لم يكن بايرن ميونيخ ليحقق أي لقب في الموسم الماضي حيث أحرز ثلاثية تاريخية، لولا خط وسطه الذي أكد جبروته عندما روّض ملوك منتصف الملعب، أي لاعبي برشلونة الاسباني، في الطريق الى التتويج بدوري أبطال اوروبا. من باستيان شفاينشتايغر الى طوني كروس والبرازيلي لويز غوستافو والاسباني خافي مارتينيز، مروراً بلاعبي الأجنحة الذين لعبوا حولهم، كان يمكن استنتاج أن الفريق البافاري أصبح يملك وسطاً قلّ نظيره يمكن أن يخدمه لسنواتٍ عدة، وخصوصاً أن غالبية لاعبي هذا الخط يمكنهم التنقّل في أي مركز. من هنا، كان مفاجئاًً أن يتعاقد المدرب الجديد الاسباني جوسيب غوارديولا أمس مع تياغو ألكانتارا لتعزيز خط الوسط، في الوقت الذي كان ينتظر فيه الكل أن يستقدم «بيب» قلب دفاع أو رأس حربة.
وفي قراءة لتشكيلة بايرن، وتحديداً في خط الوسط، تبدو الحاجة الى لاعبَين في المركزين المذكورين أعلاه أكثر من ملحّة، بينما لا يمكن اعتبار أن قدوم تياغو سيغيّر الكثير في الوسط من دون الانتقاص من القدرات الفنية لنجل بطل العالم البرازيلي مازينيو.
صحيحٌ ما قاله غوارديولا عن أن تياغو يمكنه أن يملأ أكثر من مركز، لكن بوجود شفاينشتايغر وكروس وغوستافو ومارتينيز في دائرة المنتصف يبدو هذا الأمر مؤمناً، بينما لا يمكن الذهاب الى اعتبار أن «بيب» سيسند الى مواطنه مركزاً على أحد الجناحين حيث من الصعب إزاحة الهولندي أريين روبن والفرنسي فرانك ريبيري، والدليل أن لاعباً ممتازاً مثل السويسري شيردان شاكيري لم يجد له مكاناً في التشكيلة الأساسية للفريق البافاري في الموسم الماضي.
وبالحديث عن التشكيلة الاساسية، فان تياغو يبحث في انتقاله الى «هوليوود الكرة الالمانية» عن مكانٍ فيها قبل بداية كل مباراة، وهي المسألة التي دفعته إلى الرحيل عن برشلونة. وعند هذه النقطة سيكون غوارديولا مجبراً على إحداث بعض التغييرات الفنية، أقلّها في المراكز، وهو أمر قد لا يروق بعض اللاعبين ويفقده السيطرة على مجموعته. ويمكن الإشارة هنا الى احتمال ذهاب غوارديولا الى إسناد مركزٍ في قلب الدفاع الى مارتينيز، وهو أمر مرجّح كونه لم يعمد الى ضمّ أي مدافع ليكون شريكاً للبرازيلي دانتي. إلا أن هذه المسألة لن تروق اللاعب الباسكي الذي يُقال إن أحد أسباب تركه لفريقه السابق أتلتيك بيلباو هو تكليفه باللعب مدافعاً، إضافة الى أنه وجد نفسه نجماً في خط الوسط حيث يعدّ من أصحاب الفضل في المسيرة الرائعة لبايرن الموسم الماضي.
كذلك، في موازاة استحالة قبول القيّمين على بايرن بإبعاد كروس عن التشكيلة الاساسية لأي سببٍ كان، وخصوصاً أن التشديد على إعطاء الأولوية للنجوم المحليين تبدو واضحة هناك، لن يجد تياغو مكاناً في مركزٍ متقدّم بعض الشيء، إذ إن المعطيات تشير الى نسخ غوارديولا لأسلوب لعب برشلونة عبر اعتماد ماريو غوتزه كرأس حربة مزيّف على غرار الارجنتيني ليونيل ميسي. وتزداد احتمالات اعتماد هذا الاسلوب مع عدم وجود أي نيّة بتعويض رحيل ماريو غوميز بمهاجمٍ آخر.
ببساطة، صحيح أن تياغو يملك إمكانيات فنية تجعل منه لاعباً مهماً للمستقبل، وهو الذي شقّ طريقه في سنٍّ صغيرة الى صفوف المنتخب الاسباني، لكنه لا يمكن أن يزيح أياً من لاعبي وسط بايرن حالياً عن مراكزهم، فهم يفوقونه خبرةً ومستوى، إضافة الى أن قدراتهم البدنية تتناسب مع الدوري الالماني بشكلٍ أكبر مقارنةً الى قامته ووضعه الجسماني.
يمكن فهم أن تياغو يبحث عن مخرجٍ ليصبح لاعباً أساسياً في فريقٍ كبير، لكن الأكيد أن هذا الفريق ليس البافاري، فإذا كان برشلونة قد حرقه فإن بايرن سيدفنه.