لطالما قيل انه في عالم كرة القدم لا مكان على ارض الملعب سوى للافضل، لكن هناك في العاصمة الاسبانية تبدو الامور مختلفة الى حدٍّ بعيد. كيف لا، وحارس المرمى الاول في اسبانيا إيكر كاسياس ليس اساسياً في فريقه ريال مدريد من دون سببٍ فني يبرّر هذا الامر. طبعاً، حُكي الكثير عن احقية كاسياس من عدمها في ان يكون الرقم 1 في حراسة عرين ريال مدريد، وذهب البعض الى التحليل بأن مستواه بعد عودته من الاصابة لا يخوّله ازاحة دييغو لوبيز من بين الخشبات الثلاث، وخصوصاً ان الاخير اكد انه من طينة الحراس الكبار.
نعم، لا شك في ان لوبيز حارس جيّد، وربما يتفوّق على كاسياس في مزايا محدّدة مثل تعامله مع الكرات الهوائية العرضية، لكن كثيرة هي الامور التي تحتم اعتماد «القديس» اساسياً في كل مباريات ريال مدريد لا فقط خلال مسابقة دوري ابطال اوروبا حيث يشارك في المباريات دونها في لقاءات الريال في الدوري الاسباني.
بداية من الجانب الفني، اذ يبدو جليّاً انه لا يعوز كاسياس اي شيء على هذا الصعيد في الفترة الحالية، فظهر بمستوى ثابت في كل المباريات التي خاضها مع المنتخب الاسباني ومع ريال مدريد ايضاً حيث كان مفتاحاً اساسياً في تصدّر الفريق الملكي لمجموعته في دوري الابطال. وهنا تبرز نقطة مهمة تؤكد علو كعب كاسياس، اذ ليس من السهل ابداً على اي حارس مرمى ان يغيب لمدة اسبوعين على الاقل عن المشاركات ثم يعود ليخوض مواجهات اوروبية وبعضها من العيار الثقيل كالمباراتين اللتين لعبهما امام يوفنتوس صاحب اللاعبين اصحاب القدرات الهجومية الكبيرة، ليقف سدّاً منيعاً ويمنع «السيدة العجوز» من الفوز ذهاباً واياباً. وقد يكون اي لاعب في الملعب قادراً على الابتعاد ثم العودة بنفس المستوى، لكن ليس حارس المرمى الذي يفترض ان يبقى في اجواء اللعب دائماً ليحافظ على ثبات مستواه، وهذا ما يدلّ على الحضور الذهني القوي لكاسياس.
وفي حال سلّمنا جدلاً ان كاسياس ولوبيز يتمتعان بنفس المستوى، فهناك سبب بسيط لاعطاء الافضلية للاول، اذ ان كاسياس صاحب شخصية قيادية، فهو لا يحمل شارة كابتن ريال مدريد ومنتخب اسبانيا بالصدفة بل ان ميزته تكمن في التواصل مع زملائه على ارض الملعب حتى وهو يقف بعيداً من بعضهم، معتمداً طريقة نقل الرسالة الشفوية التي يريد ايصالها من المدافع الى لاعب الوسط ووصولاً الى المهاجم. وفي هذا السياق، يعرف كاسياس كيفية مساعدة المدافعين على التمركز الجيّد بهدف حماية شباكه، وهو امر بدا وكأنه ينقص لوبيز في الموقعة امام الغريم التقليدي برشلونة.
اذاً كاسياس مظلوم، وظلمه يأتي من اهل بيته، الذين يفترض ان يمنحوه افضلية اوتوماتيكية على لوبيز كونه يعكس الوجه الجميل لنادي العاصمة، الذي انتُقد دائماً لعدم تمكنه من مجاراة اكاديمية «لا ماسيا» الخاصة بـ «البرسا» في تخريجه النجوم، ويبقى كاسياس افضل من تم تخريجه من اكاديمية «لا كاستييا» الخاصة بريال مدريد في العصر الحديث للعبة.
لطالما «تضرّع» الجمهور المحلي الى «قديسه» كاسياس للقيام بالعجائب على ارض الملعب وابعاد «شياطين الهجوم» عن شباك ريال مدريد، وهم لا شك في انهم يشهدون اليوم على عجائب اخرى يسطّرها «سان إيكر» الذي رغم الاحقاد التي واجهته داخل القلعة البيضاء لا يزال يشفع بناديه الأم، فهو وبعيداً من كل الشائعات التي تربطه بانتقالٍ محتمل الى برشلونة او ارسنال الانكليزي لا يرى نفسه بعيداً عن جمهوره الذي عاد ليعبده بعد تلك الأمسية في تورينو.

يمكنكم متابعة شربل كريم عبر تويتر | @charbel_krayem