قد يكون الاجتماع الذي عُقد أمس في مطرانية بيروت بداية نهاية الأزمة بالنسبة الى نادي الحكمة، إذ بعد حلقات التهديد والوعيد التي خرج بها المتناحرون الى العلن طوال الأشهر الأخيرة، أوقف راعي أبرشية بيروت ووليّ الحكمة المطران بولس مطر ذاك المسلسل البشع الذي شرذم الحكمويين وهدد وجود أحد أعرق الأندية الرياضية الموجودة في البلاد.
«اجتماع المطرانية» أمس جمع المطران مطر الى المونسنيور جوزف مرهج، وأمين سر المطرانية الأب بول عبد الساتر، والرئيس الفخري للنادي رئيس مدرسة الحكمة بيروت الأب عصام ابراهيم، والرئيس السابق للنادي جورج شهوان، والقيادي في التيار الوطني الحرّ المهندس زياد عبس ورئيس قطاع الرياضة في التيار جهاد سلامة، بينما حضر المهندس عماد واكيم وشفيق الخازن عن حزب القوات اللبنانية. وحضر الاجتماع أيضاً رئيس دائرة الرياضة في وزارة الشباب والرياضة محمد عويدات، حيث حدّد المسار القانوني للفترة الحالية والمقبلة ردّاً على تساؤلات المطران مطر.
الفريقان المتناحران عرضا وجهتي نظرهما أمام «سيّد الحكمة» حيث يبدو أن كلاًّ منهما قد رمى بأوراقه بعيداً عن المعادلة المطلوبة، إذ بالنسبة الى القوات أنهى واكيم تمسّكه بمارون غالب ومارك بخعازي وألكو داود وجورج شلهوب، بينما لم يعد الطرف العوني مصرّاً على معادلة «إيلي مشنتف أو الفوضى».
إلا أنه رغم الاتفاق المبدئي الذي حصل، يبدو واضحاً أنه خلال الاجتماع حاول كلٌّ من الطرفين تسجيل النقاط في مكانٍ ما، إذ وسط الاتفاق على اسم هنري شلهوب رئيساً للفترة المقبلة، فإن اعتراض العونيين كان على الأسماء التي طرحها القواتيون لتمثيلهم في اللجنة الإدارية المرتقبة، فهم إذ لم يجدوا مشكلة في تسمية الزميل فارس كرم كأحد الأسماء الثلاثة التي طرحها واكيم، فإن رفضاً قاطعاً كان على اسمي ميشال خوري وسمير نجم على اعتبار أنهما حزبيان بعكس كرم الحيادي كونه غير منتسب الى أي جهة سياسية. وهذه المسألة تتقاطع أيضاً مع رفض نديم حكيم للاسمين على خلفية الدعوى القضائية التي كان قد رفعها خوري ضد انتساب 137 عضواً الى الجمعية العمومية عندما كان طلال المقدسي رئيساً للنادي.
وبالحديث عن الدعاوى القضائية، فإن سحبها سيكون الانطلاقة الفعلية نحو حلّ نهائي لمشكلة الحكمة، وهو أمر قد لا يقتنع به خوري مثلاً، أو حتى الخازن الذي اعترض خلال الاجتماع رافضاً سحب الدعوى التي رفعها ضد إيلي مشنتف، وهذا ما أثار امتعاض شهوان الذي أراد الانسحاب من الاجتماع.
لكن الأمر المفاجئ هو الليونة التي أبداها الطرف القواتي والبساطة التي تخلى فيها عن مرشحيه ثم قبوله بالتنازل عن الدعاوى المرفوعة، وذلك بعدما كان ممسكاً بزمام الأمور في الحكمة من خلال تفرده بالتمويل في الفترة التي تلت خروج وديع العبسي وفريقه من النادي.
وما يمكن قراءته من خلال هذه النقطة هو أمران أساسيان، أولهما شعور حزب القوات اللبنانية بضعف موقفه في الجمعية العمومية في حال حصول أي انتخابات، إذ إن «البوانتاج» يظهر عدم قدرته على جمع أكثر من 36 صوتاً لدعم لائحته، إضافة الى 10 أصوات تخصّ شلهوب وحكيم وبخعازي وجوزف عبد المسيح. والأسوأ بالنسبة الى القوات هو تأكده من أن حصة شهوان في الجمعية العمومية لن تكون في مصلحتهم، وخصوصاً بعد المعاملة التي لقيها الأخير الأسبوع الماضي عند توجهه لتسديد اشتراكات المنتسبين الى الجمعية العمومية، وهو أمر لم يكن متوقعاً في الحسابات القواتية التي كانت تعمل على تأمين النصاب، ثم إجراء انتخابات تكون في مصلحتها يوم غدٍ.
أما الأمر الثاني في هذه النقطة فهو ما يقال عن فكرة قواتية لتخفيف العبء المالي أو إيجاد حلول تمويلية أخرى، إذ إن المبالغ التي دفعها الحزب خلال 6 أشهر لم تكن في حساباته، ووصول شلهوب قد يخفف هذا الحمل الثقيل أو يبعده نهائياً، إذ يبدو هذا الأمر سبباً مبطّناً لقبول القوات بإعطاء شلهوب الأكثرية في اللجنة الإدارية، رغم أنه لن يدفع أكثر من ربع الميزانية السنوية.
وفي الشق المالي، كان شلهوب واضحاً، إذ إنه طلب من القوات تسديد كل الديون المتراكمة قبل تسلّمه الرئاسة، وهي عبارة عن رواتب ومستحقات للاعبين والجهاز الفني، حيث تردد أن النادي يدين الآن لمدرب فريق كرة السلة فؤاد أبو شقرا بـ 110 آلاف دولار سددها للاعبين، ومنهم جوليان خزوع وإيلي رستم ورودريغ عقل!
وفي الوقت الذي قبل فيه القواتيون الوجود ضمن اللجنة الإدارية من دون أن يمسكوا بها بالشكل الذي رسموه سابقاً، فإن سحب الشكاوى والاتفاق حول التفاصيل الأخرى، ثم إجراء الانتخابات، تعني أن التيار العوني أصبح خارج النادي نهائياً، إذ لا يقبل العونيون فكرة أن يدفعوا مليون دولار مثلاً من دون أن يضمنوا الأكثرية في اللجنة الإدارية. إلا أن إسناد الرئاسة الى شلهوب وتسمية 3 أعضاء من قبل القوات لن يدفعهم الى تعطيل الانتخابات حيث يملكون 64 شخصاً في الجمعية العمومية، المفترض أن يدعو إليها خلال شهر الحارس القضائي جوزف سماحة الذي عُيّن من قبل قاضي الأمور المستعجلة في بيروت زلفة الحسن لإدارة شؤون النادي، وهو الأمر الذي أبطل بالتأكيد الدعوتين الى الانتخابات في 25 أيلول و5 تشرين الأول.
وما حصل والقرار الذي اتخذه العونيون يشير الى أن «البرتقاليين» أداروا الملف بطريقة محنّكة إلى درجة ظهروا فيها أمس في ثوب «الخورنة» أمام المطران من حيث تجاوبهم مع طلباته، ومنها إقناع إيلي مشنتف بعدم الترشح للانتخابات المقبلة، وهو الذي سيصبح أقوى بعد أيام بدخول مئة عضو وعضو محسوبين عليه الى الجمعية العمومية. أضف تصويرهم الخلاف على أنه مشكلة بين أبناء الحكمة وليس خلافاً عونياً ـــ قواتياً من خلال الإيضاح أن بخعازي عوني الانتماء، بينما معلوم عن مشنتف توجهاته القواتية، وبالتالي كان وجودهم لمساعدة الحكمة رياضياً ووقوفهم الى جانب الأشخاص الذين يريدون مصلحة النادي.
المطران قال كلمته، والقضاء أيضاً بتعيين حارسٍ قضائي. من هنا، لن تكون الأمور في الحكمة كما كانت سابقاً، إذ إن الطرفين مدعوان الى تصفية النوايا والعمل على إنهاء الحالة الشاذة التي أوصلت النادي الى مرحلةٍ لم يعرفها طوال تاريخه العريق. هذا التاريخ لن يرحم بالتأكيد اسم المعرقل أو المشوّه لطريق الحل المرسوم والمبارك.

يمكنكم متابعة شربل كريم عبر تويتر | @charbel_krayem




مشنتف لإبعاد أبو شقرا والطقم القديم

علّق رئيس الحكمة إيلي مشنتف على ما أفضى إليه الاجتماع الذي عقد في مطرانية بيروت بأنه ليس لديه أي مشكلة حول أي اتفاق أو قرار «لأنني لا أبحث عن أي منصب أو مصلحة شخصية، بل المهم هو أن يكون النادي في أيدٍ أمينة لكي لا يضيع المجهود الذي قمنا به طوال الفترة الماضية، حيث هدفنا ترك الحكمة والضمانات كلها موجودة». وإذ كشف «الكابتن» أنه يدرس كل الخطوات، فهو أكد أنه لن يفعل أي شيء يضرّ بالنادي «لكن في الوقت عينه، ليس بإمكان أحد أن يفرض عليّ أي قرار إذا كنت غير مقتنع به». وأضاف: «لكن إذا أرادوا تغيير كل الذين أضروا بالنادي، عليهم إبعاد الطقم القديم كلّه وبينهم المدرب فؤاد أبو شقرا الذي لعب دوراً سلبياً».




شهوان للإشراف على الانتخابات

يتوقع أن تكلّف وزارة الشباب والرياضة الرئيس السابق للحكمة جورج شهوان للإشراف على الانتخابات التي يفترض أن يدعو إليها الحارس القضائي بعد شهر، على أن يفتح باب الترشيحات قبلها بحسب ما تقتضيه القوانين.