بالتأكيد، كانت المفاجأة مدويّة لدى متابعي سوق الانتقالات الصيفية بانتقال النجم الألماني مسعود اوزيل في اللحظات الأخيرة الى أرسنال الانكليزي. فقبل كل شيء، أكد اللاعب نفسه بقاءه في ريال مدريد الاسباني، وأكثر فإن التوقعات كانت تشير في حال رحيله قبل تصريحه السالف إلى أن وجهته المحتملة ستكون مانشستر يونايتد. على أي الأحوال، وبغض النظر عن الاسباب التي أدت الى إخراج أوزيل من ريال مدريد، فإن الشاب الألماني بات لاعباً للنادي اللندني، وهذا الأهم حالياً.
في الواقع، إن أول ما يتبادر الى الذهن في صفقة أوزيل الى أرسنال هو الفرنسي أرسين فينغر؛ إذ إن إقدام هذا المدرب ذي التجربة الغنية على التعاقد مع نجم بحجم اوزيل يبيّن أن الرجل استجاب لمطالب الجماهير وغيّر سياسته المعتمدة في النادي اللندني. فما هو معروف للجميع أن المدرب الفرنسي يحبذ التعاقد مع المواهب الصغيرة ويعمل على صقلها وتطويرها لتصل الى مرتبة النجومية. لكن المعضلة كانت تتمثل في أن فينغر كان يستجيب لرغبة نجومه بالانتقال الى فرق أخرى. ظل أرسنال في الفترة السابقة عبارة عن فريق يصنّع النجوم ومن ثم يبيعهم، وعلى هذا المنوال كانت الخيبات تتوالى والفريق يتدحرج هبوطاً. لا شك في أن فينغر وصل الى اقتناع بأنه لا بد له من أن يسير على خطى باقي الفرق الأوروبية الكبرى. أن يدخل «اللعبة» اذا ما اراد الوصول الى القمة. فأن تمتلك فريقاً منافساً وقوياً لا بد أن تحصل على نجوم من الفئة الاولى، وبالتالي لا بد ان تصرف بكل ما اوتيت من قوة. من هنا، اولاً، جاء التعاقد مع اوزيل برقم قياسي في تاريخ أرسنال.
لكن لمَ أوزيل؟ فينغر لم يخف أنه كان يراقب منذ فترة صانع ألعاب ريال مدريد وقد وجد فيه ضالته لقيادة وسط «المدفعجية». صحيح ان أرسنال يمتلك لاعبين لهم شأن في وسط الميدان وفي مقدمهم الاسباني سانتي كازورلا، غير أنه يبدو واضحاً ان فينغر يبحث في أوزيل عن الهولندي دينيس بيرغكامب أو الفرنسي روبير بيريس. عن لاعب ساحر قادر على الابتكار وايصال الكرات بالشكل المطلوب الى المهاجمين. اذ لا بد من وجود لاعب خلاق يقود هذه المجموعة التي يعتمد جل لاعبيها على السرعة فقط.
الأمر الثالث الذي يلفت الانتباه في قدوم أوزيل الى لندن، هو تكريس انتقال فينغر الى المدرسة الألمانية التي أثبتت جدارتها وتطورها في السنوات الماضية من خلال جمعها بين المهارة والقوة في آن واحد، وهذا ما يحتاجه الدوري الانكليزي الممتاز تحديداً، حيث لم يخف الفرنسي في أكثر من مناسبة اعجابه بالكرة الألمانية ومنتخبها ومواهبها، اذ فضلاً عن بير ميرتساكر ولوكاس بودولسكي، يضم الفريق الثاني لـ«المدفعجية» في صفوفه ثلاث مواهب ألمانية هي: سيرج غنابري وتوماس ايسفيلد وغيديون زيلاليم.
لا شك في أن التعاقد مع لاعب بحجم اوزيل يعد بمثابة «ضربة معلم» من فينغر الذي «لعبها صح» هذه المرة. تعاقد يبدو انه سيفتح الأفق أمام مرحلة جديدة لأرسنال. مرحلة ستعيد التذكير بالفريق الأقوى على الساحة الانكليزية في الفترة التي حصد فيها «الغانرز» لقبيه الأخيرين (2002 و2004) بوجود نجوم كبيركامب والفرنسيين تييري هنري وباتريك فيييرا وروبير بيريس.