«برشلونة سيبقى دائماً في قلبي»، بهذه الكلمات ودّع الإسباني جوسيب غوارديولا، مدرب بايرن ميونيخ الألماني، فريقه السابق برشلونة غداة رحيله عنه. بعد عام تقريباً، ها هو المدرب الذائع الصيت يشن هجوماً عنيفاً على النادي الكاتالوني، استدعى رداً من رئيس الأخير، ساندرو روسيل، ومدربه، تيتو فيلانوفا. غوارديولا لم يتوان عن القول بأن إدارة برشلونة «لم تتركه بسلام» منذ تركه الفريق وبأنها «استغلت مرض فيلانوفا» من أجل إلحاق الضرر به، طالباً منها تكذيبه إذا استطاعت ذلك، وهذا ما أثار «دهشة» روسيل و«امتعاض» فيلانوفا.
يبدو مفاجئاً لكثيرين طبعاً ما حصل بين «بيب» وإدارة برشلونة في الأيام الأخيرة، وذلك انطلاقاً قبل كل شيء من الارتباط الوثيق الذي كان يجمع بين الطرفين والنجاحات الخيالية التي تحققت لبرشلونة في حقبة غوارديولا واعتباره أفضل مدرب في تاريخه، أو استناداً الى شخصية الأخير الهادئة والرزينة، حيث لم يُعرف عنه دخوله في تجاذبات وحروب إعلامية مع أحد في الوسط الكروي على امتداده، حتى إن المدرب الشاب كان يميل الى التزام الصمت عند تعرضه لهجوم ما أو انتقاد، وهذا ما كشف عنه النجم السويدي زلاتان أبراهيموفيتش، مهاجم باريس سان جيرمان الفرنسي، بأن «بيب» لم يتحدث إليه طيلة 6 أشهر عندما كان الأول لاعباً لبرشلونة، وذلك تحاشياً لتفاقم المشاكل بينهما والتي كان يفتعلها «إيبرا».
إلا أن كلمات غوارديولا تبدو طبيعية، وحتى موفقة، وهي لا تُخرج الرجل من عباءة الرزانة والانضباط اللذين عرف بهما، بل لها بالطبع غايتها وأهدافها.
بطبيعة الحال، لا يمكن وضع هجوم غوارديولا على فريقه السابق في خانة تنفيس غضبه من الأخير، بعدما نجح في خطف النجم البرازيلي نيمار منه وخصوصاً بعدما كشف «بيب» أخيراً أنه حاول إقناع اللاعب بالتوقيع لبايرن ميونيخ، فكلمات غوارديولا تنطلق من حرص هذا المدرب القدير على إظهار روحية التفاني التي يتحلى بها في عمله، إذ صحيح أن بيب مدين بالكثير لبرشلونة وهو جزء أساسي في مسيرته كلاعب ومدرب، إلا أن الرجل يعيش الآن في مدينة ميونيخ ويدرب فريقها بايرن، لذا يمكن فهم كلمات غوارديولا بالدرجة الأولى بأنها إعلان ولاء خالص لا يشوبه أي شائبة تجاه النادي البافاري، أو بتعبير آخر: الماضي أصبح ذكرى، والحاضر والمستقبل هما الأساس الآن.
كان من الضروري على «بيب» أن يقوم بخطوة معينة ينزع من خلالها الصورة الراسخة في أذهان متابعي كرة القدم بأنه برشلوني الهوى والهوية حتى لو ارتدى بذلة التدريب الخاصة بأي ناد آخر، وهو ما حاصل الآن مع بايرن ميونيخ.
من جهة أخرى، فإن غوارديولا بكلماته هذه، باعتباره ممثلاً لبايرن ميونيخ، يؤكد أن حربه الأساسية كروياً ستكون مع برشلونة لتكريس زعامة البافاري الأوروبية، وأيضاً للرد على البعض الذين يعتبرون أن نجاح بيب كمدرب تحقق بالدرجة الأولى بسبب قوة برشلونة.
ما يبدو واضحاً أن فصولاً مشوّقة قادمة بين غوارديولا وبرشلونة، فالـ«معركة» بينهما فُتحت لتوّها.