بطبيعة الحال، لم تكن فرحة الباريسيين عادية أمس بتتويج فريقهم باريس سان جيرمان بلقب الدوري الفرنسي لكرة القدم للمرة السادسة في تاريخه عادية، إذ إن الصعود إلى منصة التتويج في موسم 2015-2016 تحقق في الجولة الثلاثين أي قبل 8 مراحل من ختام الموسم ليسجل الفريق رقماً قياسياً على الصعيد المحلي بتخطيه ليون الذي حقق اللقب موسم 2006-2006 قبل 5 مراحل على النهاية، وهذا ما كانت عليه الحال على الصعيد الأوروبي بكسره الرقم القياسي الذي كان مسجلاً باسم بايرن ميونيخ بإحرازه لقب الدوري الألماني قبل 7 مراحل على نهاية موسم 2013-2014.
لم تكن فرحة الباريسيين عادية أيضاً لأن يوم التتويج شهد اكتساح سان جيرمان لمضيفه تروا المتواضع 9-0، ليحقق فريق المدرب لوران بلان رقماً قياسياً بتسجيله أكبر فوز لفريق خارج ملعبه بعدما كان الرقم السابق ملكاً لسانت إتيان ويعود لموسم 1951-1952 بفوزه على مضيفه مرسيليا 10-3.
لكن مقابل هذه الفرحة غير العادية للباريسيين، ثمة لا شك حزن في فرنسا، إذ إن هذا المشهد لتتويج سان جيرمان مع الأرقام القياسية يُظهر الضعف الذي وصلت إليه بطولتهم التي لطالما كانت عنواناً للمنافسة بوجود العديد من الفرق القوية أمثال مرسيليا وموناكو وليون وسانت إتيان وغيرهم الذين برزوا بين الفترة والأخرى وكانوا يشعلون الصراع على اللقب ويضفون جمالاً ورونقاً على "الليغا 1"، لكن كل هذا دمّره سان جيرمان في المواسم الأربعة الأخيرة وأمعن أكثر في تحطيمه هذا الموسم وهذا ما يُظهره مشهد وقوفه في المرحلة الثلاثين على القمة بفارق 25 نقطة عن موناكو الثاني، بينما يأتي فريق عريق مثل مرسيليا في المركز الحادي عشر بفارق 38 نقطة بالتمام والكمال بعيداً عنه، وهذا غير مسبوق ويزيد من حزن الفرنسيين لمجرد عودتهم بالذاكرة إلى فترة التسعينيات التي كانت تشهد منافسة محمومة بين "بي أس جي" و"لويم"، ليصبح الدوري الفرنسي مقارنة بالبطولات الأوروبية الأخرى الكبرى من دون "كلاسيكو" ولا مباراة قمة!
يحق للباريسيين الآن أن يحتفلوا، لكن يحق القول أيضاً بأنهم السبب في قتل البطولة الفرنسية وأنديتها يوم فتحوا أبوابهم للاستثمار القطري الذي راح يضخّ الأموال يمنة ويسرة لتعزيز صفوف الفريق بالنجوم، وما أكثرهم من السويدي زلاتان إبراهيموفيتش إلى الأوروغوياني إيدينسون كافاني والبرازيليين دافيد سيلفا ولوكاس مورا والإيطالي ماركو فيراتي، وصولاً إلى الأرجنتيني أنخل دي ماريا الذي أعطى دفعة إضافية للفريق في هذا الموسم وزاد من قوّته مقابل التراجع المتزايد للفرق المنافسة، إذ يكفي القول هنا إن نجوم هذه الأخيرة باتوا يتركونها لفقدان الأمل أمام النادي الباريسي على غرار مرسيليا الذي رحل عنه هدافه أندريه - بيار جينياك والأخوين أندريه وجوردان أيوو وديميتري باييه، وكذلك إحجام النجوم من القدوم إلى "الليغ 1" لفقدانه التنافس بسبب السيطرة الباريسية، وهذا ما وجّه ضربة قوية للدوري الفرنسي.
المضحك - المبكي أن سان جيرمان لن يكتفي، وهو ماضٍ أكثر في تعزيز صفوفه بالنجوم العالميين في الصيف المقبل، ومن يعلم فربما قد نراه بطلاً في الموسم المقبل عند انتهاء مرحلة الذهاب.