تبدو غالبية اندية الدرجة الاولى في كرة السلة جاهزة لتلقي مشروع التعديلات الذي تنتظره منذ اندلاع الازمة المعروفة التي اوقفت اللعبة. وبغض النظر عن الشكل الذي ستكون عليه التعديلات، فإن الاندية لم تجلس مكتوفة الايدي طوال هذه الفترة، فهي ايضاً كانت تفكر بالنقاط العريضة التي تخدم مصلحتها ومصلحة اللعبة، وهي ستكون حاضرة لعرضها اذا ما لزم الأمر، وخصوصاً ان المرحلة المقبلة تعتبر حاسمة لتوجيه مستقبل اللعبة نحو الافضل والتخلّص من كل الامراض التي اصابتها أخيراً.
وتنطلق بعض الاندية اليوم في الحديث عن التعديلات من مشروع وصل الى ايديها من قبل المرشّح لرئاسة الاتحاد بيار كاخيا، الذي كان قد طلب الى مدير الاتحاد السابق ميشال بيروتي اعداده. وتصف هذه الاندية المشروع بالمثالي لتطوير اللعبة من النواحي المختلفة، بدءاً من الدرجة الاولى ومروراً بالفئات العمرية ووصولاً الى بطولة السيدات.
ومن ابرز النقاط التي يلحظها هذا المشروع هي آلية التصويت في الجمعية العمومية، وتحديداً في الشق الانتخابي، الذي وصفه مصدر متابع بأنه يشبه في مكانٍ ما التعديلات التي أقرّها «الفيفا» في الاتحاد اللبناني لكرة القدم لناحية تحديد عدد الاصوات. لكن هذه النقطة قد لا تكون في مصلحة هذا المشروع في حال طرحه على الجمعية العمومية، حيث لن تكون كل الاندية راضية عنه، وخصوصاً تلك التي تنشط في الدرجات الدنيا.
الا ان نقاطاً اخرى تبدو قابلة للتطبيق والتطوير مثل تنظيم آلية عمل الاتحاد وبطولاته، اضافة الى تأليف لجان تبعد التجاذبات من خلال زرع اشخاص محايدين فيها، امثال لجنتي بطولة الدرجة الاولى والطعون.
ويعتبر راعي نادي بيبلوس نبيل حواط، الذي يُتوقّع ان يكون ناديه وجاره عمشيت، رأسَي الحربة في الدفع نحو القبول بهذا المشروع، ان ما يحمله اليوم بين يديه هو «مشروع حلم لكرة السلة اللبنانية، ونحن كنادي بيبلوس سنكون من الداعمين له ونتطلع لعرضه، لكن الانجاز سيكون اقراره في الجمعية العمومية».
ويضيف حواط: «ما يهمنا هو حماية الاندية وحقوقها، وتحديداً في ما يخصّ عقودها مع اللاعبين»، في اشارة منه الى ارتباط غالبية هؤلاء بعقودٍ يتحررون منها بسهولة تامة في احيانٍ كثيرة، اضافة الى حفظ حقوق حماية «الاستثمارات» في اللاعبين الناشئين الذين يعمل النادي على صقلهم.
وعموماً يفترض ان تحدّ التعديلات الجديدة من دور وكلاء اللاعبين، فتعطي اهمية اكبر للاندية في تعاقداتها، فيصبح حجم دوران الاموال بينها اكبر من سوق الوكلاء كما هو الحال عليه حالياً. كذلك، قد يكون هناك اتجاه لتحديد القيمة المالية للاعب المحلي حيث تتجاوز قيمة بعض اللاعبين ما يستحقونه فعلياً استناداً الى مستواهم، وقد تطرح مسألة وجود اجنبي ثالث بديل. أضف ان «لائحة نخبة» لدى السيدات قد تكون من النقاط البارزة ايضاً، وذلك لعدم تجمّع افضل اللاعبات في فريقٍ واحد، وبالتالي القضاء على المنافسة الحقيقية.
هذه التعديلات العصرية والثورية التي من شأنها نقل اللعبة نحو الاحتراف الفعلي، لفتت نظر رئيس النادي الرياضي هشام جارودي، الذي يتلاقى مع حواط في رأيه حولها عندما يقول: «لا نمانع تقديمها للجمعية العمومية، فالمشروع ممتاز، لكن ليس هناك احد مهتم حالياً بموضوع كرة السلة للتنسيق معه بل كل المسؤولين نائمين».
وستكون الفرصة سانحة امام الاندية لعرض تعديلاتها في مرحلة مقبلة، وذلك عندما يسلّمها الاتحاد مشروع التعديلات المرتقب لإبداء رأيها فيه خلال فترة شهر حيث ستتمكن من عرض اي مشروع موجود معها او طلب تعديل نقاطٍ معيّنة انطلاقاً من مشروعها.
ويبدو الفريق الناشط حالياً مرتاحاً للوصول الى حلول، وذلك وسط إدراكه بأن الفريق الآخر او صاحب القرار لم يعد سهلاً عليه التحكّم بالامور كما في السابق، وخصوصاً ان خطوات الفريق الجديد تبدو محسوبة مع استعانته بأشخاص من اصحاب الخبرة، ما يجعل موقفه قوياً بحسب مصدر يضطلع بدور فاعل في عملية الوصول الى حلّ، اذ يعتبر ان هذه الخطوات ليست استعداداً لأي معركة انتخابية «لأنه يستبعد نهائياً حصول هذا الامر لان الفريق الآخر بات يشعر بالتوازن بعدما تمّت دراسته استراتيجياً من النواحي المختلفة».
وعموماً، لا تبدو فكرة حصول اي معركة مطروحة حالياً، وخصوصاً بعد تشديد رئيس اللجنة الأولمبية جان همام على عدم حصولها، وهو سيكون بالتالي صمام أمان. وهذه المسألة (عدم حصول معركة) يشدد على اهميتها حواط الذي يرى ان «الوضع لا يحتمل شيئاً من هذا القبيل، فاذا لم نذهب الى التوافق يعني ان احداً لا يريد الحياة للعبة بعد الآن».
وبين حواط وجارودي يبدو الكلام مشتركاً في هذا الاطار، وفي صورة الرئيس المقبل حيث تحتاج الاندية الى رئيسٍِ يمكنه التواصل معها والاستماع الى احتياجاتها، فالمطلوب رئيس على علاقة طيّبة بها قبل اي شيء آخر.
وهذا الكلام سينقله رئيس النادي الرياضي الى مسؤول الرياضة في التيار الوطني الحرّ جهاد سلامة بعدما اتفقا على لقاء بينهما الاسبوع المقبل بعد عودة جاوردي من السفر، في خطوة وصفها بأنها «أخيرة على طريق الحل»، وهو اوضح انه تطرّق في اتصاله مع سلامة الى الاتفاق على وصول اتحاد جديد «تكون الاندية بمثابة ابنائه فعلاً، اذ ما حصل هو ان الأب ذهب الى أذيّة ابنائه عبر الدفع نحو وقف البطولة، ما كبّدنا خسائر لا تحصى على الصعيد المادي وعلى الصعيد الفني ايضاً محلياً وخارجياً». ويؤكد جارودي ان ردّ فعل سلامة كان ايجابياً تجاه ايجاد حلّ «فنحن نريد مصالحة شاملة لأن السؤال الذي يطرح نفسه حالياً هو: ما طبيعة هذا الخلاف الذي لا يمكن اصلاحه؟». ويتابع: «اصلاً ليس هناك خلاف بين الاندية الآن فهي كلها تعرف ان لا احد يستفيد من الوضع الراهن، وكلها تريد الوصول الى حلّ شامل، وكلّها تعمل على التنسيق في ما بينها حتى انني قمت بالابلاغ حول لقائي مع سلامة لانه اذا كان احدهم يملك وجهة نظر مطلوب نقلها فإننا سنكون سعيدين بالاقدام على هذه الخطوة».
اذاً، كرة السلة اللبنانية على ابواب اسبوع مهم قد يحمل في طياته بوادر حلول وصورة جديدة للعبة، حيث سيكون طرح التعديلات ثم العمل على تنقيحها والموافقة عليها مقدّمة لانعقاد الجمعية العمومية ونقل السلطة الى اتحاد جديد يمكنه ان يكون على حجم لعبة بدت اكبر منه بكثير في المرحلة الاخيرة التي لا يريد احد ان يعيشها مجدداً.

يمكنكم متابعة شربل كريم عبر تويتر | @charbel_krayem