بين كلمتي نعم ولا، عاش رئيس انتر ميلانو ماسيمو موراتي الاشهر الاخيرة، لكن الرجل عرف في نهاية المطاف انه لم يعد يمكنه حمل «النيراتزوري» الى نفس المرتبة التي وضعه فيها عام 2010، عندما احرز ثلاثية تاريخية، ولا الى المرتبة التي رفعه اليها والده أنجيلو، حيث احرز الفريق بقيادته كأس الاندية الاوروبية البطلة مرتين خلال فترة رئاسته للنادي بين عامي 1955 و1968.
فعلاً سيكون غريباً على جمهور إنتر حول العالم عدم سماع نبأ عن وضع موراتي للمساته على صفقة ضخمة، فهو اقوى من اي مدرب مرّ في عهده، اذ إنه وضع لنفسه هالة تتسم بالديكتاتورية الفعالة، على اعتبار ان غالبية خياراته كانت صائبة، فلا يمكن اغفال انه كان وراء استقدام نجوم عظماء، وعلى رأسهم البرازيلي رونالدو، او مدربين اكفاء على صورة البرتغالي جوزيه مورينيو...
لذا يمكن القول إن الاموال قد تكون حاضرة بوفرة في عهد مالك النادي المقبل الإندونيسي إيريك ثوهير، لكن العصا السحرية التي أبرم من خلالها موراتي اضخم الصفقات سيأخذها معه الى منزله، فهو وان ابتعد سيحنّ يوماً الى العودة. وهذا الامر كان يمكن لمسه من خلال مماطلته في تسليم السلطة الى ثوهير، ثم من خلال موافقته على بيع 70% من اسهم النادي مقابل احتفاظه شخصياً بالـ 30% الاخرى. كما طَرح بقاءه رئيساً للفترة المقبلة او تسليم المنصب الى ابنه أنجيلو ماريو.
صعبٌ وصعبٌ جداً على موراتي الخروج من مكتبه في إنتر ميلانو، فهو رغم الضائقة المالية وعدم تمكنه من ايفاء النادي حقّه على الصعيد المادي، فقد رفض فكرة البيع جملة وتفصيلاً. الا ان عائلته ضغطت عليه بشدة للتخلي عن هذه «الشركة» التي أثّرت على «البيزنس» الخاص بها في الاعوام الاخيرة، وذلك تفادياً لتكبّد المزيد من الخسائر المرتقبة، تماماً على غرار ما حصل مع عائلة سنسي، التي رزحت تحت الديون الكبيرة بسبب نادي العاصمة الايطالية روما.
الا ان تأخر موراتي في اتخاذ قرار حاسم بسرعة بخصوص البيع أثّر على ناديه بطريقة سلبية الى ابعد الحدود، حيث كانت حركة إنتر خجولة جداً في سوق الانتقالات الصيفية، في الوقت الذي كان وصول ثوهير فيه لشراء الاسهم (70%) بـ 250 مليون يورو، ثم ضخ 150 مليون يورو لتسكير الديون وابرام بعض الصفقات، سيؤمن ميزانية محترمة للمدرب والتر ماتزاري، الذي لا يمكن تفسير قراره حتى الآن بترك نادٍ طموح مثل نابولي للانتقال الى آخر مترنح مثل إنتر، علماً ان لمساته كانت واضحة أمس في الفوز الساحق على ساسوولو 7-0.
صفقات إنتر التي قيل انها ستكون مؤثرة اقتصرت على لاعبين واعدين لا نجوم كبار، امثال الارجنتيني ماورو إيكاردي والجزائريين اسحق بلفوديل وسفير تايدر، وهم لاعبون يمكن القول انهم كانوا سيعانون لايجاد مكان لهم على مقاعد البدلاء في فترة ربيع إنتر - موراتي بالنظر الى مستواهم، الذي لا يمكن مقارنته بذاك الذي حمل البرتغالي لويس فيغو والكاميروني صامويل إيتو، وقبلهما كريستيان فييري، وغيرهم من النجوم الى «سان سيرو».
لكن هذه الصفقات وحجم الاموال التي صرفت فيها كان يمكن قراءتها على ان موراتي ينوي ايجاد مخرجٍ لترك هذا الهمّ، الذي يدعى إنتر ميلانو، لذا أحجم عن وضع ميزانية كبيرة في السوق الصيفية، تاركاً وعداً للجماهير بأن الكثير من المفاجآت ستكون في انتظارهم مطلع السنة الجديدة عند فتح باب السوق الشتوية.
عموماً أيقن موراتي انه رغم تضحياته المالية طوال 18 عاماً فان الجمهور لن يرحمه لهبوط مستوى إنتر وتحوّله فريقاً عادياً في ايطاليا، فالأزمة المالية التي ضربت اعمال العائلة أينما كان، وانسحاب الشركاء الداعمين الآخرين واحداً تلو الآخر، جعلاه يتأكد أنه لن يكون بمقدوره مجاراة اي نادٍ كبير في سوق العرض والطلب، وخصوصاً ان سقف الصفقات بدأ يلامس الـ 100 مليون يورو، كما ان إنتر لم يعد نادياً مرغوباً فيه للمستثمرين، اذ ان الرئيس السابق إرنستو بيلليغريني الذي باع النادي لموراتي عام 1995 حاول تأسيس مجلس داعمين لإبقاء الرئيس الحالي في منصبه، الا انه لم ينجح في مسعاه.
صحيحٌ ان إنتر ميلانو استفاد من ماسيمو موراتي اكثر من اي رئيس او لاعب او مدرب مرّ في تاريخه، الا انه اليوم يتحرر من سجن عاش فيه أقلّه في العامين الاخيرين، حيث فرضت الظروف على الرئيس تطبيق استراتيجية فاشلة دمّرت كل شيء بناه حتى عام المجد الكبير، أي عام 2010.
ماسيمو موراتي، سواء أحببته او بغضته، فانه لا يمكنك نسيان دخان سيجارته او قراراته الحديدية وذكائه الحاد. هو ببساطة جزء لا يتجزأ من تاريخ إنتر ميلانو.

يمكنكم متابعة شربل كريم عبر تويتر | @charbel_krayem




بانتظار الاتفاق النهائي

لا يفترض ان يتم الاعلان عن الاتفاق النهائي بين ماسيمو موراتي وإيريك ثوهير قبل ثلاثة اسابيع على أقل تقدير حيث لا تزال الاجتماعات جارية بين الرجلين ومحامييهما، وآخرها كان في العاصمة باريس حيث خرج موراتي ليقول ان الامور لم تحسم نهائياً حتى الآن، مبدياً حرصه على معرفة كل التفاصيل قبل تسليم ما يعتبره أمانة الى المالكين الجدد.