17 حزيران 2006. ملعب «كولون شتاديون» في ألمانيا. المناسبة: مباراة غانا وتشيكيا في دور المجموعات لكأس العالم. الساعة 19,45 بالتوقيت المحلي. غانا تفوز وتشيكيا تخسر وإسرائيل تحتفل! نعم، هذا ما حدث فعلاً في ذلك التاريخ، ولا تزال تلك الصورة الصادمة للعلم الإسرائيلي يحمله اللاعب الغاني جون بانتسيل، وهو يجوب الملعب محتفلاً، عالقة في أذهان كثيرين. معظم من شاهد المباراة عامذاك أيقن أن هذا الفعل ليس من تلقاء ذات هذا اللاعب، إذ عندما تطلّ إسرائيل برأسها سيكون حتمياً أن «قطبة مخفية» موجودة.
القطبة المخفية هذه كشف عنها بانتسيل نفسه في ما بعد عندما اعترف بأن جماهير نادي هابويل تل أبيب الذي كان يلعب له طلبوا منه رفع علم إسرائيل!
لقطة بانتسيل في 2006 لم تكن إلا البداية، إذ إن إسرائيل لم توفر جهداً لاحقاً لكي تستفيد الى أقصى الحدود من لعبة كرة القدم ونجومها في الترويج لصورتها.
أعطيت هذه النقطة أهمية في هذا الكيان على أعلى المستويات، وهذا الأمر بدا واضحاً وضوح الشمس من خلال إكثار الدعوات للنجوم والأندية الكبرى، وبطبيعة الحال لم تكن تلك الزيارات لتمرّ من دون أن يبصم عليها الرئيس الإسرائيلي، شيمون بيريز، من خلال التقاطه الصور التذكارية مع الضيوف، وفي ثوانٍ كانت الصحف والمواقع العبرية تتكفل بنقل هذه الصور إلى العالم، والهدف طبعاً إظهار أن الكيان العبري، الذي، للمفارقة، يمعن دوماً في تدمير الرياضة الفلسطينية عبر تقصد اعتقال رياضييها وقصف ملاعبها لقتل كل نبض حياة في قلب شبابها، هو «ملتقى الرياضيين والحضارات والثقافات».
هكذا إذاً، كانت تخرج علينا الصحف العبرية بين الفينة والأخرى مبرزة في صدر صفحاتها صوراً لفرق ونجوم يزورون الأراضي المحتلة. هنا على سبيل المثال «الظاهرة» البرازيلي رونالدو يلتقط الصور التذكارية مع بيريز وهو يحمل قميص منتخب إسرائيل. وهنا صورة المدرب الإسباني الشهير، جوسيب غوارديولا، وهو في زيارة لتل أبيب بدعوة من مطربة إسرائيلية عندما كان يشرف على برشلونة. وهنا تغطية لا مثيل لها لزيارة مدافع برشلونة جيرار بيكيه وصديقته المغنية الكولومبية شاكيرا للأراضي المحتلة حيث سبق هذا المدافع زملاءه الى اعتمار القلنسوة والوقوف عند حائط البراق. أما استثمار الدعاية في الكيان العبري من خلال صور هذه الزيارة فكان الى أقصى الحدود، حيث ظهر بيكيه وشاكيرا في لقطات الى جانب الجنود الإسرائيليين!
حسناً، ماذا لو أن فريقاً كبيراً لم يزر الأراضي المحتلة ولم يروّج للكيان الصهيوني؟ الحل يبدو سهلاً لدى الإسرائيليين: «نقصده بأنفسنا». هكذا، لم يتوان بيريز لدى زيارة له لإسبانيا عام 2011 عن الحلول ضيفاً على ملعب التدريبات الخاص بريال مدريد «فالديبيباس» حيث التقى اللاعبين، وبطبيعة الحال عاد مرافقوه الصحافيون من إسبانيا محمّلين بأقراص مدمجة تحمل العديد من الصور التذكارية الترويجية!
ماذا بعد؟ هل سأل أحدنا ما سر تكرار وجود علم إسرائيل المريب في المباريات الأوروبية الكبرى، وخصوصاً في «كلاسيكو» برشلونة وريال مدريد؟
كل هذا استطاعت إسرائيل أن تستثمره في الترويج لصورتها كـ«حمل وديع»، وما تمكنها من نيل حق استضافة كأس أوروبا للشباب هذه السنة سوى عينة واضحة على ذلك.
هكذا قبل فترة قريبة حل العديد من المنتخبات الكبرى في ضيافة الكيان العبري، وبطبيعة الحال أبرزت لنا الصحف والمواقع العبرية «تحفها» من تحقيق حول قميص المنتخب الألماني الذي حمل علم إسرائيل وعبارة «نشعر كأننا نلعب في أرضنا»، الى صورة الحارس الإسباني دافيد دي خيا بجانب العلم الإسرائيلي وغيرها!
... إنها الصورة مجدداً تفرض نفسها خلال زيارة برشلونة أمس للأراضي المحتلة. إنها الصورة الخادعة!