حوالى 35 لاعباً إسبانياً مروا على الدوري الإنكليزي الممتاز لكرة القدم. الرقم ليس صغيراً بالنسبة إلى لاعبين يملكون بطولة محلية تعدّ من الأقوى في العالم. هذا النزوح الإسباني تجاه بلاد «مهد كرة القدم» قد يكون مفاجئاً لكثيرين، ومنطقياً في الوقت عينه. وإن كان السبب الرئيسي بحسب ما يقول بعض اللاعبين لهذا التدفق هو أن «البريميير ليغ» يعدّ الدوري الأكثر تنافسية في العالم، لذا لا بد أن يكون السبب الاقتصادي أيضاً له دور أساسي في ذلك، والأكثر أهمية عدم وجود أزمة مالية خانقة، فالرواتب هناك هي الأعلى تقريباً بين معظم البطولات الأوروبية.
اسماء اسبانية باتت محط مديح وسائل الإعلام الإنكليزية في سوق الانتقالات الحالية بعدما سبقتها اسماء أخرى في الاعوام التي خلت. في المقابل، حالة قلق تسيطر على وسائل الإعلام الاسبانية وأندية كرة القدم جراء هذا النزوح. وأبرز ما خشيت منه الصحافة الرياضية هناك أن تتوسع هذه الظاهرة لتشمل عدداً أكبر من اللاعبين الناشئين وغير الناشئين الاسبان. ومن المفارقات الغريبة أن هناك أندية انكليزية تضم لاعبين إسباناً أكثر من الأندية الاسبانية نفسها، وقد حدث هذا بين ويغان اثلتيك وملقة الموسم الماضي.
قليلون من لم ينجحوا هناك، فقد أثبت اللاعبون الإسبان أنفسهم في ملاعب انكلترا، وكانوا عند حسن ظن مدربيهم والجماهير الإنكليزية. سيسك فابريغاس لاعب برشلونة كان من أهم اللاعبين الناشئين الذين رحلو من إسبانيا الى انكلترا في سنٍ صغيرة، إذ أغراه ناديه السابق أرسنال عام 2003 عندما كان في الـ 15 من عمره. وفي «استاد الإمارات» لمع ليصبح النجم الاول فى ارسنال طوال السنوات التي قضاها في صفوفه رغم وجود الفرنسي سمير نصري والهولندي روبن فان بيرسي وغيرهما. ومع هذا التعاقد حاول برشلونة إيقاف أرسنال عند حدّه عندما اراد الظفر بلاعبين آخرين، فرفع دعوة مدنية ضده في إحدى محاكم إسبانيا، لكن «المَدافع» لم تهدأ، حيث أوردت صحيفة «آس» الاسبانية أن أرسنال حاول ضم مهاجمين آخرين من برشلونة ومن ريال مدريد أبرزهم دانيال باريخو لاعب فريق الناشئين في النادي الملكي، الا أن الأخير فضّل فالنسيا.
كذلك، لاعب ريال مدريد شابي الونسو هو من أبرز اللاعبين الإسبان الذين تألقوا في انكلترا في صفوف ليفربول ليصبح من أكثر لاعبي خط الوسط تأثيراً في الكرة الأوروبية. هناك وطوال خمس سنوات قدّم أداءً لا يعلى عليه قاد فيه فريقه إلى الفوز بدوري ابطال أوروبا. ومنذ رحيله عن «الريدز» تراجع الفريق كثيراً ولم يجد ليفربول بديلاً له.

وفي نفس الفريق تألق الإسباني فرناندو توريس وبات من افضل الهدافين على مستوى العالم. ومع مغادرة المدير الفني الاسباني رافايل بينيتيز بدا مستوى توريس يشهد بعض التذبذب ليشتريه تشلسي بـ 50 مليون جنيه استرليني في فترة الانتقالات الشتوية، الا انه لم يسجل سوى 14 هدفاً في 76 مباراة فى الدوري وبدا مستواه محبطاً رغم أنه يمكن أن يفخر بفوزه ببطولة دوري الابطال وبكأس انكلترا خلال الفترة التي قضاها ولا يزال في «ستامفورد بريدج».
وعلى عكس توريس يُعدّ خوان ماتا نجماً متألقاً في صفوف تشلسي، فتمريراته الحاسمة كثيرة، وهو من اهم اللاعبين المبدعين في خط الوسط بين فرق الدوري الانكليزي على الاطلاق.
وفي مانشستر سيتي حقق دافيد سيلفا نجاحاً ملحوظاً وقدّم مردوداً رائعاً مكنه من حجز مكان له في المنتخب الإسباني.
ووضع الإسبان بصمتهم في مركز حراسة المرمى أيضاً من خلال بيبي راينا الذي كان حارس ليفربول، والذي فاز بلقب أحسن حارس مرمى في الدورى الانكليزي ثلاث مرات.
هؤلاء أصبحوا لاعبين مخضرمين، أما ما هو سائد في سوق الانتقالات الحالي والأخير فهو التعاقد مع اللاعبين الناشئين، كان أبرزهم حارس مانشتسر يونايتد دافيد دي خيا. وبعد دي خيا كرت سبحة الشبان المطلوبين في انكلترا.
ليفربول من أكثر الأندية وأقدمها التي سعت إلى ضم لاعبين إسبان. في المواسم السابقة ضمت ما لا يقل عن ستة لاعبين من أندية برشلونة واشبيلية وأتلتيك بلباو وريال مدريد، ابرزهم الناشئان دانيال باتشيكو وجيرارد برونا. والآن يسير مانشستر سيتي على الدرب نفسه. خيسوس نافاس وألفارو نيغريدو رحلا عن اشبيلية وحطا في الـ «سيتيزنس»، بينما التحق موهبة الفريق الثاني في برشلونة، جيرارد ديلوفو بإفرتون، كما انضم لاعب اسبانيول جوردي أمات (21 عاماً) إلى سوانسي سيتي، وهو الذي وصفته وسائل الإعلام بأنه العمود الفقري لجيل ذهبي يجمع تياغو الكانتارا ودي خيا. علماً أن سوانسي يضم في صفوفه الهداف الإسباني ميتشو، الذي لقي نصيبه من مدح الانكليز للأداء والاهداف المبهرة التي سجلها مع فريق عادي في الموسم الماضي، حيث دوّن اسمه في المراكز الأولى على لائحة ترتيب الهدافين.
الاسبان يتوجهون إلى انكلترا لأنهم يعلمون أن هناك ستتاح لهم أكثر من فرصة للعب. ولطالما دأبت الصحافة الرياضية على انتقاد الأندية الاسبانية لعدم منحها الفرص الكافية لناشئيها المحليين. ويبقى سر نجاح المواهب الإسبانية في الدوري الإنكليزي وجود مساحة أكبر للعب، على عكس طريقة اللعب الإسبانية التي ترتكز على المساحات الضيقة.
في إسبانيا يقولون إنه موقف يبعث على الإحباط الشديد. أصبحت الفرق تفضل شراء اللاعبين على الاحتفاظ بهم. يريدون أن يحدث تغير في العقليات، بحيث تبدأ الأندية الاسبانية في الاحتفاظ بلاعبيها الناشئين قبل أن تخطفهم إنكلترا.
كل هذا تنبأ ميتشو به قبل فترة، قائلاً إنه عاجلاً أم آجلاً سيأتي العديد من النجوم الإسبان الى الدوري الانكليزي. لكن، على الرغم من هذا التشاؤم، فإن هذا الهيجان من الفرق الانكليزية هو نتيجة ما قدمه المنتخب الإسباني أخيراً في كأس اوروبا للشباب التي احرز لقبها. جيل يراه كثيرون تكملة للمنتخب الأول، ويعد بالكثير. جيل سيقدم خارج بلاده أداءً تُرفع له القبعة، وسيكون استمرارية لمنتخب عالمي حقق 3 بطولات عالمية على التوالي.



من إسبانيا إلى إنكلترا | فابريغاس وسولدادو على الطريق؟

لا يتوقف طلب الأندية الإنكليزية على اللاعبين الناشئين في إسبانيا، بل إن اللاعبين أصحاب الخبرة مطلوبون أيضاً، إذ لا يزال مدرب مانشستر يونايتد الاسكوتلندي ديفيد مويز يؤكد تمسكه بالحصول على خدمات لاعب وسط برشلونة الإسباني، سيسك فابريغاس. وفي تصريحات أدلى بها من اليابان، حيث يقيم «الشياطين الحمر» معسكرهم حالياً للاستعداد للموسم الكروي الجديد، قال مويز إنه لن يتخلى عن التعاقد مع سيسك. ويأتي إصرار مويز على ضم سيسك، رغم أن برشلونة رفض حتى الآن عرضين تقدّم بهما يونايتد للتعاقد مع اللاعب، كان آخرهما مقابل 40 مليون يورو. ويبدو أن يونايتد مستعد لتقديم عرضٍ ثالث من أجل سيسك، ولا سيما أنه بحاجة إلى لاعب خط وسط، فيما يؤكد عدد من زملاء اللاعب في «البرسا» أنه لن يستمر مع الفريق الكاتالوني.
كذلك، وكما مويز، يصرّ البرتغالي أندريه فياش ــ بواش مدرب توتنهام هوتسبر على التعاقد مع مهاجم فالنسيا روبرتو سولدادو. وقال بواش من هونغ كونغ: «في الوقت الحالي، هو من بين اللاعبين الذين نهتمّ بضمّهم، ليس خافياً أننا نبحث عن مهاجم يؤمّن لنا المزيد من القوّة في العمق. روبرتو أحد اللاعبين الذين نلاحقهم، وسجلّه يتحدّث عنه، هو مهاجم كبير». وأشارت تقارير إنكليزية الى أن توتنهام سيضم الهداف مقابل 18 مليون جنيه استرليني.