بالتأكيد، لم يصدّق جان - ماري دونغو ناظرَيه عندما كان يطالع صحف بلاده الصادرة أمس. لا شك في أن دونغو التقط أنفاسه وهو يقرأ تشكيلة منتخب الكاميرون لمواجهة الغابون في باريس في التاسع من الشهر المقبل. وعندما وصل الى خانة المهاجمين الذين استدعاهم مدرب المنتخب الوطني، الألماني فولكر فينكه، للمباراة المذكورة، توقّف به الزمن للحظات، مرّت الدقائق بطيئة وراح الشاب البالغ من العمر 18 عاماً يستذكر يوم كان يتابع أخبار مواطنه الشهير صامويل إيتو القادمة من أوروبا في صحف بلاده، ابتسم، وكادت دمعة أن تفر منه فرحاً، فها هو اسمه قد ورد للتو في تشكيلة الكاميرون، وأين؟ مباشرة بعد اسم إيتو مثله الأعلى.
بطبيعة الحال، كان التحاق دونغو بمنتخب بلاده أمراً محسوماً، ولو بعد حين، باعتباره أهم موهبة في الكاميرون حالياً، لكن أن يتم ذلك وإيتو في التشكيلة عينها فتلك رمزية لا شك في أنها تعني الكثير لهذا الشاب، تماماً كرمزية أن يدخل بديلاً للنجم الأرجنتيني ليونيل ميسي في مباراة برشلونة الإسباني الودية قبل أيام أمام فاليرينغا النروجي وأكثر أن يسجل هدفين.
هكذا، فقد عاش دونغو في الأيام الأخيرة وتحديداً منذ الأربعاء الماضي حلماً لم يكن يتوقعه، إذ إنه ارتدى للمرة الأولى قميص برشلونة بعدما تنقل في فئاته العمرية وذلك في الشوط الثاني من المباراة أمام بايرن ميونيخ الألماني على «كأس أولي هونيس»، ومن ثم دخل بديلاً لميسي أمام فاليرينغا، وكذلك فقد تم استدعاؤه الى منتخب الكاميرون للمرة الأولى، رغم قلة تجربته. والأهم أنه سيحظى بفرصة اللعب الى جانب مثله الأعلى إيتو، وهي فرصة نادرة مع اقتراب الأخير من الاعتزال.
يكفي للتعريف عن حجم موهبة دونغو الانطلاق من النهاية، إذ أن يلعب شاب مع الفريق الأول برشلونة وأن يُستدعى في الوقت عينه لمنتخب بلاده، وهو بالكاد قد بلغ الثامنة عشرة من عمره، فهذا يظهر أننا أمام موهبة تعد بالكثير مستقبلاً.
اما البداية، فقد كانت في دوالا الكاميرونية، هناك حيث ولد دونغو وتشرّب حب الكرة. منذ صغره، أظهر عن إمكانات كبيرة حيث التحق بمؤسسة صامويل إيتو التي تعنى بالناشئين، لتتاح بعدها الفرصة أمامه لكي ينتقل الى مدينة برشلونة، وتحديداً الى أكاديميتها الشهيرة «لا ماسيا»، عام 2008. دونغو، العاشق لإيتو والمعجب بالإنكليزي واين روني وبالعاجي ديدييه دروغبا، تنقل في الفئات العمرية لبرشلونة، حيث لفت الأنظار بشدة من خلال قدراته التهديفية وجمعه بين المهارة والسرعة اللتين يتميز بهما ميسي والقوة البدنية والتصميم اللذين اشتهر بهما إيتو، أضف الى قدرته على شغل أكثر من مركز إن كمهاجم صريح أو وهمي أو على الجناحين.
الآن، يبدو أن مرحلة جديدة قد بدأت لتوها في مسيرة دونغو بعد مشاركته مع الفريق الأول لبرشلونة واستدعائه الى منتخب الكاميرون. مرحلة يتوقع كثيرون، على نحو كبير، أن يصل فيها هذا الشاب الى مرتبة عالية في عالم اللعبة، إذ إن كل المعطيات تشير الى ذلك، انطلاقاً، قبل كل شيء، من موهبته الكبيرة التي تشغل مدينة برشلونة حالياً، حيث يوصف هناك بأنه خليفة مواطنه إيتو بعدما شُبِّه في بلاده بميسي، أضف إلى كون هذا الشاب من متخرجي مدرسة «لا ماسيا»، تلك المدرسة التي قدّمت لنا ميسي وشافي هرنانديز وأندريس إينييستا، ولا تزال تتحفنا في كل فترة بمواهب مذهلة.



ثقة بالنفس

لا يشبه جان - ماري دونغو مواطنه النجم صامويل إيتو من خلال الأداء فحسب، بل أيضاً من خلال قوة الشخصية والثقة العالية بالنفس، إذ إنه يقول في إحدى المرات: «أريد أن أفوز على الدوام. لا أكترث للخصوم وللنتيجة، أقاتل دائماً من أجل أن أفوز».