شهد الأحد الماضي حدثين لافتين يتعلقان بنادي الرياضة والأدب الطرابلسي العريق، السفير الأول للشمال الذي تأسس عام 1929. الحدث الأول يتعلّق بفريق الشباب الذي كان من المفترض أن يلعب مع مضيفه العهد عند الساعة 10.30 صباحاً ضمن الأسبوع الـ 14 من دوري الشباب، لكن المباراة لم تُقم لعدم حضور الرياضة والأدب. وهذه ليست المرة الأولى التي يتغيّب فيها الفريق هذا الموسم، حيث غاب قبل ذلك عن لقاء مع الأهلي صيدا على ملعب عنقون.بعد ساعات على مباراة الشباب مع العهد، التي لم تقم، كان الفريق الأول لديه مباراة مع مضيفه التضامن صور ضمن الأسبوع الـ 14 من بطولة الدرجة الثانية عند الساعة 14.15. هذه المرة حضر الفريق إلا أن عدد لاعبيه كان سبعة فقط بدلاً من 18 لاعباً. ولم تكد تمرّ 10 دقائق على انطلاق المباراة وفيما النتيجة تشير الى تقدم التضامن 2 - 0 "أصيب" حارس الرياضة والأدب ولم يستطع اكمال المباراة، وبالتالي أصبح عدد لاعبي الفريق ستة وهو ما افقد المباراة نصابها القانوني.
حادثتان قد تكونان عاديتين بالنسبة لفريقٍ حديث، لكن أن تتعلق بنادٍ كالرياضة والأدب الذي لطالما ضم نجوم الكرة اللبنانية فهذا أمر يستحق الوقوف عنده، إزاء فريق تشعر أنه مهمل، حتى إن مدير النادي ولاعبه السابق بلال الصوفي لا يعلم موعد تمارينه غير المنتظمة.
أسماء كبيرة مرت على النادي كأيوب شاهين وعزام مبيّض ووليد قمر الدين (رئيس نادي طرابلس) وواصف الصوفي ونبيل عياد ومروان قمر الدين وبلال الصوفي وخلدون المصري وصلاح دلال، اضافة الى نجوم آخرين كأحمد قمر الدين (عضو الاتحاد اللبناني حالياً) وعادل بيسار (العضو السابق). لا شك في أن هؤلاء يتحسرون على ماضٍ جميل غاب وحضر واقع مرير أدى الى أن يتغيب فريق الشباب ويفقد الأول النصاب.
نادي الرياضة والأدب، الذي أسسه سهيل البغدادي وكان يحمل إسم نادي النسر الصغير، لطالما ارتبط بآل كرامي. من عبد الحميد كرامي أحد داعميه الأساسيين في الثلاثينيات، اذ ان كرامي كان يلجأ الى جمهور النادي لكي ينظّم تظاهرات ضد الفرنسيين، حيث كانت التجمعات والتظاهرات حينها ممنوعة، الا أن كرامي كان يخرج على رأس الجمهور بعد انتهاء المباراة ليهتفوا ضد الفرنسيين. واستمرت علاقة آل كرامي بنادي الرياضة والأدب عبر الشهيد رشيد كرامي وشقيقه الراحل عمر كرامي، ليستلم حالياً نجله فيصل كرامي مهمة تمويل النادي.
حادثتا يوم الأحد شرح أسبابهما مدير النادي بلال الصوفي، الذي رأى أن حافلة فريق الشباب تعطلت في طريقها الى ملعب العهد، فيما الغياب عن لقاء ملعب عنقون كان بسبب رفض أهالي اللاعبين إرسال لاعبيهم الى الجنوب نظراً للظروف الأمنية حينها. أمام اللقاء مع التضامن صور فإن الصوفي تعمّد خسارة فريقه بهذه الطريقة بعد الأحداث التي شهدتها مباراة الفريق مع الإخاء الأهلي عاليه في الأسبوع الماضي وحصول 8 لاعبين على بطاقات صفراء وإيقاف خمسة منهم، وبالتالي أصبحت المباراة هامشية لفريق يملك 14 نقطة ويحتاج الى فوزين من أصل 8 مباريات كي يضمن بقاءه في الدرجة الثانية. وبالتالي فإن توجّه سبعة لاعبين كان مقصوداً حفاظاً على اللاعبين الآخرين من البطاقات الصفراء وإيقافهم في مباريات حساسة، طالما أن النتيجة شبه محسومة مع التضامن المتصدر الذي لم يخسر هذا الموسم.
لكن لماذا وصل الرياضة والأدب الى ما وصل اليه، وخصوصاً أن شقيقيه طرابلس والإجتماعي، اللذين يدعمهما نجيب ميقاتي في حال أفضل بكثير؟
يشرح الصوفي واقع الفريق، مشيراً إلى أن الامكانات المادية ضعيفة، وهي تعتمد على نحو رئيسي على دعم فيصل كرامي، الذي يقدم الى النادي ما يقدر عليه، وخصوصاً أن واقعه المالي مختلف عن ميقاتي.
أضف الى ذلك أخطاء وقع فيها القيمون على النادي كما يقول الصوفي، مع تدخّل مستشار كرامي ياسر عبوشي وابعاده الصوفي وتسليم الفريق الى مجموعة أشخاص بهدف الانطلاق به الى مكان أبعد من الذي يعمل عليه الصوفي، بعكس رضى رئيس النادي نبيل قبيطر، فكانت الاستعانة بالمدرب محمد دياب وأشخاص آخرين.
لكن النتائج جاءت سلبية وخصوصاً بعد رفع رواتب اللاعبين والاعتماد على أكثر من 13 لاعبا معدل أعمارهم فوق الـ37 عاماً، اضافة الى مصاريف أخرى أرهقت صندوق النادي الذي كان فيه 600 مليون ليرة قبل ابتعاد الصوفي، جرى تأمينها من مساعدات الوزارة حين كان كرامي وزيراً، اضافة الى بيع قطعة أرض للنادي في أبو سمرا بقيمة 525 مليون ليرة. هذه الأرض التي كان من الصعوبة تحويلها الى ملعب نظراً لوجود عمود للتوتر العالي فيها.
ومع تراجع الفريق وصرف موازنة بقيمة 450 مليون ليرة من دون فائدة أعاد كرامي تسليم النادي للصوفي في الموسم الماضي، الذي اضطر الى الاستعانة بلاعبين من بيروت كجهاد نور الدين ومحمد الحاج وعلي فحص والحارس علي وهبة لتعويض ابعاد اللاعبين المتقدمين في العمر.
ومع موازنة ضئيلة قد لا تتجاوز الخمسين الف دولار (صرف منها حتى الآن 30 ألفاً) كان لا بد من تراجع نتائج النادي، علماً أن تحصيل 14 نقطة والبقاء في الدرجة الثانية بهذه الموازنة يعدان انجازاً. وهناك سعي من فيصل كرامي لتخصيص قطعة أرض جديدة في أبو سمرا لتنشأ ثلاثة ملاعب عليها (واحد كبير و2 صغار) تؤمّن مردوداً مالياً للفريق.