقائب لفان باستن ووياه وشيفشنكو» لو كان لعب في زمان هؤلاء النجوم السابقين لـ«الروسونيري».
ويبدو واضحاً أن وضْع ميلان ماريو أمام المسؤولية في نهاية شهر أيلول بعد واقعة مباراة نابولي قد بدأ ينعكس إيجاباً على شخصيته، ويعد بأخبار سارة عن «سوبر ماريو» في هذه النقطة. ولا شك بأن بالوتيللي بات يدرك جيداً أن الجميع في ميلانو من مشجعين وزملاء يكنّون له الحب الكبير، وما نصائحهم له إلا لمصلحته، وآخرها من كاكا الذي قال عنه: «إنه شاب رائع. لكن يجب أن يدرك أن لديه مسؤوليات في عالم كرة القدم»، مضيفاً «إنه مثال لكثير من الناس، ويجب أن يحسن معالجة الكثير من الأشياء».
أمسية السبت، وعقب إضاعته ركلة جزاء أمام جنوى واستمرار تعثر ميلان، شغل بالوتيللي إيطاليا وميلانو عندما خرج بتغريدة على صفحته في موقع «تويتر»، حملت التباساً كبيراً جداً عندما كتب: «إنها النهاية»، لكن مباراة سلتيك الاسكوتلندي الثلاثاء في دوري أبطال أوروبا أجابت الحائرين عما قصده «سوبر ماريو» بعدما ربط كثير من المحللين بين الضغوط الكبيرة التي تواجهه، وخصوصاً مع تدني أهدافه هذا الموسم حيث تصدر اسمه العناوين للانتقال الى أكثر من ناد، وبين «تغريدته» التي تمت قراءتها على أنها مؤشر واضح لرحيله عن الـ«روسونيري». لكن مباراة سلتيك أجابت المتسائلين عما قصده بالوتيللي بتلك التغريدة. فها هو ماريو يسجل هدفاً ويحتفل مع كاكا. كان البرازيلي أول من اتجه نحو ماريو واحتضنه. الصورة كانت تتكلم: النهاية التي قصدها بالوتيللي كانت لكل محنة ميلان في الفترة السابقة، والبداية هي مع زميله البرازيلي لغد مشرق لـ«الروسونيري»، أما لسان حال بالوتيللي فكان: الولاء حتماً لميلان، والحب أبداً لميلان.



إينزاغي يدعمه


اعتبر نجم ميلان السابق، فيليبو إينزاغي، أن ماريو بالوتيللي «ليس له مثيل في إيطاليا»، قائلاً لصحيفة «لا غازيتا ديللو سبورت»: «ماريو بالوتيللي أفضل مهاجم في إيطاليا. الآن يجب أن يقدم على خطوة إلى الأمام ليصبح الأفضل في أوروبا»، مضيفاً «إنه يراوغ على نحو جيد ويتمتع ببنية جسدية هائلة، ولديه قدرة كبيرة على التسديد وإنهاء الهجمات»، وختم بقوله «لا ينقصه شيء. أتمنى أن يكون هذا الموسم موسمه».