«ويمبلي ينادينا»، بهذه العبارة زيّن لاعبو بوروسيا دورتموند قمصانهم خلال الاحتفالات بتأهلهم إلى نهائي دوري أبطال أوروبا فور انتهاء مباراة الإياب أمام ريال مدريد الإسباني في نصف النهائي. فعندما يكون «ويمبلي» أرض الحدث، فلا شك أنّ الفرحة ستكون مضاعفة. كيف لا تكون كذلك؟ فهنا ثاني أكبر الملاعب في أوروبا بعد «كامب نو» في برشلونة، حيث تصل سعته إلى نحو 90 ألف متفرج. هنا التحفة المعمارية الرائعة بعد إعادة بنائه عام 2007 مكان الملعب القديم حيث كلف نحو 700 مليون جنيه إسترليني. هنا الملعب الذي رغم دخوله طور الحداثة لا يزال يحمل من خلال اسمه على الأقل عبق الماضي والذكريات الكروية الخالدة. هنا الملعب الذي قال عنه «ملك» الكرة البرازيلي، بيليه، ذات يوم جملته الشهيرة: «ويمبلي هو كاتدرائية كرة القدم. إنه عاصمة كرة القدم وقلب كرة القدم».
لكن لويمبلي، فضلاً عن كل ذلك، رمزية خاصة عند الألمان تحديداً. فأن يخوض بايرن ميونيخ وبوروسيا دورتموند الألمانيان النهائي في هذا الملعب التاريخي والواقع في قلب لندن، فإن هذا الأمر ليس بالقليل على الإطلاق، انطلاقاً من العداوة الأزلية كروياً بين الألمان والإنكليز التي انطلقت شرارتها عام 1966 في نهائي كأس العالم في ويمبلي القديم تحديداً عبر هدف جيف هورست الذي عدّه الألمان غير شرعي، وهذا ما أدى إلى خسارتهم، لتستكمل بعقدة الألمان للإنكليز في التسعينيات في مونديال 1990 في إيطاليا ومن ثم في نصف نهائي كأس أوروبا 1996، إلى الهزيمة التي لم ينسها الألمان أمام الإنكليز في ملعب «أوليمبيا شتاديون» في ميونيخ 1-5 في تصفيات مونديال 2002، إلى خسارة بايرن ميونيخ نفسه نهائي دوري أبطال أوروبا عام 1999 في الدقائق الأخيرة أمام مانشستر يونايتد 1-2، إلى هدف فرانك لامبارد الذي لم يحتسبه الحكم في الدور الثاني لمونديال 2010 والذي رأى الإنكليز أنه سبّب خسارتهم أمام الألمان، وصولاً إلى الخسارة الدراماتيكية لبايرن ميونيخ مجدداً أمام تشلسي في نهائي دوري أبطال أوروبا 2012 في «أليانز أرينا».
هذه العداوة في الملاعب كانت في كل مرة تنتقل إلى الصحف في البلدين، حيث لا يمكن، على سبيل المثال، وضع تهكم صحيفة «بيلد» قبل أيام على قميص منتخب إنكلترا الجديد، مشيرين إلى أنه «نسخة طبق الأصل» عن قميص منتخب ألمانيا عام 1974، إلا في هذا الإطار.
أكثر من ذلك، فإن للألمان ذكريات خاصة في «ويمبلي» أمام الإنكليز، فهنا حققوا آخر ألقابهم الكبرى، كما مرّ سابقاً عام 1996، بعد أن عبروا الإنكليز في نصف نهائي الـ«يورو» حيث لا تزال طريقة أندرياس مولر بالاحتفال التي سخر بها من أصحاب الأرض ماثلة في الأذهان عندما رفع رأسه مقلداً نجمهم وقتها بول غاسكوين، علماً بأن أحد أفضل اللاعبين الألمان، الذي كان حاضراً حينها، ماتياس زامر، سيكون موجوداً الليلة على دكة بدلاء بايرن ميونيخ، باعتباره مديره الرياضي. وهنا أيضاً هزموا الإنكليز ودياً 1-0 في 7 تشرين الأول عام 2000 في آخر مباراة على الملعب القديم حيث سجل التاريخ أن ديتمار هامان هو صاحب آخر هدف فيه. وهنا أيضاً، عادوا وألحقوا أول خسارة بأصحاب الأرض في «ويمبلي» الجديد 2-1 في 22 آب 2007.
كذلك، إن فوز بايرن ميونيخ باللقب الليلة في «ويمبلي» سيكون له رمزية خاصة بعد أن خسر اللقب في العام الماضي على ملعبه أمام فريق إنكليزي من لندن تحديداً هو تشلسي.
الليلة، يعود الألمان إلى «ويمبلي» مرة جديدة ليكتبوا تاريخاً مجيداً، لكن لسخرية القدر فإن الإنكليز سيكونون لا حول لهم ولا قوة؛ إذ سيكتفون بمشاهدة الألمان وهم يحتفلون في معقلهم التاريخي وسيصفقون لهم. يا لها من ليلة سيذكرها التاريخ حتماً!